الفرنسيون هم أكثر الشعوب التي تستخدم الإنترنت بهدف التواعد والتعارف وبناء العلاقات، هذا ما أظهره مسحٌ حديث، فيما أشار بعض الخبراء إلى أن هذا الأمر ناجم عن الخوف من الإقدام وجهًا لوجه في طرح هذه المسائل، ما جعل من الانترنت وسيلة ناجعة لتحقيق ذلك.
&
إعداد ميسون أبو الحب: أظهر مسح جديد ان الفرنسيين من اكثر الشعوب التي تستخدم برامج التواعد والتعارف على الانترنت لتكوين علاقة، رغم ان الكثيرين منهم لا يعلنون عن ذلك. وقد كان من المعتقد لدى الشعوب الاخرى ان الفرنسيين لا يحتاجون الى مثل هذه الخدمات لأن من المعروف عنهم انهم رومانسيون بالطبيعة، ولأن كل المعلومات التي تذكر عنهم وحتى الافلام والدعايات تؤكد هذه الصفة.&
&
ولكن هل هذه الصفة حقيقية ؟ ولماذا يلجأ الفرنسيون الى تطبيقات الانترنت والهواتف الذكية لتحسين حياتهم العاطفية؟ وهل غيرت التكنولوجيا الحديثة من تقاليد هذا الشعب؟&
&
أظهر المسح الذي أجراه المعهد الفرنسي للدراسات السكانية ان تطبيقات التواعد عبر الانترنت حققت شعبية واسعة خلال السنوات الاخيرة، وازداد عدد مستخدميها بشكل كبير عبر السنوات. ففي عام 2014 كان واحد من 3 فرنسيين بالغين يستخدمونها. وفي عام 2006، عندما كانت الانترنت تصل الى 42% فقط من المنازل كان 10% من الفرنسيين يستخدمون مواقع التواعد. وخلال السنوات السبع الماضية ارتفع هذا العدد الى 14% بين الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين 26 و 65 عاما، وهي نسبة عالية مقارنة بالنسب المسجلة في دول اخرى مثل الولايات المتحدة، حيث لم تتجاوز 9% في عام 2013.&
&
معتدون بأنفسهم
&
وفسرت لوسي ماريوتي، الخبيرة في العلاقات الاجتماعية، نسبة الاستخدام العالية لهذه المواقع بالقول إن الفرنسيين عادة ما يخافون من ان يرد طلبهم لو طلبوا موعدا مع شخص آخر، وهو أمر ناتج عن احساس عميق بالاعتداد بالنفس لديهم، وقالت: "اصبحت مسألة التواعد في فرنسا معقدة جدا في الآونة الاخيرة بسبب اختلاط مشاعر الاعتداد بالنفس والخوف، بحيث انه ليس من السهل عليهم ان يطلب احدهم موعدا من آخر". وأضافت: "مثلا لا يتقرب الباريسيون الى احد في مقهى او عند الوقوف في طابور امام السينما لانهم يخشون من فتح حوار مع احد. هؤلاء يشعرون باعتداد كبير بأنفسهم". &
&
خجل
&
ولاحظت الدراسة ان اغلب مستخدمي مواقع التواعد على الانترنت هم الذين تقل اعمارهم عن 30 عاما، فيما تزيد نسبة الرجال عن النساء للشريحة العمرية بين 26 و 30 عاما.
&
ولكن اكثر ما يجذب الانتباه هو ان الفرنسيين لا يفصحون عن هذه الممارسات ولا يعلنون عنها لأحد وتوصل المسح الى ان نصف مستخدمي مواقع التواعد يتحدثون عن هذا الامر لاصدقائهم او اسرهم، فيما قال النصف الاخر إنهم عادة لا يفشون هذا السر إلا لاصدقاء مقربين جدا.&
&
وتقول ماري بيرغستروم، المسؤولة عن المسح، إن الفكرة السائدة في فرنسا هي ان مثل هذه الممارسات غير مقبولة تماما ولذا هناك مقولة شائعة هي "سنقول للاخرين إننا التقينا في متحف".&
&
من جانب آخر، دفع هذا الاقبال على مواقع التواعد القائمين عليها الى تطويرها وتنويع امكانياتها كي ترضي احتياجات مستخدميها. ففي عام 2006 كان الباريسيون هم الاكثر استخداما لها وكان اغلبهم من المهنيين غير ان الحال تغير حتى عام 2016 حتى اصبحت تستقبل اشخاصا عادة ما ينقسمون الى "فئات وفقا لمهنهم وطبقتهم الاجتماعية ووفقا للعمر والمنطقة وحتى الدين"، حسب قول بيرغستروم. & &
&
النتيجة
&
يمكننا القول ان مواقع التواعد تتحول الى وسيلة لتنظيم اللقاءات بين الفرنسيين، رجالًا ونساء، ولكن هذا لا يعني ان الوسائل الاخرى قد انتهت تماما، لأن المعروف في فرنسا ان غالبية العلاقات تنمو في اماكن العمل، فيما تحتل مواقع التواعد المركز الخامس. اما المراكز الاخرى فتشمل لقاءات بالصدفة خلال سهرات في الخارج مع اصدقاء او في منازل اصدقاء وحتى لقاءات بالصدفة في اسواق.&
&
ومع ذلك يشير المسح الى أن نسبة مرتفعة من مستخدمي هذه المواقع من الشباب يعتقدون انها وسيلة جيدة لتكوين علاقات عابرة وليس علاقات جدية تماما. اما الفئة الوحيدة التي تعتقد ان هذه المواقع مفيدة لها فهي فئة المطلقين والمطلقات، اي اولئك الذين ينتهون الى العيش في عزلة ويحتاجون الى فتح افاق جديدة لحياتهم، حسب الدراسة.&

&