تعرضت مسرحية تناولت وفاة السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي محمد إلى انتقادات حادة خاصة انها قدمت في احدى كليات الجامعة المستنصرية، حيث عدّها كثيرون محاولة للإخلال بالسلم المجتمعي وتحريضا على الكراهية والطائفية.


عبد الجبار العتابي من بغداد: استغرب الكثيرون ما جاء في العرض المسرحي الذي احتضنته باحة كلية السياحة في الجامعة المستنصرية والذي تناول قصة وفاة فاطمة الزهراء، ومنها مشهد "اقتحام دار الإمام علي"، ولحظة "مقتل فاطمة الزهراء على يد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب"، وجاء الاستغراب بصورة كبيرة كون المتبني للعرض هي جامعة تهتم بالعلم والمعرفة وتدعو للحب والسلام.

وصف الكثير من الطلبة والمثقفين والمواطنين البسطاء عميد كلية السياحة ورئيس الجامعة المستنصرية بـ"الجهل" كون العرض المسرحي لا يليق بمؤسسة علمية عابرة للطائفية والاثنية والقومية والعنصرية، ولا تهتم الا بالعلم والتربية.

واشار البعض الى ان ما حدث هو "نوع من الكراهية التي يريدها البعض ان تكون نمطاً تعليميا رسميا في العراق"، فيما يقول آخرون ان بعض الجامعات العراقية "تساهم في إذكاء التناحر الطائفي من خلال العمل الذي حمل دلالات طائفية".

وكانت مجموعة من طلبة كلية السياحة، بحضور رئيس الجامعة وعميد الكلية، مثّلت عرضاً مسرحياً شعبياً ما يسمى بـ"التشابيه" وجسّدت فيه مشهد وفاة السيدة فاطمة الزهراء، وخاصة المشهد الذي يصور "اقتحام دار الإمام علي" ولحظة "مقتل فاطمة الزهراء على يد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب".

تحريض على الطائفية

تعرب ايمان كريم وهي طالبة جامعية، عن دهشتها ان تقوم بمثل هذا التصرف جامعة عريقة.

تتساءل: "ماهذا السخف الذي تقوم به جامعة عريقة مثل الجامعة المستنصرية؟ فأين نحن واين هم في هذا العالم المليء بالكراهية والطائفية؟ فهل هذا هو واجب الجامعة ام انها تزيد من حجم الكراهية في البلد الذاهب الى التقسيم بسبب هذه السلوكيات السيئة؟"

تضيف: "عندما سمعت الخبر لم اصدقه ولكنني عندما تأكدت اندهشت وتألمت، يا اخي اتركوا هذه الحكايات التي تفرق بين المسلمين، اعملوا على حب العراق، انا اشعر بالحزن ان المسؤولين على الجامعات يتحدثون بالطائفية المقيتة بل ويحرضون عليها بقوة".

اثارة الفتنة

اما عبد الرحمن علي، طالب جامعي، فأكد ان من قام بهذا العرض المسرحي كان يتعمد اثارة الفتنة، وقال: اعتقد ان هذه المسرحية مقصودة خاصة ومن قام بها او دعمها يريد اثارة الفتنة الطائفية التي يحاول الشعب العراقي القضاء عليها، والغريب ان المسرحية قدمت في كلية من المفروض انها تدعو للعلم وللحب".

واضاف: "للاسف ما زلنا نتمسك بالكراهية وندعو لها ونختلق الحكايات والقصص من اجلها، فلا نحن مثل عمر ولا مثل علي، ما جرى في الجامعة المستنصرية تحريض على الفتنة، وتجذير لخطاب الكراهية... في بلدٍ يحترم نفسه، لا يمكن أن يرضى أحدٌ إلاّ بفصل العميد، ورئيس الجامعة، وكلّ طالب مشارك بهذا، بوصفه عملاً محرضاً على الفتنة، بحسب الدستور العراقي".

رسالة سياسية للطلبة

يقول الكاتب المسرحي والروائي شوقي كريم: "النبش في تاريخ مختلف عليه ويثير الكثير من الاختلاف والجدل وخاصة في وقت محترق الاطراف كهذا الوقت يعد ضربا من ضروب الجنون، وخاصة اذا جاء من لدن طلبة علم لاعلاقة لهم بالامر، لان طلب العلم يتطلب التجرد من كل ماعداه فكيف الامر وقد قدم المشهد في باحة جامعة اسست لاشاعة العلم والمعرفة ونبذ الفرقة والكراهية".

