بدا عام 2016 داكنًا سينمائيًا، سواء من خلال المهرجانات التي خلت من الأفلام الجيدة، أو من حيث صالات السينما التي يبدو أنها لم تعرض عملًا قادرًا على إستقطاب الجمهور بشكلٍ واسع. هنا نضع أمام القارئ أفضل 10 أفلام عرضت خلال 2016. &

يوسف يلدا – سيدني: نيكولاس فيندينغ ريفن، جيم جارموش، كوينتين تارانتينو تلك هي أسماء بعض من المخرجين الذين حاولوا تجميل وجه 2016سينمائيًا، الذي بالكاد سيعلق في أذهاننا. &

في نهاية كل عام يتم إختيار أفضل الأشرطة السينمائية المعروضة على مدار السنة. وقد تباينت أفلام 2016 في شكلها ومحتواها ما بين البحارة، والجنود، والعازبين، والمتزوجين. ولكن، يبقى العام السينمائي الحالي خاليًا من أي فيلمٍ يمكن أن يقال عنه بالإجماع إنه تحفة، أو طفرة نوعية في الصناعة السينمائية. إليكم قائمة بأفضل عشرة أعمال سينمائية عرضت خلال العام 2016.

10. Spotlight

&لقطة من فيلم (سبوتلايت)

&

في عام 2001، ومع تسلم مدير جديد لإدارة صحيفة (بوسطن غلوب)، يتم توجيه فريق التحقيقات لمتابعة قضية الإعتداءات الجنسية التي وقعت في الكنيسة الكاثوليكية في المدينة.&

في بادئ الأمر بدا وكأن التحقيق سيدور حول القس الوحيد الذي إتهُم بتحرشه بالأطفال، غير أن القضية أخذت منحى آخر، لتتحول إلى فضيحة كبيرة داخل المنظمة، بعدما تم التوصل إلى أن كبار رجال الكنيسة هم الذين يتسترون على حالات الإساءة إلى الأطفال. وقد نال فريق التحقيق في (بوسطن غلوب) جائزة بوليتزر في عام 2003.

لقد كان عرض فيلم "سبوت لايت" بداية سينمائية طيبة لعام 2016، حيث يبتعد الفيلم عن الأفلام النمطية الغارقة في المشاعر والعواطف الجياشة، ليعرض الحقائق لا غيرها، غنية بالمعلومات. ومن دون اللجوء إلى المؤثرات البصرية أو المظاهر البراقة، تحوّل "سبوت لايت" إلى فيلم مفعم بالإثارة والتشويق. إضافة إلى إعتماده على طاقم تمثيلي من الصف الأول، مثل مايكل كيتون، ومارك روفالو، وراتشيل مكادامز، الذي إتّصف بالبساطة والعفوية في أداء شخصيات الفيلم.&

9. A QuietPassion

سينثيا نيكسون في لقطة من الفيلم

&

إيميلي ديكنسون، التي تؤدي دورها في الفيلم الممثلة سينثيا نيكسون، كانت إمرأة غامضة، سبقت زمنها، لكنها واجهت صعوبات جمّة للإتصال بالعالم المحيط بها. وبعد وفاتها، غدت ديكنسون واحدة من أكثر الشاعرات أهمية في الأدب الأميركي، غير أنها إنعزلت عن الآخرين، وأمضت جزءًا كبيرًا من حياتها سجينة بيتها حتى يوم وفاتها، بسبب مرض إلتهاب الكلية.

مجرد ورود اسم المخرج تيرنس ديفيز في بطاقة (عاطفة هادئة)، يمنح رصيدًا قويًا للفيلم. فقد عُرف عن هذا المخرج إهتمامه بعالم الأدب الذي يوظفه في أشرطته الفيلمية رغم قلتها. إذ نادرًا ما نجد قيام المخرج بتصوير ما يعتلج في أعماقنا بدرجة عالية من الخبرة والجمالية، لكن المخرج البريطاني، المولع بتجسيد العلاقات والمشاكل الأسرية والتوغل فيها، إستطاع في هذا الفيلم أن ينقل إلى الشاشة الكبيرة الكثير من شعر ديكنسون دون تحذلق أو تصنّع.

