اكد مواطنون من سكان مدينة الفلوجة تفاقم الوضع المعيشي نتيجة حصار القوات المسلحة العراقية لها من الخارج وتنظيم داعش من الداخل، مشيرين الى حدوث وفيات يومية بسبب نقص المواد الغذائية والطبية، موضحين ان عناصر مسلحة نشطت في المدينة تقود عمليات اغتيال لعناصر داعش بالاسلحة الكاتمة والطعن بالسكاكين، فيما اشار البعض الى ان الناس تخشى الخروج من المدينة حتى وان توفرت لهم ممرات آمنة بسبب القصف والقنص والاعتقالات.
&
عبد الجبار العتابي من بغداد: منذ نحو اسبوع و"ايلاف" تحاول جمع المعلومات عن مدينة الفلوجة من داخلها وما يحدث فيها وكيف يعيش السكان هناك على الرغم من خطورة ذلك لان المسلحين في داخل المدينة يشددون على ان عقوبة الموت تنتظر من يقوم بالتصوير او يتصل هاتفيا بمن هم خارج المدينة، هذا ويؤكد البعض ان هناك مجموعات مسلحة تقاتل داعش بالمسدسات كاتمة الصوت والسكاكين، فيما يرى آخرون ان اهل الفلوجة قادرين على دحر داعش اذا ما تم تسليحهم لانهم اعرف بشوارعها ومتاهاتها.
&
وقد تم تقصيّ حقائق ما يحدث في المدينة من خلال عدد من ابنائها عبر وسائل مختلفة لكنهم طلبوا ان لا تذكر اسمائهم الحقيقية والاستعاضة عنها باسماء وهمية او ذكر المعلومات من دون اسماء.
&
الوضع المعيشي&
&
وفي هذا الإطار، قال محمد جمعة إن الوضع المعيشي صعب جدا وقد وصل سعر كيس الطحين الى 300 الف دينار (نحو 250 دولار) وكيلو الشاي وصل الى 100 دولار او 150 دولارا، فيما تشهد المدينة كل يوم وفيات لعدد من الاطفال بسبب نقص حاد بالدواء وحليب الاطفال، واغلب الناس تأكل الخبز الخليط من الذرة والشعير، وهناك وفيات ما بين عشر الى خمس عشر شخصا في اليوم الواحد معظمهم &من النساء والاطفال.
&
اما ابراهيم فقد اشار الى ان هناك مخازن حنطة بمعمل طحين العلمين كان يخزنها داعش على اساس ان يوزعوا منها للمدنيين، لكنها تعرضت للقصف من قبل الطائرات الاميركية بعد يوم من جمعها، كما وأن الناس لديهم بعض المواد الغذائية، فالفلوجة كان فيها تجار وكانت هناك ممرات مفتوحة كما استطاع المسلحون تخزين المواد الغذائية المختلفة، فلهذا كانوا يقتصدون في استهلاكها، وايضا لديهم بعض المحاصيل المخزنة وهذه المخازن يديرها تنظيم داعش أيضًا، اما المحاصيل الزراعية فهي شحيحة لان هناك اراض بالقرى القريبة من داعش فيها محاصيل لكنها لا تسد حاجة الكثير.
&
جمال من جهته قال: "السكان يشربون الماء من نهر الفرات، اما الكهرباء فغير جيدة تماما لكن الانترنت موجود على شبكات النقال ولكنها ضعيفة ومحصورة بالقرب من الاطراف التي فيها ايضا عيون لداعش، والذي يمسك اي موبايل ليتصل او يصور يعدم لان عيون داعش منتشرون في كل مكان، ولكن احيانا البيوت القريبة من طرف المدينة من الممكن ان &يحصلوا على الانترنت وأن ينقلوا الاخبار من داخل بيوتهم الى العالم بفترات محدودة".