واضاف: "يبدو الامر مقصودا ويتوافر على غايات تحتاج الجهات العلمية المعنية بالامر الى كشفها والتحقق من غاياتها وهي غايات لاتقدس الشريعة&بل تروم الى خلق نوع من انواع الفرقة والشقاق بين صفوف الطلبة الذين كانوا يستعدون للتظاهر في المكان والزمان&ذاتهما، هذه القصدية مردها الى حزمة التظاهرات الطلابية التي انبثقت في جميع معاقل العلم واظن ان طلبة الثانويات لاحقون باخوتهم الجامعيين، محاولة بائسة وسيناريو ضعيف ويسيء الى التاريخ والى البيت العلوي المنتقى والطاهر".

وتابع: "ما الغرض؟ وما القصد؟ وما الغاية؟ لم نقدم حادثة مر عليها الف عام ونيف؟ ما الفائدة؟ اهو البحث عن قصاص وممّن؟ واذا ما حصلنا على هذا القصاص ما الذي يحدث بعده؟ شخوص الواقعة ان حدثت فعلا بين يدي الله سبحانه وهو الذي يعلم السر وما اخفى وهو العادل المنصف، فهل نحن احن واكثر غيرة على ابنة حبيبه ونبيه؟

وختم بالقول: "اظن قاطعا ان وراء هذا الفعل اشاعة لفرقة ورسالة سياسية للطلبة، يقف وراءها من له مصلحة بذلك وعلى الجامعة المستنصرية وباقي الجامعات ردع مثل هذا الامر ومعاقبة كل من يتجاوز حدود المواطنة والوطن والوقوف مع الفاسد الذي جند البعض محاولا ايقاف الزحف الطلابي المجيد".
&
جسر رخو للكراهية&

الاستاذ الجامعي عارف الساعدي‏، يؤكد ان هذه الجامعات تكون جسرا رخوا للكراهية، وقال: "اخبرني احد طلبة الادارة والاقتصاد واخر من كلية السياحة / الجامعة المستنصرية، ان عددا من الطلاب قاموا بعمل مسرحي "تشابيه" على باحة كلية السياحة، ملخص هذا العمل يستذكرون فيه حادثة تاريخية مقروءة بأحادية هائلة حيث عملوا بشكل واضح ومباشر شخصية عمر بن الخطاب شخصية قاتلة للزهراء واستدرجوا تلك اللحظة التاريخية النائمة على اروقة الكلية".

واضاف: "هل هذا هو دور الكليات والجامعات في ان تكون بوقا للفتنة وللقبح ؟ اين عميد الكلية ؟ اين رئيس الجامعة ؟ هل من واجب الجامعة ان تصدر الاراء الطائفية والعنصرية؟

وختم بالقول: "انا حزين على هذه الكليات والجامعات التي لا تستحي على نفسها في ان تكون جسرا رخوا للكراهية".

اثارة النعرات الطائفية

اما الإعلامي، حسين رشيد، فقد اكد انه لا يستغرب ذلك في ظل اسلام سياسي يسعى الى تخريب البلاد.

وقال: "حين يغزو الدين والتطرف الجامعة بوصلة الوعي الاجتماعي والفكري بإثارة قضية تبث نعرات طائفية مقيتة فيمكن ان نستغربه ويدهشنا حقيقة لاننا نمتلك تصورات رفيعة عن قيمة الجامعة".

واضاف: "لكن هذا الامر غير مستبعد او غير مستغرب عن حزب احتفل قبل ايام بهذه المناسبة المثارة وقدم (تشابيه) تمثيلية لحادثة وفاة الزهراء ، بسبب ان عمر بن الخطاب دفع الباب، وهذا هو الاسلام السياسي الذي يسعى الى تخريب كل شيء في البلد".

اما الاعلامي زاهر موسى فيقول: "التشابيه الذي حدثت في الجامعة تكريس للجزء المزيف من القصة ولو كانت لوجه الله لقام بها الشيعة منذ ان بدأوا بالتشابيه في ايام البويهيين".

واضاف: انا استغرب لماذا لا يترك العوام هذه الامور المفصلية لاهلها علما ان الشيعة يرون التقليد وهو امر يُفترض ان يؤسس لمركزية في الخطاب".