تقوم الممثلة سينثيا نيكسون بتجسيد دور الشاعرة إيميلي ديكنسون، بينما تلعب جينيفر إيهل شخصية فيني ديكنسون، إضافة إلى كيث كارادين الذي يؤدي دور الأب إدوارد ديكنسون.&

8. Mustang
&

لقطة من فيلم (موستانج)

&

تدور أحداث فيلم (الخيول البرية) أو (موستانج) حول خمس شقيقات يتامى يعشن في قرية تركية صغيرة مع جدتهن. في أحد الأيام، وبعد عودتهن من المدرسة يقررن اللعب على شاطئ البحر مع بعض الفتيان من عمرهن، لكن أهل القرية الكبار في السن لم يرقهم تصرفهن، لتبدأ الإتهامات بالتمرد والإنحراف تلصق بهن، ومن ثم تطالب الجدة بالسيطرة عليهن وضبط تصرفاتهن غير اللائقة.&

منذ تلك اللحظات تترك الشقيقات الخمس حياة الطفولة خلفهن، وينغلقن على أنفسهن في البيت بانتظار اليوم الذي يأتي فيه أحدهم طالبًا الزواج بهن.

يتميّز فيلم (موستانج) بجمالية موسومة بأجواء حزينة، ينقبض القلب مع توالي أحداثه التي تدفع الواحد منا إلى أن يتذكر قساوة اللحظة التي يود فيها أن يحقق حلمًا ما، لكن الظروف المحيطة به تقف حائلًا أمامه. إنه فيلم عن الشباب الذي يبحث عن الفرح، لكن تقاليد المجتمع تعمل على وأده، رغم بزوغ الأمل في كل الأوقات.

هذا الفيلم الذي إضطلعت بمهمة كتابة السناريو له وإخراجه، السينمائية التركية دنيز غامزي أرغيفين، شارك في العديد من المهرجانات والمسابقات السينمائية العالمية، حاصدًا مجموعة من الجوائز الفنية الدولية.&

7. Saul fia(Son of Saul)

&من فيلم (إبن شاؤول)

&

شاؤول أسلاندر (جيزا روهريج)، هو اسم المعتقل، من أصل هنغاري، في معسكر النازية أوشفيتزبيركينو خلال الحرب العالمية الثانية. يقوم شاؤول، في كل يوم، بإخلاء جثث المقتولين في غرف الغاز، ووضعهم في المحارق، ومن ثم جمع رمادهم.&

لكن كل شيء ينقلب رأسًا على عقب، بعد أن يحمل شاؤول جثة صبي، ويكتشف أنها تعود إلى ابنه. ويحاول منذ تلك اللحظة أن يحضّر لولده مراسم دفن مناسبة، إلى حدٍّ ما، حتى لو كانت بصورة رمزية، ليسترد بذلك كرامة الإنسان التي إنتزعتها النازية منه.

يعود المخرج الهنغاري لازلو نيمس مرة أخرى ليغوص في أعماق رعب الهولوكوست، وإنحطاط القيم الإنسانية في صورة معسكرات الإعتقال النازية، وليسرد المأساة اليومية في صورة الإنسان الذي يبحث عن أبسط ما يمكن أن يشعر من خلاله بأنه من صنف البشر، حتى لو كان من خلال ممارسة طقوس الدفن.

كتب قصة فيلم (إبن شاؤول)، الحاصل على جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم غير ناطق بالإنكليزية للعام 2016، لازلو نيميس وكلارا روير، بينما شارك في بطولته كل من أوس ريشين، وتود شارمونا، وجيزا روهريج، ولافيتي مولنار. &

6. Arrival
&

إيمي آدامز في لقطة من فيلم (وصول)



في اليوم الذي حطُّت فيه الكائنات الفضائية على الأرض، في العديد من دول العالم، دخل الهلع وساد الشك لدى النظام العالمي. ما الهدف من زيارتهم؟، ماذا يريدون منا؟، هل أتوا من أجل السلام؟، ومن أجل التواصل مع الزوّار الجدد وفك رموز لغتهم يقع الإختيار على عالمة اللغات لويس بانكس (إيمي آدامز).

إستطاع المخرج الكندي دينيس فيلينوف أن يبرز كواحد من أفضل المخرجين خلال العقد الأخير، كما تشهد على ذلك أشرطته الفلمية التي صنعها في السنوات القليلة الماضية، مثل (الحريق) 2010، الذي رشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، و(سجناء) 2013، و(عدو) 2013.&

وعبر فيلمه الأخير (وصول) يكون فيلينوف قد طرق باب أفلام الخيال العلمي. وهذا الفيلم لا يقتصر على إبهار المتفرج بمؤثراته المرئية فقط، بل يولي أهمية خاصة لدور اللغة في التواصل في ما بين الكائنات البشرية، وفك رموز اللغات الأخرى ومفاهيمها، ومن ثمّ، الإحاطة بالواقع الذي يحيط بنا.

