في مفارقة طريفة، أشفق العديد من العراقيين على أمهات المسؤولين الفاسدين، لأنهن أنجبنهم، فيما ألقى البعض باللائمة عليهنّ في وصولهم الى هذا المستوى من الخيانة للشعب والبلاد.

بغداد: وسط التهاني والاحتفالات الواسعة بعيد الأم والاستذكارات الطيبة التي امتلأت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للامهات وكيل انواع المديح وغدق أروع الأوصاف عليهنّ، كانت هناك كلمات مشبعة باللوم والعتب والاساءات ايضًا لأمهات المسؤولين الفاسدين بشكل ملفت، محملين اياهن المسؤولية في عدم اخلاصهم للشعب والوطن وفي اكتسابهم للصفات السيئة التي عرفها الناس عنهم على الرغم من أن البعض، وخاصة من النساء، أكد أن الأم لا تتحمل هذه المسؤولية وقد اكتسب المسؤول الفاسد اخلاقه من انعدام ضميره لاحقًا.

الامهات لا يسألن أبناءهن لماذا افسدوا

فقد اكد المتظاهر جابر كريم أن الام تتحمل المسؤولية وراء فساد ابنها المسؤول لأنها لم تعلمه الصفات الحميدة عند الصغر، وقال: "للمسؤولين الفاسدين أمهات، ولكن كما يبدو أنهن لم يربّينهم التربية الحميدة التي أولى أولوياتها الصدق والأمانة، ولو أن هذه الأم علمت ابنها الذي صار مسؤولاً في ما بعد الاخلاق منذ الصغر لما صار فاسدًا".

&واضاف: "في عيد الام .. انا اعاتب امهات المسؤولين الفاسدين واحاول ان انال منهن بكلمات قاسية، ولكن اقول لهن : هل ان الحليب الذي ارضعنه لهم كان طاهرًا ؟ ، كما اقول لهنّ: هل حاولت احداكن أن تسأل ابنها المسؤول لماذا فسد؟ اعتقد انهن لم يسألن بقدر ما يتباهين بهم لانهم صاروا مسؤولين" .

لم تعلمه الصدق

اما احسان فاضل، موظف، فقد أكد أن للام دوراً في فساد ابنائها، وقال: اعرف أن الشاعر قال (الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبًا طيب الاعراق)، واعتقد ان امهات المسؤولين الفاسدين لم يكن (مدارس) فكانت رعايتهن لهم غير مسؤولة، ولا اعتقد انهن علمنهم الاخلاق، والله لو أن الام هذه احتضنت ابنها وهو صغير وربته لما خرج عن نواميس الحياة.

واضاف: قد يقول قائل إن الام ليست مسؤولة عن اولادها حينما يكبرون، لكنني اقول لو انها علمته الصدق لما كذب ابدًا أو انها علمته المحبة لما عرف الكراهية، فنحن نأخذ من امهاتنا اكثر من آبائنا وعلاقاتنا بالامهات صميمية، ومنهن تعلمنا لا من ابائنا والكلمة منها تبقى راسخة في الضمير .

وتابع: تبًا لأم تلد فاسدًا أو خائنًا، فوالله انها لا تستحق كلمة (الجنة تحت اقدام الامهات) .

الامهات لسن السبب

من جانبها، اكدت ايناس العبيدي، ناشطة مدنية، ان الام لا تتحمل المسؤولية كاملة، وقالت: لا اقول سوى انهنّ سيتعرضن للسباب والشتائم وتشتعل ارواحهن من وراء ما خلفن &من هذه القذارات التي اسمها مسؤولون فاسدون، ويا ليتهن ما خلفنهم، ولزمن انفسهن عن تلك الليلة السوداء.

واضافت : إن الفاسدين طلعوا بهكذا صورة واخلاق باجتهاد شخصي لانني استبعد أن لا تتمنى أم لابنها ان يكون افضل شخص &في الدنيا، وكل ام تتمنى ان ترى ابنها استثنائيًا، يعني باختصار اللوم يقع على الفاسدين حصرًا، باستثناء من توارث الفساد السياسي من اسرته السياسية.

