جنيف: تتواصل المحادثات غير المباشرة الاربعاء بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة في مقر الامم المتحدة في جنيف فيما تتجه الانظار الى موسكو التي يصلها وزير الخارجية الاميركي في محاولة لدفع عملية المفاوضات التي لم تحقق تقدما ملموسا بعد.

وبدأ الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا اجتماعاته الاربعاء بلقاء مع الوفد الحكومي السوري. وقال بشار الجعفري، رئيس الوفد ومندوب سوريا لدى الامم المتحدة في مقابلة لوكالة فرانس برس انه سيسلم دي ميستورا تصورهم عن جدول اعمال المفاوضات التي تنطلق جولتها المقبلة في نيسان/ابريل.

واعتبر الجعفري ان عدم الاتفاق على جدول الاعمال "يعيق التقدم بشكل رئيسي" في جنيف لكنه اضاف "استطيع ان اقول اننا اقتربنا الى حد ما من كسر جدار الجمود الذي كان قائما في الجولة الاولى (...) من ناحية الشكل وليس الجوهر".

وانتقد الجعفري "انتقائية واستنسابية الوفود الاخرى في مقاربتها للقرار 2254" الذي قال انه "واسع وشامل ويجب ان نراعيه بكل احكامه. فهو يتحدث عن مكافحة الارهاب ويجب ان نتطرق الى ذلك، ويتطرق الى حوار سوري سوري بدون تدخل خارجي وشروط مسبقة".

وشدد على ان اولوية الوفد الحكومي في الجولة المقبلة هي بحث "محاربة الارهاب" مؤكدا ان حل النزاع الذي تشهده سوريا منذ خمس سنوات والذي تسبب بمقتل اكثر من 270 الف شخص "يبدأ حكما بمكافحة الارهاب ونحن محتاجون الى تضامن العالم معنا".

الانتقال السياسي

وقال دي ميستورا للصحافيين الثلاثاء ان "الحل اللازم لمكافحة الارهاب يمر بالتوصل الى صيغة للانتقال السياسي في سوريا"، وهو ما يرفض وفد دمشق الخوض في تفاصيله مشددا على ان مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد "ليس موضع نقاش" في جنيف.

ويحدد القرار 2254 الذي تبناه مجلس الامن بالاجماع نهاية العام الماضي خارطة طريق تتضمن مفاوضات بين النظام والمعارضة ووقفا لاطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا. ولا يشير هذا القرار الى مصير الرئيس السوري بشار الاسد، وهو ما تعتبره دمشق "ليس موضع نقاش" في جنيف.

وبحسب الجعفري فان "اليات الحوار والتغيير السياسي والانتقال السياسي وحكومة الوحدة الوطنية كلها جزء لا يتجزأ من جدول الاعمال" معتبرا انه اذا كان القرار 2254 "بوصلة او خارطة طريق فهو يحتاج الى جدول اعمال (...) يحدد اولويات المشاركين في هذا الحوار".

واقر بأنه "لا قراءة واحدة لمسألة الانتقال السياسي" مضيفا "نحن فهمنا شيئا والطرف الاخر فهمه شيئا وربما لدى دي ميستورا حل وسط".

وكان دي ميستورا حث الوفد الحكومي نهاية الاسبوع الماضي على تقديم مقترحات عملية بشان رؤيته لموضوع لانتقال السياسي الذي يعتبره "اساس" محادثات جنيف.

وتتزامن محادثات جنيف غير المباشرة الاربعاء مع زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى موسكو، حيث يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره سيرغي لافروف في محاولة لدفع مفاوضات جنيف وتقييم وقف اطلاق النار الذي تشهده مناطق سورية عدة بموجب اتفاق بين الطرفين منذ 27 شباط/فبراير، ترعاه الامم المتحدة.

ويعول دي ميستورا على محادثات موسكو التي "ننتظر الكثير" منها على حد قوله، املا ان "تكون بناءة لتساعدنا على المضي في المحادثات بشكل معمق اكثر".

لكن الجعفري اعتبر ان الحديث عن ضغوط تمارسها روسيا على الحكومة السورية لتقديم تنازلات في جنيف هو "قراءة خاطئة".

واضاف "عندما نقول ان الحوار سوري سوري من دون تدخل خارجي فهذا يشمل الروس والاميركيين. لا استثناءات هنا".

ويضع محللون قرار روسيا المفاجئ الاسبوع الماضي بسحب الجزء الاكبر من قواتها من سوريا والذي بدأت تنفيذه تدريجيا في اطار الضغط على دمشق. 

وقالت المحللة اغنيس لوفالوا المتخصصة في شؤون الشرق الاوسط لفرانس برس الثلاثاء ان لدى الروس الوسائل "للي ذراع" النظام السوري. وستكون زيارة كيري الى موسكو الاربعاء مناسبة لزيادة الضغوط عليه.

واعتبرت ان "النظام لا يريد التنازل عن اي شيء لانه يدرك انه في حال الدخول في مفاوضات جديدة فستكون بداية النهاية له".

على مشارف تدمر

ميدانيا، بات الجيش السوري الاربعاء على مشارف مدينة تدمر الاثرية بدعم جوي روسي في اطار هجوم لاستعادة السيطرة على المدينة من تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يسيطر عليها منذ ايار/مايو الماضي.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان "قوات النظام السوري اصبحت على بعد كيلومترين جنوب المدينة" موضحا ان هذا التقدم جاء "بعد استعادة سيطرتها على جبال الهيال المطلة على المدينة وتقع في الطرف الجنوبي الغربي منها".

وبدأ الجيش السوري في السابع من اذار/مارس عملية لاستعادة تدمر في محافظة حمص في وسط سوريا بغطاء جوي كثيف توفره الطائرات والمروحيات الروسية. 

وتعد هذه العملية وفق عبد الرحمن، "معركة حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق امامها لاستعادة منطقة البادية وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقا".

ويسيطر التنظيم على مدينة تدمر المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، منذ ايار/مايو 2015، وعمد مذاك الى تدمير العديد من معالمها الاثرية وبينها قوس النصر الشهير ومعبدي شمين وبل.