أصدرت صحيفة "السفير" اللبنانية الواسعة الانتشار في لبنان والعالم العربي، السبت، عددها الأخير، وأعلنت توقفها عن الصدور الورقي والالكتروني، جراء مصاعب مالية بعد 42 عامًا على تأسيسها، وفي وقت تتفاقم فيه أزمة الإعلام في لبنان.

إيلاف: عنونت الجريدة التي تأسست في العام 1974 قبل سنة واحدة من بدء الحرب الأهلية (1975-1990) حاملة شعار "صوت الذين لا صوت لهم"، صفحتها الأولى من عددها الأخير "الوطن.. بلا السفير".&

وربطت احتجابها عن الصدور بالأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان والمنطقة. وأضافت "تعبت السفير، لكنها ترفض أن تكون المثال، خصوصًا أنها ترى في أفق المهنة بعض النور. إذ لا يعقل أن يبقى الظلام المخيّم على المنطقة والبلد جاثمًا على صدرها وزميلاتها لوقت طويل".

أزمة تمويل
وأبلغت الصحيفة موظفيها أنها ستدفع كامل مستحقاتهم المادية في منتصف الشهر المقبل تزامنًا مع نشرها إعلانًا على القنوات التلفزيونية تظهر مؤسسها ورئيس تحريرها طلال سلمان وهو يطفئ الضوء داخل مكتبه ويخرج منه، قبل أن يضيء المصباح وحده مجددًا داخل المكتب مع عبارة "عالطريق".

تعود أزمة الصحافة خصوصًا إلى الجمود السياسي الذي شهده لبنان خلال أكثر من عامين ونصف عام، وتراجع التمويل الداخلي والعربي، بحسب ما يؤكد اختصاصيون وصحافيون.

وكانت السفير اتخذت في شهر مارس قرارًا بالتوقف عن الصدور، لتتراجع عنه، وتقرر خفض عدد صفحاتها من 18 إلى 12، قبل أن تتخذ قرارًا جديدًا بالإقفال النهائي قبل أسابيع.

استقطبت السفير، التي عرفت منذ تأسيسها بتأييدها للقومية العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية خلال فترة الحرب الأهلية، استقطبت عددًا كبيرًا من الكتاب والنقاد والصحافيين على مر السنوات، بينهم الشاعر الفلسطيني محمود درويش والشاعر السوري أدونيس. كما إلتصق اسمها لفترة طويلة باسم رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي.&

كانت الصحيفة خلال السنوات الأخيرة قريبة من حزب الله اللبناني ودمشق، وتجاهر بمناهضة سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة. وتعاني وسائل إعلامية أخرى في لبنان من الأزمة نفسها، ما دفعها إلى الاستغناء عن صحافيين وموظفين يعملون فيها منذ عقود.

النهار تقاوم
وتعاني صحيفة "النهار" الأعرق في لبنان (تأسست العام 1933) والتي يمكن اعتبار سياستها على طرف نقيض من "السفير"، من أزمة مالية كبرى، وكذلك صحف ومحطات تلفزة، بينها مؤسسات تابعة لرئيس الحكومة سعد الحريري.

وطلبت "النهار" الجمعة في كتاب خطي من أكثر من أربعين موظفًا بين كاتب ومحرر ومراسل ومخرج أخيرًا "الامتناع عن الحضور" إلى مكاتبهم بدءًا من مطلع يناير بانتظار "معالجة الأزمة المالية" التي تعاني منها، وفق ما قال أحد العاملين في الصحيفة لفرانس برس.

جاء في نهاية الكتاب الموقع من رئيسة مجلس إدارة النهار نايلة تويني "التأكيد على أن هذا الكتاب لا يعتبر أو يفسر بمثابة صرفكم من العمل". ولم يتقاض موظفو النهار أي رواتب منذ 15 شهرًا، وتم خلال الأسبوع الماضي تسديد راتب شهر واحد فقط.

ووصفت نقابة محرري الصحافة الجمعة ما تشهده الصحافة المكتوبة بـ"أزمة وطنية كبرى ينبغي للدولة التصدي لها.. نظرًا إلى خطورتها وتداعياتها، وإيجاد الحلول الناجعة لها".