إستند الفيلم إلى قصة (ستوريز أوف يور لايف آند أذرز) للكاتب تيد شيانغ، الصادرة في عام 2002، والتي تدور حول وصول كائنات غريبة إلى الأرض، تتحدث بلغة خاصة بها، الأمر الذي يتطلب الإستعانة بعالمة لغوية وعالم فيزياء.

5. Toni Erdmann

&ساندرا هولر في (توني إردمان)

&

إنيس (ساندرا هولير)، إمرأة عصرية تحب مواكبة الحياة، وتهتم بمسيرتها المهنية كخبيرة إستشارية، تضطر بسبب الوظيفة العمل في بوخارست. ليس لديها الوقت الكافي للأمور الحياتية الأخرى، ولا حتى لوالدها وينفريد (بيتر سيمونيسشك)، المقيم في ألمانيا، والذي نادرًا ما تراه.&

وإثر وفاة كلب الأب، يقرر الأخير زيارة ابنته في بوخارست. وبعد بضعة أيام من التعايش المشوب بالغرابة في ما بينهما، يرفض وينفريد العودة إلى حيث يعيش في ألمانيا. ومع شعره المستعار، وطقم أسنانه الصناعية، يبدأ بتقليد توني إردمان، مدربته الروحية، وملاحقة إنيس في كل مكان، كي تدرك أن عليها تغيير أسلوب حياتها.

يعد (توني إردمان) فيلم الكوميديا الغريب لعام 2016. وقد إستطاعت المخرجة الألمانية مارين أدين أن تنجز شريطًا كوميديًا فريدًا من نوعه يستند إلى نصٍ صلد وأداء راقٍ لبطلي الفيلم. وهذا الشريط السينمائي الألماني – النمساوي يعكس مشاكل الحياة العصرية الناتجة جراء العمل، والإندفاع السريع، والخوف من الفشل، وشبح النجاح المهني الذي يطارد الفرد في أيامنا هذه، وتحديدًا العوائق التي تواجه المرأة اليوم مع إنخراطها في عالم يهيمن عليه الرجل.

إضطلعت مارين أدين إلى جانب الإخراج، بمهمة كتابة النص السينمائي وتقاسم الإنتاج. وكان فيلم (توني إردمان) قد شارك في مهرجان (كان) السينمائي 2016. وتم ترشيحه لاحقًا للمنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي في الدورة 89 لجوائز الأوسكار.


4. The Hateful Eight
&

&لقطة من فيلم (الحاقدون الثمانية)

في نهاية القرن التاسع عشر، يسافر العسكري السابق ماركيس وارن (صاموئيل ل. جاكسون) في عربته، وفي خضم عاصفة ثلجية، متوجهًا إلى مدينة ريد روك، من أجل تسليم جثث بعض الهاربين سعيًا منه إلى الحصول على المكافأة التي خصصتها الدولة لمن يلقي القبض على الفارين من وجه العدالة.&

وفي منتصف الطريق يلتقي بجون روث ( كيرت راسل)، صائد جوائز آخر يبحث عن المكافأة، وبرفقته هاربة أخرى، ديزي دوميرغي (جينيفر جيسون). وبسبب من رداءة الجو يضطر الجميع للمكوث بمنزل في طريقهم، ويصادف أن يواجه هؤلاء مجموعة غريبة من الأشخاص. وعلى شاكلة روايات أغاثا كريستي، تبدأ لعبة التخمين في معرفة هوية كل فرد من الأفراد الثمانية الموجودين، وماذا يريد كل واحد منهم، ومن هو الأخير الذي سيلقي حتفه.

يعود تارانتينو، بعد غياب، تاركاً في عمله السينمائي الأخير ذات البصمات التي تميّزت به أفلامه السابقة، حيث الجريمة والقتل والمشاهد الدموية، التي يضفي عليها جمالية وكوميديا لا تتوافر لدى معظم المخرجين. ورغم تكرار أسماء الممثلين في أشرطة تارانتينو الفلمية، إلاّ أنه في هذه المرة إستعان ببعض الأسماء القديمة في التمثيل، وكذلك الجديدة في فيلمه هذا، أمثال جينيفر جيسون لي، وديميان بيشير، وكيرت راسل، وبروس ديرن، إضافة إلى نجوم أفلامه السابقة، مثل تيم روث، ومايكل مادسن، وصموئل ل. جاكسون. &


3. Youth
&

مايكل كين في لقطة من فيلم (شباب)

&

(شباب) فيلم إيطالي من إخراج وسيناريو باولو سورينتينو، ومن بطولة مايكل كين، وهو ثاني عمل سينمائي ناطق بالإنكليزية للمخرج الإيطالي، وأحدث أفلامه بعد (الجمال العظيم) الفائز في 2014 بجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. ويشارك في تجسيد أدوار الفيلم أيضًا، كل من راشيل وايز، وبول دانو، وجين فوندا، وهارفي كيتل.

