«إيلاف» من لندن: كشف معارض سوري في تصريحات خاصة لـ «إيلاف» عما يجري في كواليس التحضيرات لاجتماعات يتم الإعداد لعقدها قريباً بين المعارضة والنظام، وعن الخلافات بين الدول لجهة استثناء عدة أطراف، وقال من جانب آخر أن العالم مكره على قبول بشار الأسد رغم تدميره سوريا وتشريد سكانها لأنهم يعتبرونه "أفضل الموجود حاليا".

واعتبر علي الحاج حسين المعارض والإعلامي السوري أنه "جرّاء تعاضد بطش النظام وتجار الثورة، تم استنزاف مقدرات السوريين من معارض وموال وجعلتهم أسرى التجمهر حول مناحي لقمة العيش مقابل شرط الانخراط والدخول في مستنقعات الممولين.. الأمر الذي رفضه الكثير من السوريين الصامتين على الضفتين. فالثورة لم تقم بهدف تنصيب أو توزير هذا أو ذاك، بل قامت بمطالب العدالة والمساواة والحياة المدنية الكريمة، وبالتالي لا تنتهي الثورة بمجرد استسلام وجه السحارة وعودتهم الميمونة إلى حضن الوطن"

‎وأضاف في تصريحات لـ "إيلاف" حول الواقع الجديد بعد ما جرى في حلب أنه "لا شك أنه هناك مساع حثيثة كي تستكمل الثورة مسيرتها بآليات جديدة وبأقل الخسائر". وقال: "ستكنس حركة التحرير الشعبية النظام ومخلفاته من معارضات لا تعرف أن تتفق سوى على الموائد.. حين تنتقل الثورة إلى مرحلة "حركة كفاح تحرري وطني شعبي" على غرار حرب العصابات الأهلية وليس التشكيلات والكتائب العسكرية التقليدية للجيوش". واعتبر أن العالم كله اليوم مكره على قبول بشار الأسد ليس كحاكم كفوء لبلد دمر نصفه وهجّر سكانه ليحكم من بقي فيه، بل كأفضل الموجود، ولا شك العالم الحر لن يعارض سعي السوريين& لاستبداله بخير منه".على حد قوله.

المفاوضات

‎ورأى الحاج حسين أن "‎حمى سوق المفاوضات الجارية في هذه الأيام ليست لاجتراح حلول دائمة بل" لإدارة الأزمة فحسب، لأن رعاتها أصلا غير متفقين وبينهم ما صنع الحداد. وليس الخلاف بين روسيا وأنقرة وطهران على الأطراف المشاركة في الحوار فحسب، بل ويتعداه لحسابات الربح والخسارة من نتائج المحادثات وإلى أي بر ترسو سفينة الحوار السورية، وما سيتمخض عنها من نتائج".

‎وأضاف: أن الهدف المعلن لاجتماع أستانة هو وقف شامل لإطلاق النار، مستثنى منه كل من داعش وجبهة النصرة، ووضع الحل السياسي على السكة وفقا لقرار 2254 لمجلس الأمن. ‎ولمشاركة تركيا ثمنها حيث جاء اعتراف موسكو بقوات "قسد" واستبعاد الأكراد منفردين من طاولة الحوار، ولأنقرة طلبات معلقة مثل تصنيف ميليشيات حزب الله والحشد الشعبي بجانب جبهة النصرة وداعش. لكن تغيير موقف موسكو لم يُرض كلا من طهران ودمشق، لذا كان هناك سعي لاستثناء الهيئة التفاوضية العليا التي تطالب أنقرة بحضورها."

‎وفي المجمل تسعى روسيا لوضع الخطوط العريضة لأي اتفاق بما يخدم مصالحها السياسية، خصوصا كما يشير "بعد أن فرضت نفسها كلاعب عسكري أساسي في سوريا، واتضح دورها هذا من سلسلة مؤتمرات موسكو1 و2 و3 الخ. والآن يأتي دور الآستانة تمهيدا لحجزها مكانا مريحا لدى اجتماعها مع الأطراف المعنية في جنيف في فبراير القادم. وقال: "الفطيرة السورية لم تنضج بعد وليس هناك من يستعجل حلها من هذه الأطراف قبل أن يتبين حصته.. وسيتبع جنيف "جنيفات" والحبل على الجرار. ".

