تسبب "شاهد زور" في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، في تفاقم الأزمة بين مصر وإيطاليا، والإضرار بسمعة القاهرة دولياً، وتحاول جهات سياسية ودبلوماسية مصرية احتواء الموقف.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تتفاقم أزمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، بين مصر وإيطاليا، لا سيما في ظل عدم توصل الجهات الأمنية المصرية إلى هوية الجناة في الحادث.

وتسبب "شاهد زور" في تدهور الأزمة بشكل أكبر، بعدما قال إنه رأى بعينيه مشاجرة بين "ريجيني" ومواطن إيطالي آخر، وهو ما ثبت أنه محض "كذب"، وهي الفرضية التي نقلها النائب العام المصري إلى نطيره الإيطالي أثناء زيارته للقاهرة الأسبوع الماضي، وأدت إلى فقدان الثقة بين الجانبين.

وعلمت "إيلاف" أن القاهرة تبذل جهوداً دبلوماسية وقضائية لإحتواء تداعيات "الشهادة الزور"، وأجرى مسؤولون في&السفارة المصرية في روما اتصالات واسعة مع نظرائهم، لتوضيح أن المواطن المصري الذي قدم شهادة كاذبة، لم يكن مدفوعاً من الأجهزة الأمنية المصرية، لإلصاق التهمة بمواطن إيطالي، وأن المواطن المصري قدم شهادة الزور، بدافع شخصي.

وأشار المسؤولون المصريون إلى أن ما يثبت جدية الجهات المصرية في التحقيقات وأنها لا تتستر على أية معلومات، أن الجهات القضائية المصرية نفسها هي من كشفت كذب رواية الشاهد في القضية.

وعلمت "إيلاف" أيضاً أن وفداً من مصر يزور روما، لتقديم آخر المستجدات في القضية، وتوضيح الالتباس الذي حصل بسبب "شاهد الزور"، والاستماع إلى رؤية سلطات التحقيق الإيطالية في القضية.

وكان مواطن مصري، يدعي محمد فوزي، ظهر مع الإعلامي أحمد موسى في برنامجه "على مسؤوليتي"، ثم في التحقيقات أمام النيابة العامة، وقال إنه شاهد مشاجرة خلف القنصلية الإيطالية بين "ريجيني" وشخص آخر إيطالي الجنسية.

وأضاف أن المشاجرة وقعت أثناء صلاة المغرب، مشيراً إلى أنها لم تستغرق سوى ثلاث دقائق وكان ذلك يوم 24 يناير/ كانون الثاني أي قبل اختفائه&بيوم واحد.

وأضاف فوزي، أنه سمع أصواتاً مرتفعة لريجيني وشخص آخر في المشاجرة، مشيراً إلى أنه كان على مقربة منهما خلف القنصلية الإيطالية.

ولفت إلى أنه تحدث مع &ضابط شرطة صديق له، أوصله بدوره إلى ضابط في&جهاز الأمن الوطني، وسرد عليه تفاصيل الواقعة. وذكر أن أحد أفراد الأمن الوطني، اتصل به هاتفياً، وذهب للنيابة وأدلى بأقواله لمدة خمس ساعات ونصف.

وتبنى الإعلامي أحمد موسى، تلك المزاعم، على أنها حقائق، وقال إن "الشاب المصري شاهد ريجيني وهو يتشاجر مع زميل إيطالي له خلف القنصلية الإيطالية يوم 24 يناير الماضي، أي قبل اختفائه بيوم واحد"، بل اتهم إيطاليا باخفاء تلك الواقعة.

وقال في برنامجه على فضائية "صدى البلد"، إن "القنصلية الإيطالية رصدت هذه المشاجرة بكاميرات المراقبة حول القنصلية الإيطالية، ولم تتعاون القنصلية الإيطالية مع أجهزة التحقيق المصرية، والإبلاغ عن هذا الفيديو".

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تحدى "موسى" السفير الإيطالي في القاهرة، بأن يكذّب هذه المعلومات، أو ينفي وجود فيديو لديها يرصد مشاجرة "ريجيني" مع شاب إيطالي، لافتاً إلى أن "السلطات المصرية سلمت الجانب الإيطالي كافة ما توصلت له من تحقيقات، رغم عدم التعاون من الجانب الإيطالي بما لديه من معلومات حول القضية"، متابعًا: "السفير الإيطالي لا يحترم التقاليد والأعراف الدبلوماسية، ويلتقي بعض الإعلاميين والكتاب الذين يعملون ضد الوطن".