&
الخوف من النزوح&
&
وحول اسباب عدم نزوح سكان المدينة منها برغم الاوضاع مأساوية التي يعيشونها، قال محمد جمعة: فتح الجيش العراقي ممرين احدهما في منطقة الفلاحات والاخر من البوعيسى (طريق العامرية السياحية في الحبانية) لكن الناس لا تستطيع العبور بسبب التلغيم، وايضا خوفا من القنص، فيما اكد صادق أن بعض العوائل يخافون مغادرة المدينة، "يقولون نخاف ان نقتل من قبل عناصر داعش والطرق الملغمة ومن ثم يتم اعتقال الرجال من قبل الجيش او الحشد الشعبي"، ولذلك تسيطر الحيرة على السكان فلا يستطيعون البقاء ولا يقدرون على المغادرة.
&
اما عن عدد العوائل الباقية بالفلوجة، فقد تباينت المعلومات حولها، هناك من يقول نحو عشرة الاف اسرة، اي نحو 120 الف فرد كمعدل متوسط، وهناك من يقول ان العدد اقل من مئة الف.
&
المسلحون في الفلوجة
&
اما الذين يحاربون بداخل الفلوجة فقد اكد محمد جمعة انهما من عناصر داعش ومجاميع لا احد يعرفها ولم تعلن عن نفسها، وهذه المجاميع قتلت من داعش 22 عنصرا قبل اسبوع، وتستخدم الكواتم والطعن بالسكاكين.&
&
فيما قال اسماعيل: "في داخل الفلوجة لا توجد قوات للجيش العراقي او الحشد الشعبي وانما هذه متواجدة على الاطراف، وكان هناك قصف لطائرات التحالف لكنه خلال اليومين الاخيرين خف، واغلب القصف على المدنيين وعلى جامع (سيدنا الحسن) بالحي العسكري بالفلوجة".
&
من جانبه قال جمال: "من الصعب التخمين بعدد الدواعش الموجودين في الفلوجة، فهناك عراقيون وعرب اجانب ربما، لكن ما اعرفه ان المواطنين من سكان الفلوجة متذمرون جدا من الوضع ويتمنون الخلاص، فلا يسمح لاحد من الخروج للعلاج الا بورقة طبيب وضمانات وكفلاء".
&
اسماعيل يؤكد قائلا: "الدواعش موجودون حاليا في خريطة لا تزيد عن كيلو مربع كامل يعني غارة برية ينتهي كل شيء، لكن امريكا متباطئة، بمعنى ان مجال تواجدهم بالمدينة &في كيلومتر مربع واحد ليس اكثر، وعلى اطرافها القريبة، اي انهم غير منتشرين بالفلوجة كلها، هم فقط داخل المدينة واطرافها بما يتعدى المئات من الامتار، يعني المناطق ما بين الفلوجة والقرى التابعة لها كالصقلاوية وقسم من طريق الحبانية والعامرية اطراف الفلوجة، وبالاحرى الان هم بتماس مقابل خطوط القوات الامنية او التحالف".
&
ومن جهته يشير سليم إلى ان الدواعش متمركزون بالضبط في الصقلاوية وعلى اطرافها وعلى اطراف العامرية وطريق الحبانية بعد ان كانوا يتمركزون في المنطقتين اللتيّن تحررتا: الشهداء ونزال، وهم الان بداخل مركز المدينة، قريب من منطقة السوق مركز المدينة وباقي الاحياء، لان الفلوجة شارع واحد.
&
وقال محمد جمعة: "هناك حيان سكنيان ارجعهما الجيش هما: الشهداء وقسم من نزال بالطرف الجنوبي ووجدوا فيه سجن وسجناء قبل اسبوعين ومنهم افراد من الجيش السابق وقد اخرجتهم القوة المحررة".
&
تواجد السكان
&
الى ذلك اشار محمد جمعة واسماعيل الى ان اغلب السكان يتواجدون في مركز المدينة لان الاطراف كانت تتعرض لقصف مكثف، والمشكلة التي يعاني منها السكان ان مسلحي داعش &متغلغلون مع العوائل ويحكمون من بينهم وهؤلاء المسلحون الدواعش لا يستطيعون مغادرة المدينة لان اسماءهم وصورهم لدى القوات الامنية، وهذا يعني انهم مشاريع انتحار هذه المرة .
&
وحول اراء البعض عن سبب عدم اقتحام القوات العراقية للفلوجة لحد الان، فقد اكد جمال ان العملية شائكة لان هؤلاء الدواعش ليس &اكثر من 200 شخص لكنهم وسط الاف المدنيين واي اقتحام سيؤدي الى خسائر بالغة بالطرفين لان معركة الشوارع صعبة والدواعش متحصنون.
