عندما تتفحص هاتفك وأنت في الحمام أو خلال مشاهدة فيلم في السينما أو عندما تتناول عشاءً برفقة اصدقائك فقد تكون مدمنًا. &


هذا ما يؤكده الدكتور ديفيد غرينفيلد، استاذ الطب النفسي المشارك في جامعة كونيكتيكت، ومؤسس مركز الادمان على الانترنت والتكنولوجيا.&
&
ولكنه يقول ايضًا إن للادمان الحقيقي اعراضًا خاصة يجب الانتباه اليها، وينبه الى ضرورة التمييز بين الادمان والافراط، وقال: "يمكننا ان نعتبر نسبة ضئيلة من الاشخاص مدمنين، اما الآخرون فيمكن القول إنهم يفرطون في استخدام هواتفهم الذكية".&
&
ولكن الخبير يلاحظ أن الخط الفاصل بين الادمان والافراط في الاستخدام رفيع مثل شعرة، وقد ينتقل المرء الى خانة الادمان عندما لا يتمكن من التوقف عن استخدام هاتفه حتى لو كان ذلك يؤثر سلبًا على حياته. ويضيف: "عندما لا تستطيع التوقف عن النظر الى هاتفك حتى في الاوقات غير المناسبة فمعنى ذلك انك تفقد السيطرة على نفسك، وبالتالي فأنت مدمن".&
&
ويؤيد جيمس روبرتس وهو استاذ التسويق في جامعة بيلور ومؤلف كتاب عن الادمان على الهواتف الذكية عنوانه "كثير من شيء جميل"، يؤيد تعريف غرينفيلد للادمان ويضيف اعراضًا أخرى لهذه الحالة منها الانعزال ثم القلق والانزعاج والاحساس بعدم الارتياح عندما لا يكون الهاتف في متناول اليد. ويقول روبرتس: "هذه اعراض خطيرة"، ويضيف اليها قضاء المزيد من الوقت على الهاتف، وكأن الوقت السابق كان غير كافٍ.&
&
وماذا يعني ذلك؟&
&
اشارت دراسات سابقة الى أن الضوء الازرق في الهاتف يمكن ان يؤثر على النوم المريح، ويمكن لقضاء وقت على مواقع التواصل الاجتماعي ان يخلق شعورًا بالكآبة.
&
ولاحظت دراسات أخرى حديثة، واكثر اتساعًا، أن قضاء وقت طويل ومستمر على الانترنت قد يؤثر على الروابط بين خلايا المخ بطريقة مؤذية لأنه يقلص من فترات التركيز، فيما تضعف الاصوات والإشعارات التي تصدرها الهواتف الذكية ما تبقى من القدرة على التركيز، حسب دراسة اجرتها جامعة ولاية فلوريدا.&
&
فلو تسلمت رسالة قصيرة مثلا وانت منشغل بقراءة مقالة فقد لا تحتاج الا الى ثوانٍ قليلة لتفحص نص الرسالة التي وصلتك.. ولكن العودة الى مواصلة سلسلة الافكار التي كانت في ذهنك خلال القراءة مع التفكير في نص رد سترسله لاحقًا ردًا على الرسالة القصيرة، تضعف القدرة على التركيز.
&
وتشير بحوث اخرى الى ان الاشخاص الذين يمضون وقتًا طويلاً على هواتفهم عادة ما يشعرون بالحاجة الى تفحصها كلما مرت ثوانٍ قليلة حتى لو لم يتسلموا أي اشارة عن وصول رسالة قصيرة أو نداء هاتفي. وتضيف الدراسة التي وضعتها جامعة كاليفورنيا الى ان مجرد تفحص حساب البريد الالكتروني يؤدي الى احساس بالاجهاد.
&
هاتفك يستخدمك
&
ويقول خبراء درسوا العادات المرتبطة باستخدام الهواتف الذكية إن الانسان المعاصر انتقل من مرحلة استخدام الهواتف الخلوية الى ان يكون مستخدماً لدى هذه الهواتف.
&
ويؤكد غرينفيلد بأن هذه الامور هي نتيجة تأثير الهواتف وبشكل اخص الانترنت على طريقة عمل الدماغ، وهو يصف الشبكة العنكبوتية بأنها "اضخم آلة قمار في العالم"، ويقول إن المرء لا يعرف ما سيلاقي عندما يفتح حسابه الالكتروني أو عندما يزور موقع التواصل الاجتماعي المفضل لديه، وعادة يرافق ذلك شعور بالمتعة وبتوقعات جميلة ومتفائلة، وهذا يؤدي بدوره الى تدفق مواد كيميائية في الدماغ مرتبطة بالشعور باللذة، ولذا يجد المرء نفسه مدفوعًا الى استخدام الهواتف والانترنت اكثر فأكثر. &
&
ويقول الخبير: "عدم معرفة ما سترى عند فتح الانترنت يؤدي إلى الأدمان ويدفعك الى الرغبة في العودة مجددًا مرة بعد مرة لانك تتوقع حدوث شيء جميل في أية لحظة".
&
ولكن؟ ما العمل&
&
مثل طرق علاج أي نوع من الأدمان، يقترح روبرتس وغرينفيلد معرفة وتحديد المدة التي يمضيها المرء على هاتفه الذكي أولاً كي يكون مدركًا لها.&
&
اما الخطوة الثانية، فالتقليل من هذه المدة. فإذا ما اكتشفت مثلا انك تمضي ساعتين على فيسبوك قلل المدة الى ساعة أو اقل. وأمر مهم آخر هو تعطيل جميع انواع الاشعارات في الهاتف، ما دامت غير عاجلة، فليس من الضروري ان يشعرك هاتفك بكل ايميل يدخل إلى حسابك الالكتروني أو كلما ذكر احد اصدقائك اسمك في تعليق على فايسبوك. &
&
ويعتقد الخبيران روبرتس وغرينفيلد أن من الافضل ايضا تحديد فترة ومكان تقرر فيها عدم استخدام هاتفك مثل فترة تناول طعام العشاء أو خلال اثنتين من ساعات الصباح عندما يكون المرء مشغولاً جدًا بأمور أخرى. &&
&
وينصح الباحثان بعدم ادخال الهاتف الى غرفة النوم وبشراء ساعة منبهة بدلاً من استخدام منبه الهاتف.&
&
ويقول غرينفيلد: "لن يحدث أي أمر جيد عندما تحتفظ بهاتفك قرب سريرك"، واضاف "دماغك يحتاج الى فترة يشعر فيها بالحرية وبالتحرر من القيود التي يفرضها الهاتف".