نائبة عراقية: النخب السياسية تُعطل كل الحلول

محمد الغزي: وصفت النائبة عن التحالف المدني الديمقراطي شروق العبايجي تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة بانها نتاج تخبط واضح، مبدية استغرابها من دعوته لتشكيل حكومة تكنوقراط، ومن ثم يطلب من الكتل التي رشحت وزراء يعتقد بفشلهم تقديم اخرين.

&

وقدمت العبايجي، وهي نائبة رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار البرلمانية، خارطة طريق لمعالجة جذرية لمشكلة سد الموصل، لافتة الى ان مستشارية الامن الوطني كانت قد حذرت في تقرير بانه بانهيار سد الموصل لن يبقى ثمة عراق.

&

واوصت في حديث موسع مع "إيلاف" باستبعاد خيار بناء جدار خرساني امام سد الموصل وقالت نحن امام جسم عليل وتلك الخطوة تمثل مجازفة كبيرة، كما وانتقدت تصريحات وزير الزراعة في إقليم كردستان العراقي، وقالت لن نسمح بدخول الماء في أي تجاذب، ومثل هذه التهديدات انما هي تهديد بإبادة مجتمع بالكامل.&

&

ودقت جرس الإنذار من نسب التلوث في نهري دجلة والفرات، وقالت اليوم كل شيء ملوث في العراق ما دامت الأنهار ملوثة، فيما كشفت عن قيام مسؤولين متنفذين في الدولة ومحافظين وسياسيين بانشاء 2000 بحيرة اصطناعية على نهري دجلة والفرات لتربية الأسماك، ما يقطع الطريق على توفير حصة البصرة من المياه.

&

&

&

انا عندي قناعة ان رئيس الوزراء حيدر العبادي يريد إصلاحات، يريد تغييرا نحو الاحسن، لكنه لا يستطيع ان يخرج من قبضة شركائه في التحالف الوطني، وهذا ما يجعل أي دعوات للإصلاح ليست ذات جدوى، وستكون الإصلاحات المقبلة كما حزمة الإصلاحات الأولى والثانية شكلية ولن تمس جوهر المشكلة، نحن بحاجة الى ان منهجية في دفع الحراك للاستمرار بضغطه من اجل تحقيق الإصلاح الحقيقي.

&

&

لا يخرج ذلك عن نطاق التصريحات غير المدروسة، قطعة ارض وتوفير سكن لائق لكل مواطن أمر موجود في الدستور وهو حق مكتسب، ولكن لما يطلق رئيس الوزراء ذلك اليوم .. السؤال هو كيف ؟ وعلى أي ارض ؟ وما البنية التحتية الموجودة؟ هل سيوزع أراضي في الصحراء؟ اعتقد ان هذه الأمور ما عادت تنطلي على المواطنين.

&

نحن نريد توفير فرص العمل والقضاء على البطالة، نريد خطط تنمية، وكيفية تطوير القطاع الخاص وتطوير القطاع الصناعي، وضرب جوهر الفساد الذي ينخر الجسد العراقي.

&

&

هذه التصريحات نتاج تخبط واضح، ما الذي يعنيه العبادي بالتكنوقراط .. كيف يطالب بتكنوقراط ويعود ليطلب من الكتل نفسها والبرلمان مساعدته في هذا الامر، ينبغي تحديد التشكيلة الوزارية، هل هي حزبية ام غير حزبية؟ اذا أراد العبادي حكومة تكنوقراط ليشكل كابينة جديدة من الكفاءات والخبراء المستقلين ويذهب الى البرلمان ويطالب بالموافقة عليها، ولكن كيف يعتقد بفشل وزراء بعينهم ويعود الى كتلهم نفسها ويطلب منهم ترشيح اخرين ونبقى مثل حقل تجارب الى ما لا نهاية.

&

&

التقرير الذي قدمته الى البرلمان لم يجر عليه أي تعديل من قبل أي جهة وتم التصويت عليه بالكامل والمعايير الأساسية التي تضمنها هي "البحث المهني الفني عن الحقائق من دون أن تكون هناك أي تدخلات لاي جهة سياسية او أي تفسير سياسي او تفسيرات مسبقة، وبالتالي هو اعتمد على حقائق فنية وظروف إنشاء السد والشركات التي تعاملت معه ودور السد في عمليات توزيع المياه وغيرها من الأمور التي تجعل التقييم واضحاً من الصورة الفنية".

&

فالتقرير جاء نتيجة للتحذيرات العراقية التي ارتفعت مؤخرا حيال مخاوف انهيار السد، وكانت مبنية على تحذيرات أميركية خاطبت الحكومة العراقية بأن وضع السد في حالة حرجة ولا بد من معالجات فورية.