مشاركة المعارضة في الأستانة

‎وأكد الحاج حسين أنه لم "تفلح محاولات ما يسمى "أصدقاء الشعب السوري" بتوفير دعوة لفرد من الهيئة التفاوضية، حيث اشترط الطرف الروسي حضور أي فرد من واجهة تشكيلات المعارضة أن يكون باسمه الشخصي، وليس هناك ممانعة من مشاركة رياض حجاب بوصفه معارضاً، لا منسقاً لهيئة تفاوضية". وأضاف: "بشكل ساخر "لعل معارضينا يحافظون على بقية ماء الوجه ويستغنون عن مخصصات فنادق الآستانة خصوصا بهذا الفصل القارس.".

هل انتهت الثورة؟

‎وقال حسين، في محاولة تفسير لما حدث، "أن تشكيلات المعارضة أضاعت الفرص وتصر على البقاء في الواجهة وخلال أربعين سنة من الاستبداد صنع النظام شرخا بين مكونات المجتمع السوري وخلق جو عدم الثقة بينها باستمرار لسهولة قيادة مجتمع متناحر ومع قيام الثورة سلط الإعلام الضوء على بعض الجهلاء الذين نادوا بثورة هدفها تمكين جماعتها واسترقاق الآخرين، وهذه أول هدية لنظام الأسد المتستر بجلباب العلمانية على أنه حامي الأقليات. الأمر الذي ساهم بتعميق الشرخ المذهبي والديني والاثني بين المكونات."

‎و شدد على أنه لن يعجز السوريون عن أيجاد مظلة سياسية تجترح شرعيتها من الحاضنة الشعبية وليس من خارج الحدود.

هوية جامعة

‎وأوضح أنه على مدار خمس سنوات مضت، دأب الرأي العام السوري على مطالبة مكونات المعارضة بكافة أشكالها بالتوحد والعمل المشترك، فلم يرض بعضهم بأقل من الكل. اليوم هناك مساع حثيثة من المعارضة المحلية على الأرض بالتعاون مع جميع السوريين المعنيين بالتغيير أينما كانوا لتتجاوز الجسم المهترئ لتشكيلات مناضلي الفنادق، إذ لا بد من توحيد صفوفها لاستكمال مهام وأهداف الثورة.

‎وطرح فكرة أنه لا يمكنك أن تطلب من شريكك الذي تعده بالاسترقاق أن يساهم معك في الثورة على الاستبداد، وضرب مثلا "داعش تجبي الجزية من مسيحيي الرقة مثلا.. إذن لا بد من التأكيد على الهوية الوطنية الجامعة للسوريين من خلال عقد اجتماعي وطني..".

‎وقال لكي تنتصر أي ثورة يلزمها حلفاء لا مشغلين، وتضع تحقيق أهدافها متوافقا مع احترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتنأى بعيدا عن الإرهاب بكافة مكوناته، لتظهر رسالتها السامية في حماية الحريات وصيانة كرامة الإنسان، وبناء دولة المؤسسات المدنية.

‎واستطرد : "بعيدا عن العنتريات وتوريط الناس بتزييف الحقائق للناس لنعترف "أن أحياء حلب المحاصرة سقطت بيد إيران ومليشيات الأسد وكذلك كانت قبلها القصير والزبداني وحمص رغم رمزيتها الكبيرة، لكن بالفعل سقطت الأحياء المحاصرة في حلب وانتصر الزحف الجوي والأرضي على من بقي من مدنيين عزل أغلبهم نساء وأطفال. في ظل غياب تام للأمن والسلطة بادر بعضهم وجمع من حوله بضع "قبضايات" ونصب نفسه أميرا عليهم وأغلبهم سرق ونهب وفرض الإتاوات على أهلها كما تفعل الشبيحة والميليشيات الإيرانية، أما المحاربين الذين أُخرجوا فما كان بالأصل عليهم أن يدخلوا بين المدنيين حين استولوا على بضع أحياء فقيرة من مدينة خرجت عن السيطرة الرسمية وأسسوا فيها إماراتهم المتناحرة"..

‎ولفت الى أنه بالأصل فان دخول المسلحين للمدن خطأ فادح أرادوا به الإكثار من الدم في سوريا.. والمعارضة لا تملك جيشا تقارع به جيش، "فهناك الاستراتيجية السحرية التي لم تخسر أبدا في التاريخ، كما سطرها أبطال أمريكا اللاتينية وثوار فيتنام ، بضع أفراد يربكون جيشا نظاميا.. بضع أفراد يرابطون خارج المدن.. وتتغنى برجولتهم وشجاعتهم الحسناوات، ولا يغتصبون الحرائر ولا يسرقون مؤونة الأهالي. وفي النتيجة صار واضحا للجميع أن النظام وبعض الشخصيات من واجهة التشكيلات المعارضة شركاء بالهولوكوست السوري.".