عبّرت مجموعتان من المشاركين في استفتاء "إيلاف" الأسبوعي، حول المستفيد من توقف أو تأجيل معركة مدينة الموصل العراقية الشمالية، عن موقفين متقاربين من الموضوع، حيث رأتا أن أي توقف يفيد طرفي المعركة: تنظيم داعش الذي يحتل المدينة، والقوات العراقية، التي تقاتله لتحريرها من قبضته، وإن كان التنظيم الأكثر استفادة، بحسب أكثرية بسيطة.

إيلاف: شارك في الاستفتاء 1652 قارئًا أجابوا خلاله على سؤال الاستفتاء "تأجيل معركة الموصل يصبّ في صالح: داعش.. أو الجيش العراقي.. أم إنه ليس في صالح أي أحد، حيث تنوعت الآراء حول خيارات السؤال.

التوقف أو التأجيل في مصلحة داعش
وقد رأت غالبية بسيطة من القرّاء، بلغ عددها 767، شكلت نسبتها 46 بالمائة من مجموع العدد الكلي للمشاركين في الاستفتاء، أن أي تأجيل أو توقف لمعركة الموصل يصبّ في مصلحة تنظيم داعش، الذي يحتل المدينة منذ يونيو عام 2014.

ومن الواضح أن موقف هذه المجموعة ينطلق من خشية استغلال تنظيم داعش لأي توقف في تعزيز استحكاماته الدفاعية واتخاذ مزيد من المدنيين دروعًا بشرية يحتمي خلفهم، وتوسيع عمليات تفجيره للمفخخات، لعرقلة تقدم القوات العراقية، وتكليف العراق المزيد من أعباء الحرب، إضافة إلى إطالة معاناة مئات الآلاف من النازحين عن مناطقهم، ويعيشون في مخيمات، وسط ظروف إنسانية ومناخية سيئة.

لذلك، فقد أعلن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية أخيرًا عن إعادة النظر في جميع خطط معركة الموصل بسبب مواجهة قواته لمصاعب في التوغل في مناطق الموصل، بسبب استخدام تنظيم داعش للمفخخات والقناصة بشكل مكثف.

.. وفي صالح القوات العراقية&
لكن مجموعة أخرى أقل من القراء بلغ عددها 741 مستفتيًا، وشكلت نسبتها 45 بالمائة من مجموع العدد الكلي، رأت أن أي تأجيل أو توقف لمعركة الموصل يصبّ في صالح القوات العراقية.

من الواضح أن هذه المجموعة بنت موقفها على أن أي تباطؤ أو توقف وتأجيل لمعركة الموصل يصبّ في مصلحة القوات العراقية المتفوقة عدة وعددًا على مسلحي التنظيم داعش، نظرًا إلى أنها تستطيع من خلال ذلك تطهير المناطق التي تمكنت من تحريرها قرب المدينة وداخلها بشكل كامل من أي جيوب لهم.. وتعزيز قدراتها بقطعات عسكرية جديدة، إضافة إلى تكثيف الطيران العراقي ومعه طيران التحالف الدولي لغاراته ضد مواقع وقوات داعش داخل المدينة، الأمر الذي يضعف قدراته العسكرية.&

وقال قائد عسكري أميركي أمس إن القوات الأميركية التي تساعد القوات العراقية على استعادة مدينة الموصل تقوم بعملية اندماج مكثف معها في تحرك قد يسرع وتيرة المعركة المستمرة منذ شهرين، والتي تباطأت أخيرًا بعد تقدم سريع في البداية.

وأشار الكولونيل في الجيش الأميركي بريت جي. سيلفيا قائلًا "نقوم بتعزيز اندماجنا معهم.. نوسع ذلك ليشمل المزيد من التشكيلات العراقية المتقدمة.. بعض التشكيلات التي لم نتشارك معها في الماضي نشترك معها الآن". وأضاف سيلفيا الذي يقود قوة من 1700 جندي، وصفها بأنها "العمود الفقري" لقوات التحالف البرية، إن مستوى الاندماج يشبه فرق عمليات خاصة صغيرة تندمج مع قوات محلية أكبر حجمًا للمساعدة على تعزيز قدراتها.&

وعبّر سيلفيا عن اعتقاده بأن العملية تقترب من "نقطة تحول" في الجانب الشرقي من المدينة، حيث تقدمت القوات العراقية في أكثر من عشرين من أحيائها منذ أن توغلت فيها قبل أكثر من شهرين.&

.. لا أحد مستفيدًا من توقف أو تأجيل معركة الموصل
رغم العدد القليل من القراء، الذين رأوا أن تأجيل أو توقف المعركة لا يصبّ في مصلحة أي من طرفي القتال، إلا أنه من الواضح أن موقفهم قد اعتمد على حقائق تشهدها ساحة المعارك هناك، فإعادة القوات العراقية لخططها العسكرية قبل نحو عشرة أيام كان أمرًا لا بد منه بعد الخسائر التي منيت بها، حيث إن ثلاثة أفواج من أصل 13 تتشكل منها قوات مكافحة الإرهاب منيت بخسائر، ما استدعى سحب ما تبقى منها لإعادة هيكلتها.&

وقد اقترح الجانب الأميركي تنفيذ عمليات إنزال جوي في عدد من الأحياء التي يسيطر عليها تنظيم داعش في شرق الموصل وغربها، لكن القيادات الميدانية العراقية رفضت هذا المقترح، خشية تعرّض هذه القوات لخسائر إضافية. ولذلك فإنه من المتوقع أن تشهد المرحلة الثانية من معركة الموصل، والتي هي على الأبواب، مشاركة واسعة لقوات أميركية، لا سيما في سلاح المدفعية لتوفير دعم أكبر للقوات البرية العراقية.

وقد عزت بعض الجهات العراقية توقف العمليات في الموصل أخيرًا إلى الأحوال الجوية التي تشهدها الموصل من أمطار وبرودة في عدم بدء المرحلة الثانية من المعركة، التي تهدف إلى الوصول إلى نهر دجلة، أي السيطرة الكاملة على شرق المدينة.&

كما عزت جهات أخرى السبب في توقف العمليات إلى أن تقدم القوات العراقية أخذ بالتضاؤل مع وصول القوات العراقية إلى وسط الجزء الشرقي من الموصل، وهو ما يتطلب الدفع بقوات كبيرة لتأمين الأحياء التي تم انتزاعها من التنظيم، والتقدم باتجاه السيطرة على أحياء جديدة.

يذكر أن القوات العراقية المشتركة وبمساندة طيران الجيش والتحالف الدولي تواصل منذ 17 من أكتوبر الماضي عملية استعادة الموصل من قبضة تنظيم داعش، وهي ثاني أكبر مدن العراق بعد العاصمة بغداد، وأكبر مدينة تقع حاليًا في قبضة تنظيم داعش في العراق، وكانت أولى المدن التي سيطر عليها التنظيم في صيف عام 2014 قبل أن يجتاح شمال البلاد وغربها.&

وبدأت الحكومة العراقية في مايو الماضي في الدفع بحشود عسكرية قرب الموصل ضمن خطط لاستعادة السيطرة عليها من التنظيم، مؤكدة أنها ستحرر المدينة من التنظيم قبل حلول نهاية العام الحالي 2016، لكنّ قادة عسكريين أشاروا أخيرًا إلى أن معركتها قد تطول شهرين آخرين.


&