&

&

التقيت خبراء فيلق المهندسين الاميركيين لاستيضاح الجوانب الفنية التي اعتمدوها لاطلاقهم التحذيرات المتكررة، واجتمعنا انا والخبير العراقي عون ذياب في مقر السفارة الاميركية مع المستشار الاقتصادي فرانك ستانلي والمهندس جيمس تومسن من فيلق المهندسين والدكتور رونالد مورتينسن من وكالة التنمية الاميركية للمساعدات الطارئة (USAID) وكانوا قد قدموا للجهات العراقية تقريرًا فيه إشارات خطرة تقول ان السد في وضع حرج وهو على وشك الانهيار واخذت هذا الجزء وضمنته الى تقريري الموسع وعرضته امام البرلمان وللأسف لم يبث هذا القسم من العرض الذي قدمته.

&

الاميركيون اكدوا ان السد يمكن ان ينهار في أي لحظة من دون عوامل خارجية نتيجة تراكم أسباب تدفعهم الى الاعتقاد بهذا الاتجاه.&

&

من ناحية فنية المعطيات التي اعتمدها الاميركيون، وهي حقيقية تذهب الى استنتاجات خطرة، في حين ان الجانب العراقي يقول، وبالاعتماد على المعطيات نفسها، ان وضع السد اعتيادي وانه تعاملنا مع حالات مشابهة&له سابقا، والامر لا يعدو كونه تهويلاً وضغطا من اجل القبول بعقود مع شركات اجنبية.

&

هناك كاميرات وأجهزة تحسس منصوبة على السد ويشترك الجانبان العراقي والأميركي في الاطلاع على البيانات التي تنتج منها، ولكن لكل جانب رؤيته حيالها.

&

وفيما كان الاميركيون يخشون حدوث اضرار للسد، الذي ظل لمدة ستة أسابيع بيد داعش من دون اعمال تحشية، يؤكد الجانب العراقي عدم وجود علامات تشير الى تلك المخاوف في حين ظلت هواجس الاميركيين قائمة باحتمالات حدوث تشققات في أعماق مختلفة للسد، فضلا عن ان اعمال التحشية باتت قديمة، إذ يرى الجانب الأميركي انه كان ينبغي مع مرور الوقت تراجع الحاجة لاعمال التحشية لكن ما يحصل هو العكس، وبالتالي هناك خلل ما مع استمرار التخسفات والهطول غير المستوي والتقادم الحاصل، ما يشكل عامل خطورة كبيرا، هذا فضلا عن تعطل البوابات مع وجود بوابة واحدة للسد، ما يسبب ضغطا على جسم السد، في حين أن الكوادر العراقية تتعامل مع الامر الواقع.

&

&

ساطالب بفتح تحقيق بملابسات حذف المقطع الخاص بسد الموصل، والذي قدمته امام البرلمان يوم 8/2/2016، حيث نقلت الجلسة بكاملها على الاعلام ما عدا الجزء الذي قدمت فيه كل ما توصلت له من حقائق حول واقع سد الموصل بطريقة فنية مهنية بحتة، فالدستور والنظام الداخلي يؤكدان على علنية جلسات البرلمان ونقلها بالاعلام، من اراد اخفاء الحقائق عن الشعب على الرغم من ان البرلمان صوت على التقرير بكامله؟ مع اني لم اتطرق الى أي قضية سياسية، وما قدمته هو معطيات فنية بحتة رغم اني بهذا التقرير أسهمت في حسم قضية مختلف عليها منذ عام 2005.

&

&

الجانب الاميركي رشح شركة تريفي الإيطالية بعد عدم تجاوب باور الألمانية وسوليتاج الفرنسية، وعند تقييمي عملها وجدت انها تقوم باعمال مماثلة لسدود في العالم بل هي مكلفة ايضا من قبل فيلق المهندسين الاميركيين بمعالجة مشكلة مشابهة لسد الموصل في الولايات المتحدة الاميركية، ومع هذا اوصيت بضرورة تكليف شركة استشارية اخرى لتقييم الاعمال التي تقوم بها تنفيذا للعقد المبرم معها.&

&

&

القضية اصبح فيها شد وجذب على صعيد حكومي ومن الصعب الوصول الى قناعات مشتركة، العالم كله يحذر من انهيار السد والجانب العراقي ممثلا بوزارة الموارد المائية يطمئن، رغم ان مستشارية الامن الوطنية حذرت في تقرير سري انه بانهيار السد لن يبقى بعد اليوم العراق عراقاً، وحتى البنك الدولي اشترط في مباحثاته مع العراق صيانة السد.

&

&

من ضمن الحلول المقترحة هي انشاء جدار كونكريتي عازل لتسرب المياه الى الطبقات الجبسية القابلة للذوبان في المياه تحت جسم السد، ما يعني ان يكون الجدار على عمق اكثر من 220 مترا على امتداد طول السد البالغ 3.4 كم، وهو عمل غير مسبوق في اي مكان اخر في العالم.