وقال موسى، وهو صاحب واقعة بث مقاطع من لعبة قتال إلكترونية على أنها مشاهد حصرية من عمليات قصف القوات الروسية لمواقع داعش في سوريا: "لغز اختفاء مقتل ريجيني واختفاؤه اتحل خلاص، وهناك من يسعى لإثارة الرأي العام وافتعال المشاكل، ومن يسعى لإحداث خلافات بين مصر وإيطاليا هو من يقف خلف تفجير القنصلية الإيطالية، وقد يكونون هم نفس الأشخاص خلف اختفاء ريجيني، وقد يكون ريجيني وصديقه متورطين في تفجير القنصلية.. ممكن برضو".

الغريب أن السلطات القضائية المصرية تناولت قضية الشاهد مع الوفد القضائي الإيطالي الذي زار القاهرة الأسبوع الماضي، ما سبب حرجاً شديداً لمصر، لا سيما بعد إثبات كذب الرواية وأنها ليست إلا شهادة زور.

وكشفت التحقيقات في النيابة العامة كذب رواية الشاهد محمد فوزي، التي تبناها الإعلامي أحمد موسى، وأثبت تقرير التتبع الجغرافي، الخاص بهاتف الشاهد أنه لم يغادر منزله في مدينة السادس من أكتوبر في يوم 24 يناير/ كانون الماضي.

ووفقاً لتحقيقات نيابة حوادث جنوب الجيزة الكلية، فإن "ريجيني" نفسه "لم يغادر نطاق منطقة الدقى محل سكنه يوم 24 يناير الماضي، والذي ادعى "الشاهد" فيه رؤيته يتشاجر مع إيطالي آخر، كما تبين من خلال فحص كاميرات مراقبة القنصلية الإيطالية أنه لا توجد أي تسجيلات توضح تلك المشاجرة في هذا اليوم".

ولم توجه النيابة العامة لـ"فوزي" تهمة الشاهدة بالزور، واكتفت بكشف زيف روايته، واعتذر لاحقاً في تصريحات تلفزيونية، وقال: "أنا أخطأت لما قلت كده، وده لم يحدث"، مشيراً إلى أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه، دون إجبار من أحد، في إشارة إلى الأجهزة الأمنية.

ومن جانبه، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في حوار مع صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية، إن "الحادث المروع والمرفوض من حكومة وشعب مصر هو حادث فردي لم يواجهه سوى مواطن إيطالي واحد من بين جموع الإيطاليين الذين يزورون مصر، والذين تقدر أعدادهم بالملايين على مدار أعوام طويلة".

وأضاف السيسي أن مواطناً مصرياً يدعى عادل معوض يقيم في إيطاليا اختفي منذ خمسة أشهر "دون الكشف عن أسباب اختفائه أو المتسببين فيه"، مشيراً إلى أن "مثل هذه الأحداث الفردية لا يتعين اتخاذها كأسباب لإفساد العلاقة بين البلدين".

وذكر السيسي أن "النيابة العامة تولت التحقيق منذ اللحظـة الأولى، وتحت إشراف مباشـر للنائب العــام، كما تم تشكيل مجموعات عمل متخصصة من قِبل أجهزة الأمن المعنية للوقوف على أسباب الحادث وملابساته، وما زالت تبذل جهوداً كثيرة حتى الآن".

ولفت إلى "حرص مصر على تكثيف التعاون مع الجانب الإيطالي لكشف غموض هذا الحادث الأليم، وتقديم مرتكبيه للعدالة"، مشيراً إلى أن "الفريق المصري المكلف بالتحقيق سوف يتوجه خلال أيام إلى روما لدفع سبل التنسيق المشترك في هذه القضية".

وأشار إلى أن "توقيت هذا الحادث يطرح العديد من الأسئلة، من بينها توقيت الكشف عن الحادث أثناء زيارة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية لمصر على رأس وفد من ممثلي مجتمع الأعمال الإيطالي، وفي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين زخماً سياسيا واقتصاديا غير مسبوق، وما إذا كانت هناك أطراف لديها مصلحة فى عرقلة هذا التعاون، فضلاً عن كيفية تعامل الجانبين المصري والإيطالي مع هذا الحادث، وأهمية تفويت الفرصة على تلك الأطراف".

وأكد &"مواصلة العمل مع السلطات الإيطالية لضبط مرتكبي الحادث حتى ينالوا جزاءً رادعاً بموجب القانون".