لا تريد أنجيلا ميركل أن لا يصدق وعدها بشأن اللاجئين، لكنها تجد نفسها وحيدة، بمواجهة دول أوروبية تريد وقف الهجرة إليها بأي ثمن.
&
تتوجه المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل إلى بروكسل الخميس للاجتماع بنظرائها زعماء الاتحاد الاوروبي ومسؤولين اتراك، وللبحث معهم في سبل إيجاد حل لأزمة اللاجئين. وتشكل تركيا أهم أركان استراتيجيا ميركل، ولهذا السبب وجهت الدعوة إلى رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو لحضور القمة الاوروبية.
&
لكن مراقبين يرون أن الأوراق التي بيد ميركل ليست قوية، مشيرين إلى أن بروكسل منذ أن بدأت أزمة اللاجئين تعمل وفق قواعد جديدة، مؤداها أن المانيا بقوتها الاقتصادية وأموالها لا تستطيع أن تملي سياسة الاتحاد الاوروبي بمفردها.
&
الوعد الألماني
&
كانت ميركل وعدت الألمان بخفض عدد اللاجئين الوافدين، وتعهدت بألا يشهد عام 2016 ما حدث في عام 2015 حين تدفق على المانيا نحو مليون لاجئ. لكنها تأمل تنفيذ وعدها من دون حاجة إلى غلق الحدود الاوروبية، وتعليق إتفاقية شنغن لحرية التنقل بين دول الاتحاد الاوروبي.
&
رهان ميركل الوحيد على إنجاح هذه الخطة هو اقامة ائتلاف من الدول المستعدة لقبول لاجئين. لكن هناك مخاوف من أن تصبح القمة المقبلة مسرح نزاع لا سابق له بين الدول الاوروبية. فالمجر ودول أوروبية شرقية أخرى متحالفة معها تحاول وقف تدفق اللاجئين بكل الوسائل، وترفض محاولة ألمانيا التفاهم مع تركيا في شأن قبول اللاجئين الموجودين في اراضيها.
&
تهدف خطة ميركل إلى قبول بين 200 و300 ألف لاجئ سنويًا يجري توزيعهم على البلدان الاوروبية بحسب حجم كل بلد وقدراته. لكن الخطة لم تحقق تقدمًا يُذكر نحو هذا الهدف. ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تفاوضت ميركل ست مرات مع المسؤولين الاتراك من دون مؤشرات تُذكر إلى أن النجاح بات في متناول اليد.
&
إمبريالية أخلاقية!
&
لن يُكتب لخطة ميركل النجاح، إلا إذا منعت السلطات التركية مهربي البشر من إرسال اللاجئين إلى اوروبا عبر بحر إيجه. ولا يبدو أن تركيا راغبة في النهوض بهذه المهمة. وحتى إذا وافقت فان تأمين الساحل الذي يمتد مئات الكيلومترات سيكون مهمة شاقة.
&
كما أن تسلم حصص اللاجئين من تركيا لتوزيعهم يتطلب موافقة دول اوروبية أخرى على خطة ميركل. وتقدر المستشارة أن 13 بلدا اوروبيا قد تكون منفحتة على تحالف الراغبين هذا، بلدانًا مثل لوكسمبورغ والنمسا والسويد وهولندا، كما لاحظت مجلة شبيغل، مشيرة إلى أن اجتماع ميركل بقادة هذه الدول قبل القمة يؤكد عمق الانقسامات داخل أوروبا اليوم.
&
من جهة أخرى، يلتف خصوم ميركل في أوروبا الشرقية حول رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان الذي كان معارضًا لسياسة ميركل من البداية، واتهمها بممارسة "امبريالية أخلاقية". بدأ اوربان وحلفاؤه تنفيذ خطة تتعارض تمامًا مع خطة ميركل، وتتضمن اقناع مقدونيا غير العضو في الاتحاد الاوروبي بغلق حدودها مع اليونان لمنع اللاجئين من الوصول إلى البلقان.
&
لكن المستشارة الالمانية تخشى أن تنزلق اليونان إلى الفوضى نتيجة بقاء عشرات آلاف اللاجئين في اراضيها إذا تمكن خصوم ميركل في اوروبا الشرقية من اقناع مقدونيا بغلق حدودها مع اليونان.
&
طرائق جديدة
&
من اسباب القلق الأخرى أن روسيا تتحين مثل هذه الفرصة كي تعرض مساعدة مالية على أثينا لتعميق الانقسام الاوروبي. كما أن الخبرة تبين أن اللاجئين سرعان ما يجدون طرائق جديدة حين تُغلق القديمة بوجههم، كما تبدو البانيا وايطاليا بديلا جائزا في هذه الحالة.
&
ومن المستبعد إزاء عمق الخلافات أن تسفر القمة الاوروبية في 18 ـ 19 شباط/فبراير عن اختراق بشأن ازمة اللاجئين لا سيما وأن عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي ستكون محور اللقاء.
&
ويعمل الوقت ضد ميركل. ولاحظ مسؤولون في مكتب المستشارة أن وزير الداخلية توماس دي ميزيير أخذ يفقد صبره ويطالب بخفض سريع في تدفق اللاجئين. حذر الوزير في مقابلة مع مجلة شبيغل من أنه لم يعد في الوقت متسع، وفهم مستشارو ميركل أن رسالة وزيرها تعني أن فشل خطتها التي تعتمد على موافقة تركيا سيؤدي إلى غلق الحدود الالمانية.&