إيلاف من برلين: أصدرت جمعية السكري الألمانية كتاباً يتصدى للمشاكل الاجتماعية التي يواجهها من يعانون من داء السكري، وكذلك الاضطهاد غير المباشر الذي يتعرضون له في حياتهم اليومية. ويدعو الكتاب إلى مراعاة المصابين بهذا الداء في المجالات الطبية والتأمين الصحي والدراسة والتعليم وغيرها. كما يطالب بقانون عمل صحي جديد يستجيب للتقدم الحاصل في الطرق العلاجية الخاصة بالسكري.

ويستعرض الكتاب صعوبات الحصول على إجازة سياقة السيارة بالنسبة للمعانين من السكري-2، وحرمان أطفال السكري-1 من حصص الرياضة ومن بعض الدراسات التخصصية. وطبيعي لا يستطيع المعاني من السكري في ألمانيا التأمين على الحياة دون شروط معقدة. وواضح أن حرمان الاشخاص المصابين بالسكري اجتماعياً بهذا الشكل يؤدي بالنتيجة إلى حرمان اقتصادي.

وتحدث كتاب"الصحة الألمانية- السكري2017" عن"حرمان بأبعاد كبيرة" في العمل المهني والحياة اليومية للمعانين من أمراض اضطراب عملية الاستقلاب، وخصوصاً بين المعانين من داء السكري.

معاناة تبدأ من الطفولة

وينظر مؤلفو الكتاب بقلق إلى حرمان اطفال السكري-1 التي تبدأ عموماً في سن المدرسة، وأحياناً في سن الروضة، بسبب مضاعفات المرض المزمن. فهم محرومون من حصص الرياضة، وممنوعون من المشاركة في ألعاب الاطفال المشتركة التي تتطلب الحركة والتحدي، ومحرومون من المشاركة في الحركة الكشفية ورحلات التجول في الغابات، ويجري دائماً استثناؤهم من السفرات المدرسية.

وتتفاقم المشكلة بسبب جهل المعلمين النسبي بالمرض ومضاعفاته وعدم معرفتهم بحاجات التلاميذ الصغار. وعلى هذا الأساس يخشى المعلمون تحمل المضاعفات التي قد تنجم عن اشراك الأطفال السكريين في النشاط الرياضي. ويعتقد الخبراء ان معظم هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة وتعبر عن حرمان المجتمع للمصابين بالسكري من حقوقهم الاجتماعية والثقافية.&

ويقود هذا الحرمان لدى الأطفال في أحيان كثيرة إلى تخلي الأم عن عملها من أجل توفير الوقت لرعاية الطفل، ويؤدي هذا بالطبع إلى اضعاف مصادر العائلة المالية ويكرس المرأة للبيت والمطبخ. وإذا كانت بعض النساء يتلقين تعويضات مالية من الدولة لقاء رعايتهن الاب أو الأم المسنين، أو رعاية أخ معاق، فإن المرأة لا تتلقى في ألمانيا حتى الآن تعويضات مالية لقاء تفرغها لرعاية ابنها المريض بالسكري.

وتقود مشكلة "الطفل السكري" في البيت إلى عواقب اجتماعية أخرى منها "اهمال" الطفل الثاني في العائلة، ومشاكل المراهقة عندما ينمو الطفل، ومن ثم المشاكل المتعلقة بالزواج والحب وايجاد المهنة المناسبة له.

مشاكل العمل

ويعيش المعانون من السكري مختلف أنواع الحرمان في العمل، فهم محرومون من بعض الأعمال خشية أن يعرضوا أنفسهم إلى الخطر، أو تعريض الآخرين إلى الخطر. ويستخدم أرباب العمل تعليمات طبية قديمة، لم تحّدث حتى الآن في فرض شروط العمل على المصابين بالسكري.

ويرى الكتاب انه حان الوقت لتجديد شروط العمل الطبية بالنسبة لهؤلاء، وكتابة قانون عمل جديد يرتفع إلى مستوى الطرق الحديثة السائدة في علاج السكري. ويطالبون أيضاً بوقف التعامل مع كافة المعانين من السكري وفق شروط ثابتة، لأن المرض يختلف بين إنسان وآخر من ناحية الشدة والمضاعفات وغيرها. ويقع على وزارة الصحة الألمانية وشركات التأمين الصحي تحديد المهن الخطرة على الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض وتمييزها عن غيرها بوضوح.

ويذهب تقرير السكري 2017 إلى أن معظم المصابين بالسكري يعملون في مواقع عمل تقل عمّا يستحقونه، ويقل عن مستواهم الدراسي وإمكانياتهم، وينطبق هذا أيضاً على المرتبات الشهرية. فهم يتلقون راتباً يقل في المعدل عن راتب غير المصابين بالمرض من نفس التحصيل العلمي والكفاءة والخبرة.

اضطهاد في التقاعد والحصول على رخصة قيادة السيارة

وفي دراستهم لأحوال المصابين بالسكري في ألمانيا وجد الباحثون ان هؤلاء المرضى يتلقون تقاعداً اقل من غيرهم. وإذا كان قانون العمل يقر التقاعد المبكر للمعانين من عاهات وأمراض أخرى مزمنة، فانه يستثني المصابين بالسكري من هذا الحق في غالب الأحيان.

تثبت الدراسات الحديثة في ألمانيا ان المعانين من السكري يرتكبون حوادث سيارات اقل من غيرهم، لكنّ كثيرين منهم محرومون من إجازات السياقة بسبب الخشية من مضاعفات السكري على العين والأعصاب. ولا يزال القانون يحذر من "الصدمة السكرية" (انخفاض غلوكوز الدم الحاد) واحتمال تسببه بالحوادث، رغم ان كل مريض يعرف كيف يعالج هذه الحالة بقطعة شوكولاته صغيرة في جيبه. ويحرم المصاب بالسكري من إجازة قيادة السيارة، أو من تمديدها، فقط بسبب تقدمه بالسن ومعاناته من المرض، ودون الرجوع إلى تقرير طبي يؤكد صلاحياته للإجازة أم لا.

وطبيعي لا ينال العامل موقع عمل كسائق شاحنة صغيرة أو كبيرة بسبب معاناته من مضاعفات المرض المزعومة. وتتفاقم المشكة هنا عندما يكون المريض بحاجة إلى حقن الإنسولين. وادخلت وزارة النقل بعض التعديلات على امتحان سياقة السيارة في العام 2014، يراعي التقدم في علاج السكري، إلا ان هذه التعليمات توضع على الرف في كثير من الأحيان بسبب الخشية من الصدمة السكرية.

وهناك تمييز واضح في التأمين الصحي والتأمين على الحياة بالنسبة للمعاني من السكري، وخصوصاً عن تلقيه حقن الإنسولين. وتفرض معظم الشركات شروطاً قاسية، وتفرض اقساطاً شهرية عالية نظير توقيع عقد مع المريض. وترفض بعض شركات التأمين على الحياة توقيع عقد مع المريض إذا كان يتلقى أربع حقن انسولين في اليوم.

يرى الكتاب انه آن الأوان للتعامل بعدالة مع &مرضى السكري أسوة ببقية المعانين من الأمراض المزمنة، خصوصاً وان هذا المرض "الشعبي" يصيب 8 ملايين ألماني.&
&