&
لكن صادق قال ان امريكا لها يد في عدم تحرير الجيش العراقي للمدينة مثلما لها يد في اي شيء، فهي تريد النصر لها وتطلب الفلوجة ثارين من معركتي 2004، هناك امور سياسية وامور عسكرية هوليودية ايضا.
&
جمال قال ايضا: "بالمناسبة الدواعش عندما سمعوا ان القوات العراقية ستهاجم الفلوجة قاموا بتوزيع الحنطة فقط للمدنيين كي يسدوا رمقهم بالخبز فقط، لكن الوقود شحيح جدًا".
&
ما الذي يريده الناس&
&
اكد سعدون جبير ان الناس تقول لو ان الحكومة توفر &لنا ممرات امنة ولا يعتقلون الرجال لخرجنا، او انهم يقصفون الاطراف لوجود بعض المسلحين فيها ولا يقصفون المدنين، كما ويطالبون بادخال مواد اغاثية عاجلة بطريقة تديرها الحكومة لان السكان ليس عندهم حل لدخول المواد.
&
وقال اسماعيل: الناس يريدون ان تتحرر الفلوجة ولو كان لديهم سلاح لقاوموا من الداخل مثل ما يسمعون عن بعض المجاميع التي تقتل الدواعش بالكواتم والسكاكين، هناك من يتحدث عن تحرير مدينة (امرلي)، لكننا نقول ان الفرق بين الفلوجة وامرلي ان اهل امرلي كان عندهم بعض السلاح وقاوموا به.
&
اما محمد جمعة فقال: لا اعتقد ان احدا يقبل ان تبقى داعش، فالناس عرفت انها موامرة من كل الاطراف على المدينة لان امركيا تريد ان تأخذ ثارها من الفلوجة، الفلوجة الان شبه منزوعة السلاح &خاصة من ناحية المواطنين وسطوة داعش تخيفهم لانهم مجردين من الاسلحة.&
&
وحول رأي اهل الفلوجة بدخول الحشد الشعبي للمدينة، قال كارم محمد: رفض الفلوجة للحشد الشعبي بسبب الاخبار التي تبين ان الحشد عندما يدخل اي مدينة يقتل مواطنيها، كما حصل مؤخرا في ديالى، هكذا يرون الامر. بينما قال اسماعيل: لكن من الممكن لاهل الفلوجة ان يقاتلوا داعش لو توفر السلاح، وبالتالي أن يتحولوا إلى حشد شعبي او عشائري.
وقال صادق: بعض عناصر الشرطة في الفلوجة يقولون انهم مجردون من السلاح ويتمنون ان يتم تسليحهم. وعقب اسماعيل: اعتقد ان ابن المدينة عندما يقاتل فيها يعرف دروبها وان اعطوا خسائر فستكون قليلة، لكن الحشد لا يعرف المدينة التي فيها شوارع كالمتاهات، وكما تعلم ان امريكا وتكنولوجيتها وتاهت فيها، كما يجب ان يكون الحل استخباريا على ما اعتقد.
&
مدينة المعارك&
&
تقع الفلوجة ضمن محافظة الأنبار، على بعد 60 كيلو مترا شمال غرب العاصمة بغداد، وشرقي الرمادي بمسافة 45 كيلومترا. وبلغ عدد سكان المدينة عام 2004 نحو 473 ألف نسمة، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وحدثت فيها معركة الفلوجة الأولى، في نيسان (ابريل) 2004 وكانت محاولة فاشلة من القوات الأمريكية لدخول المدينة والسيطرة عليها، وحدثت فيها معركة الفلوجة الثانية ما بين 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، 2004 و23 وكانون الاول (ديسمبر) ضمن معارك الجماعات المسلحة العراقية بعد الغزو الأمريكي للعراق.
وتعد الفلوجة أول مدينة وقعت تحت سيطرة التنظيم، أي قبل الهجوم الكبير الذي شنه داعش على مدينة الموصل صيف 2014، والذي انهارت على إثره قطاعات الجيش واحتل التنظيم بعدها ثلث مساحة العراق تقريبًا.
&

&