وتابعت : الام ليس ذنبها بفساد ابنها فهي عليها ان زرعت الاساسيات والباقي تصرف شخصي منه، ويكون حسب تواجد الضمير او انعدامه، وهذه تأتي من الاختلاط الغلط أو ضعف الشخصية والاستسلام للمشورات الغلط، وخصوصا نحن نعيش في مجتمع شرقي ما إن يصل الشاب سن الرشد حتى يعلن استقلاليته باتخاذ القرارات من اختيار طريق أو مخالطة اشخاص غلط أو تحديد مسار حياته وينسى امه وتربيتها ويبقى حبه واهتمامه بها مجرد شعارات وكرد جميل على التربية&والاهتمام.

عين الشفقة&

اما الاعلامية والناشطة النسوية علياء المالكي فقد اكدت انها تشفق على امهات السياسيين الفاشلين، وقالت ليس بالضرورة ان تلام امهاتهم، هذا حرام وانتهاك بروح الام التي تربي ويأتي خلفها ليكون مسيئًا.

واضافت : لاتوجد&أي ام لا تحترم، كل الامهات بعلاتهن لهن احترامهن كأمهات، لا يؤخذ أحدنا بجريرة الآخر، قد تكون الام عظيمة وولدها فاسق، انا لا اؤمن بـ (الحليب الطاهر)، فالواقع يروي لنا قصصًا عن رجال عظماء لأمهات فاسقات، وبالعكس طبعًا.

وختمت بالقول:&ومع كل ذلك وان اردت رأيي كاملاً فأنا انظر بعين الشفقة لكل ام صار ابنها سياسيًا فاشلاً.

تساؤلات موجعة&

اما الكاتبة نهضة طه، فقد اثقلت اجابتها بالعديد من التساؤلات الموجعة قائلة : يا ترى هل كان لأحدهم من هؤلاء الموغلين في دمنا ان يقف عند اعتاب جنته كل صباح ويقبل رأسها .. ويقول لها رضاك يا أمي وجميل دعاؤك؟ .. هل كان له ان يستشعر آلام الامهات اللواتي فقدن اعمارهن تحت سياط الفقر والحاجة والترمل وفقدان الأبناء عندما ينظر في عيون امه كل صباح ؟هل كان له ان يقبل يدها كل مساء وهو يرجع مثقلاً بآلاف الذنوب والسرقات ودم عشرات الضحايا يوميًا ليضع رأسه في حجر امه ويقول لها يا اماه انني متعب.. وهل لأمه ان تباهي به نساء الحي لأن ابنها البار بها متهم ومذنب في ذبح الوطن وجياعه .. هل لها ان تضع جبينها عند الصلاة على الارض وتطيل دعاء التذلل للرحمن ان يحفظ ولدها. . هل لها ان تشير بقلب الأمومة قبل بنانها لتقول امام الناس المعدمة ذاك ابني؟

فاقدو ضمير&

الى ذلك اكد الكاتب والاعلامي احمد جبار غرب قائلا : ثمة مفارقة يمكن ان نستخلصها في عيد الام، كون السياسيين الفاسدين فاقدي الضمير فقد حملهم الشعب مسؤوليات جسامًا وامانة كان عليهم ان يحافظوا عليها لكنهم خيبوا ظن الجميع بالكم الهائل من سرقاتهم .

واضاف: في هذا اليوم الكبير عيد الام لا اظن أن مرتبة ومنزلة الام تسمح بأن تجعل ابنها فاسدًا، فهي اقدس من ان توصف بهكذا سمة انها تعبت وربت من اجل ان يكون ولدها احسن الاولاد وافضل الابناء،&ولكن انزلاق هؤلاء في الجشع والطمع عمى بصيرتهم وجعلهم يفقدون توازنهم ويرتكبون الحماقات تلو الحماقات والام بريئة مما يفعل هؤلاء الحمقى، تحية للام في عيدها الاغر ويارب يحفظ كل الامهات في العالم.