&

ممكن أن يكون حلا ولكن بشروط ، نحن امام جسم عليل فمجازفة اجراء عملية كبرى بمعنى بناء جدار خرساني امام سد الموصل لاسناده بالاضافة الى عدم وجود اي ضمانة يمكن ان تقدمها اي شركة قدمت (وهما شركة باور الالمانية وشركة تريفي الايطالية) بعدم انهيار السد اثناء بناء الجدار القاطع بسبب وضع السد القلق.

&

وعليه نوصي باستبعاد خيار بناء مثل هذا الجدار القاطع الان، خصوصا وان كلفته عالية جدا تقدر بين 2-3 مليارات دولار، يمكن استخدامها في حلول اخرى اكثر امانا وفاعلية، او الانتظار لحين إكمال كافة اعمال الترميم والصيانة والتأكد من هبوط عامل الخطورة الى معدلاته الطبيعية ثم دراسة الامر في حينه من قبل جهة استشارية متخصصة.

&

&

العالم اليوم يعمل بكل الوسائل الممكنة ويتخذ كل الإجراءات ويؤكد مبادئ سائدة بعدم استخدام المياه في أي صراع بين طرفين، الماء لا يمكن قطعه، انه ليس سلعة ولا بضاعة هو مادة حيوية للحياة ولا يمكن لاي احد اعتماد أساليب متخلفة، أساليب ما قبل الحضارة وما قبل المدنية، ولن نسمح بدخول الماء في أي تجاذب، ومثل هذه التهديدات انما تهديد بابادة مجتمع بالكامل.

&

&

بالإمكان طبعاً ليس هناك ما يمنع ذلك، نعم هناك خصوصية للخلافات بين المركز والاقليم، هناك ابعاد مختلفة لها علاقة بجوانب سياسية وجيوسياسية، ولكن طريقة طرح وإدارة الخلاف والتعامل بها هي طرق بدائية متخلفة وهمجية تبتعد عن المنطق الحضاري والوطني وعن منطق الباحث عن حل، بل هي منطق التصعيد وخلق الازمات، لقد فقدنا البوصلة في إيجاد حلول لمشاكلنا بسبب النخبة السياسية الموجودة.

&

&

في البصرة توجد مشكلة حقيقية لتصفية المياه، ومعاناة اهل البصرة بسبب ملوحة الماء قائمة وهي مشكلة يجب حلها بأسرع وقت ومهما كانت التكلفة لانها مرتبطة بحياة ناس وصحتهم وزراعتهم واقتصادهم، ولكن الكارثة ان مجلس محافظة البصرة اقترح حل السد من دون ان يأخذ رأي الاستشاريين.. هناك اكثر من سيناريو لبناء سد في البصرة والمقترح الأخير الذي سمعت انه اعتمد وأتمنى ان لا يؤخذ به انما هو كارثة، وسيزيد من مشاكل اهل البصرة.

&

&

مشكلة البصرة هي تراكم الملوثات التي ترمى بالانهار، المشكلة نحن نسهم فيها، تخيل ان الماء النقي الذي يأتي كل المدن العراقي ترمي فيه مياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع والمستشفيات وحتى النفط، بالأمس افتتحوا مشروعا نفطيا ووزير النفط موجود يقص الشريط وخلفه الملوثات النفطية في النهر تشكل بركة سوداء والاليات تسكب المخلفات النفطية امامه في النهر.

&

اليوم في العراق كل شيء ملوث، ما دامت المياه ملوثة فالاسماك تكون ملوثة، والنباتات ملوثة، في العالم يمنع خروج المخلفات والنفايات من حدود المستفيات وتعالج في وحدات بداخلها، ونحن نرمي تلك النفايات بما فيها من امراض وملوثات في نهري دجلة والفرات وهذه &الممارسات وراء ارتفاع حالات السرطان والتشوهات الخلقية وقتل البيئة النهرية.

&

&

بحثنا ذلك في البرلمان ورفعنا توصية الى رئيس الوزراء بوجوب اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتنفذين المتجاوزين على الحصص المائية والأراضي الزراعية، هؤلاء بانشائهم اهوارًا صغيرة وبحيرات أسماك تجاوزا على الحصص المائية، الدراسات تؤكد انه اذا قمنا بتوفير 50 مترا مكعبا في الثانية ستحل مشكلة الملوحة في شط العرب، رصدنا انشاء 2000 بحيرة اصطناعية لتربية الأسماك على نهري دجلة والفرات من بغداد الى جنوب العراق تعود الى شخصيات متنفذة من أحزاب السلطة، بينهم محافظون وسياسيون معرقلون وأعضاء في الحكومة.