حلب: اعلن الجيش السوري مساء الخميس استعادته السيطرة على كامل مدينة حلب، ثاني اهم المدن السورية، في انتصار يعد الاكبر لدمشق على الفصائل المعارضة منذ اندلاع النزاع في &العام 2011.

وجاء في بيان للجيش السوري "بفضل دماء شهدائنا الأبرار وبطولات وتضحيات قواتنا المسلحة الباسلة والقوات الرديفة والحليفة وصمود شعبنا الأبي، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عودة الأمن والأمان إلى مدينة حلب بعد تحريرها من الإرهاب والإرهابيين وخروج من تبقى منهم من المدينة".

ونقل مراسل فرانس برس في مدينة حلب سماعه اصوات طلقات نارية احتفالا بإعلان الجيش السوري.

ويأتي هذا الاعلان بعد دقائق من انتهاء عملية اجلاء عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين من آخر جيب كان تحت سيطرة الفصائل المعارضة في عملية تمت بموجب اتفاق روسي ايراني تركي بعد نحو شهر من هجوم عنيف شنه الجيش السوري على الاحياء الشرقية.

وأكد بيان الجيش ان "هذا الانتصار يشكل تحولاً استراتيجياً ومنعطفاً هاماً في الحرب على الإرهاب من جهة وضربة قاصمة للمشروع الإرهابي وداعميه من جهة أخرى"، مضيفا "كما أنه يؤكد قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه على حسم المعركة مع التنظيمات الإرهابية، ويؤسس لانطلاق مرحلة جديدة لدحر الإرهاب من جميع أراضي الجمهورية العربية السورية".

وتابع الجيش السوري في بيانه ان "هذا الإنجاز الكبير سيشكل حافزاً قوياً (للقوات المسلحة) لمتابعة تنفيذ مهامها الوطنية للقضاء على الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى كل شبر من أرض الوطن".

وشكلت مدينة حلب منذ العام 2012 مسرحا لمعارك عنيفة تسببت بمقتل آلاف من المدنيين وبدمار هائل في الابنية والبنى التحتية في شرق المدينة.

وباتت المدن الخمس الرئيسية في البلاد، حلب ودمشق وحمص وحماة واللاذقية، تحت سيطرة الحكومة السورية.&

وتشكل استعادة حلب تحولا جذريا في مسار الحرب في سوريا وتعد الانتصار الابرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعما سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا وابرزهم روسيا وايران.&

لكنها تشكل في المقابل ضربة قاسية بالنسبة الى المعارضة السورية التي سيكون من الصعب ان &تعوض خسائرها ميدانياً وسياسياً. كما انها تعد خسارة للدول الداعمة للمعارضة وتحديدا دول الخليج وتركيا ودول الغرب التي رأت فيها بديلاً محتملاً من النظام السوري.

انتصار لإيران وروسيا

واعتبر الرئيس السوري بشار الاسد في وقت سابق الخميس ان "تحرير حلب من الارهاب ليس انتصارا لسوريا فقط بل لكل من يسهم فعليا فى محاربة الارهاب وخاصة لايران وروسيا".

ولفت الى انه "في الوقت ذاته انتكاسة لكل الدول المعادية للشعب السوري والتي استخدمت الارهاب كوسيلة لتحقيق مصالحها".

وبدا المجتمع الدولي نتيجة العداء بين روسيا والقوى الغربية وتحديدا الولايات المتحدة، عاجزا عن القيام بأي خطوات لوضع حد للازمة الانسانية المأسوية التي شهدتها المدينة خصوصا خلال فترة حصار الاحياء الشرقية.

ومنذ تحول حركة الاحتجاجات في سوريا الى نزاع مسلح في العام 2012، باتت حلب ساحة معارك بين طرفي النزاع وانقسمت الى احياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة واخرى غربية تحت سلطة الجيش.

ومنذ ذلك الحين، باتت المدينة الجبهة الابرز في النزاع السوري والاكثر تضررا منه.

وبغطاء جوي من روسيا، التي بدأت حملة داعمة لدمشق اعتبارا من نهاية سبتمبر 2015، شنّ الجيش السوري خلال الفترة الماضية هجمات عدة على الاحياء الشرقية. وتمكن من فرض حصار مطبق عليها في يوليو الماضي ما فاقم معاناة سكانها.

وكان عدد سكان شرق حلب يقدر بـ250 الفا قبل بدء الجيش هجومه الاخير منتصف نوفمبر، والذي انتهى بسيطرته على كامل الاحياء الشرقية.

ودفعت المعارك الاخيرة عشرات الآلاف الى النزوح الى مناطق سيطرة الجيش في المدينة. وبعد تضييق الخناق على المقاتلين ومن تبقى من مدنيين محاصرين، تم التوصل الى اتفاق روسي ايراني تركي تم بموجبه اجلاء عشرات الآلاف باتجاه ريف حلب الغربي.

وشهدت حلب الخميس خروج آخر دفعة من مقاتلي المعارضة والمدنيين الراغبين باجلائهم.

واسفر الهجوم الاخير للجيش عن مقتل 465 مدنيا بينهم 62 طفلا في الاحياء الشرقية و142 آخرين، بينهم 42 طفلا، جراء قذائف الفصائل المعارضة للاحياء الغربية، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.

وبخسارتها حلب، باتت الفصائل المعارضة تسيطر بشكل رئيسي على محافظة ادلب (شمال غرب)، ومناطق متفرقة في محافظة حلب وريف دمشق وجنوب البلاد.

مفاتيح المفاوضات

ومع احصاء المناطق التي تتحالف فيها مع جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة)، تسيطر الفصائل حاليا على نحو 15 في المئة من الاراضي السورية وفق المرصد السوري.

ويقول الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن للابحاث فابريس بالانش ان الرئيس السوري بشار الاسد بحاجة الى هذا الانتصار لانه لن يكون رئيساً فعلياً من دون حلب.

ويوضح لفرانس برس "كان من الصعب عليه تولي زمام الامور في سوريا مستقبلا من دون ثاني مدنها، وبالتالي بامكانه من خلال هذا الانتصار ان يقدم نفسه على انه رئيس سوريا بكاملها".

وتضع استعادة حلب النظام السوري على طريق تحقيق هدفه باستعادة كل المناطق الخارجة عن سيطرته.

ويرى محللون انه بات بإمكانه ان يمسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد فشل ثلاث جولات من المحادثات غير المباشرة السنة الحالية باشراف الامم المتحدة.&