تدور أحداث فيلم (شباب) حول فريد بالنجر، قائد أوركسترا متقاعد يذهب في عطلة برفقة ابنته (راشل وايز) إلى منتجع صحي في جبال الألب في سويسرا، حيث يلتقي فيه الأغنياء من كل مكان. وهناك تصله دعوة من الملكة إيزابيل الثانية لقيادة عمل أوركسترالي بمناسبة عيد ميلاد الأمير فيليب. ويقيم في الفندق أيضًا، مايك (هارفي كيتل)، صديق فريد المفضل، مخرج سينمائي يأمل في إنجاز شريط فيلمي متميّز يتمكن من خلاله إستعادة مجده السينمائي.

إستطاع باولو سورينتينو في فيلمه (شباب) أن يحافظ على رؤيته الفنية التي كان قد جسّدها في فيلمه السابق (الجمال العظيم). وعمل أيضًا على الحفاظ على فلسفته التأملية عن الزمن، والإرث، والنسيان، والوحدة.

&
2. Paterson
&

آدم درايفر في فيلم (باترسون)

&

يعمل باترسون (آدم درايفر) بصفة سائق حافلة يتجول بمركبته في شوارع وأحياء مدينة باترسون (نيو جيرسي)، وفي وقت فراغه ينهمك في كتابة الشعر المستوحى من الحياة اليومية. ويكمن مصدر إلهامه في الأحاديث التي تدور في الحانات، وحياته الزوجية اليومية (أدّت دور الزوجة الممثلة الإيرانية غولشفته فرحاني)، والأماكن المظلمة والمفعمة بالحيوية، والأخرى المفرحة التي تدعو إلى التفاؤل.

قوبل فيلم (باترسون) للمخرج الأميركي جيم جاموش بترحاب حار من النقاد السينمائيين. وهو عبارة عن قصيدة تميل إلى البساطة، تحيل أمور الحياة غير العادية إلى عادية جدًا، وتمت عملية تصويره بإسلوب شفاف، بحثًا عن الشعر في بنيته وعمقه، من دون اللجوء إلى التكلّف في شكله.

يمثل فيلم (باترسون) دعوة إلى التشبث بالحياة، والسعادة التي يمكن أن نجدها حتى في خضم مشاكلنا، وإلى تأمل الأشياء بحكمة، من دون التوقف عند الهموم الحياتية اليومية، وبروح مرحة. &

1. The Neon Demon

إيل فانينج في (ذا نيون ديمون)


&جيسي (إيل فانينج)، فتاة شابة ويتيمة تنتقل إلى لوس أنجلوس من أجل بناء مستقبلها كعارضة أزياء في أجواء غارقة بالدماء والرعب. هناك تنفتح أمامها الأبواب التي تؤدي بها إلى الأضواء والشهرة. مع ذلك، تكون في إنتظارها في الجانب الآخر من هذا النجاح، حياة مظلمة، وفي بعض الأحيان، دموية.

يقدم المخرج الدنماركي فيندينغ ريفن لوس أنجلوس في صورة المدينة الحضرية المغرورة، والمشوهة للشباب المتحمس، ولجمال مجتمع متآكل. في المقابل، تجسّد فانينج النقاء، والعفوية، والجمال الطبيعي، من دون تصنّع، والتي تنتهي مسمومة من المحيط الوضيع الذي تعيش فيه.&

أثار فيلم (ذا نيون ديمون) إستهجان النقاد والجمهور لدى عرضه في مهرجان (كان) السينمائي، بسبب من مشاهد الدم والرعب التي تخللته، رغم محاولة المخرج الدفاع عن السبب في إنجاز فيلمه بتلك الصورة المثيرة لمشاعر المتفرج الذي كان يتوقع أن يشاهد فيلمًا مختلفًا، مع وجود الممثلة الحسناء إيل فانينج والنجم كينو ريفز ضمن طاقم الفيلم.