دبي: أكد الدكتور علي بن تميم، المدير العام لشركة أبوظبي للإعلام أن الأخلاق الهدَّامة تفضي إلى انهيار الحضارة، وتنشر التعصُّب والجهل والانحراف الفكري، بينما يؤدي ترسيخ القيم الأخلاقية إلى التقدم والازدهار والبناء، وهو ما يجعل تدريسها في المراحل التعليمية المختلفة ضرورة ملحَّة في هذا العصر، لأنها باتت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتعزيز الهوية وتنمية الروح الوطنية.

واستعرض أهمية التربية الأخلاقية عبر التاريخ من خلال تجارب الأمم السابقة التي كان لها إسهامها في الحضارات البشرية المختلفة، ولهذا أفرد لها الفلاسفة والمفكرون وعلماء الاجتماع في الغرب حيزاً واسعاً في مؤلفاتهم وأفكارهم، كما شكَّلت محور اهتمام علماء العرب والمسلمين وفلاسفتهم عبر العصور، وقد شكَّل البعد الأخلاقي لدى مفكِّري المسلمين المعاصرين، مثل محمد عبده وشكيب أرسلان، وغيرهما من رواد النهضة الإسلامية الحديثة، مجال اهتمام كبير، حيث ركَّز هؤلاء على تدريس الأخلاق، وإبراز دورها في بناء العقل وتعزيز الفضائل، كما شكَّلت مدخلاً للدعوة إلى توحيد الأديان. وهو الدور نفسه الذي تنبَّهت إليه الدول المتقدِّمة المعاصرة، مثل اليابان وسنغافورة وفرنسا وغيرها؛ فانتقلت بالأخلاق من مرحلة التدريس الاختياري إلى التدريس الإلزامي.
&
بناء الأمم

وأضاف بن تميم خلال محاضرة نظَّمها "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" بعنوان "التربية الأخلاقية أساس بناء الأمم"، وحضرها وزير التربية والتعليم الإماراتي حسين إبراهيم الحمادي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ظلت أكثر وعياً بأهمية تنمية الجانب الأخلاقي لدى المواطن، وهو ما يعكس الشخصية الإماراتية الضاربة بجذورها في التاريخ الثقافي العربي الذي يَعُدُّ الأخلاق ركيزة أساسية للشخصية العربية الأصيلة. مشيرا إلى أن الأدوار المتعدِّدة التي تقوم بها الجهات المختلفة داخل دولة الإمارات لتعزيز الأخلاق، خلال المرحلة الحالية، من شأنها أن تقدِّم النموذج الرائد إلى العالم.

واستعرض دور التربية الأخلاقية في بناء الأمم والحضارات، وهو الدور الذي استوعبته قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها عام 1971، حيث عمل الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على بناء المجتمع والدولة الإماراتية على أسس أخلاقيَّة صلبة جعلت منها نموذجاً حضارياً وسلوكياً يتجسَّد في شخصية المواطن الإماراتي، الذي يتميز بسلوكه المتسامح وتربيته الأخلاقية المتميزة، وبعده عن التطرُّف والغلو.
&
المناهج الدراسية والسلوك المجتمعي

وأشار الدكتور بن تميم إلى أن مبادرة التربية الأخلاقية، التي طرحها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسيتم بموجبها دمج مادة التربية الأخلاقية في المناهج الدراسية، إنما تنبع من الرؤية العميقة والحرص المستمر على تنمية السلوك المجتمعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجعله نموذجاً حضارياً رائداً، وهو جهد يعكس الفهم العميق لدور الأخلاق في نهضة الأمم بصفتها ركيزة أساسيَّة من ركائز الحضارة، فالقيم الأخلاقية تلعب دوراً بارزاً في التغلُّب على التعقيدات والتحديات التي تواجهها المجتمعات المعاصرة، وبصفة خاصة قطاع الشباب، تلك التحديات التي يُعَدُّ الفكر المتطرف والتعصب والإرهاب من أبرز معالمها في وقتنا الراهن.

وأشاد بدور الأسرة الإماراتية والمدرسة وكلِّ المؤسسات الثقافية الأخرى، مثل مشروع "كلمة"، ووسائل الإعلام المختلفة، في نشر قيم الأخلاق والتسامح، مطالباً بالمزيد من الجهد في هذا الإطار كي تظل دولة الإمارات العربية المتحدة النموذج الرائد في العالم في هذا المجال.