تشهد سوق أنظمة وخدمات المراقبة الالكترونية ازدهارًا في تونس، بسبب عدم الاستقرار الذي عاشته البلاد بعد ثورة 2011 وتهديد الجماعات "الجهادية" المتطرفة، وتراجع الشعور بالأمان، حسب ما أكد مشاركون في "الصالون الدولي لأجهزة وخدمات السلامة" في تونس هذا الأسبوع.

تونس: قال مراد السلاوي رئيس "الغرفة النقابية الوطنية لمؤسسات الحماية الالكترونية"، التي شاركت في المعرض "بعد الثورة، ارتفع الطلب بشكل كبير على أجهزة وخدمات السلامة والمراقبة الالكترونية، ما جعل السوق التونسية مغرية".

اهتمام متزايد
ومنذ سنة 2012 شرعت تونس في تنظيم "الصالون الدولي لأجهزة وخدمات السلامة"، الذي يقام مرة كل عامين، وفق عماد بوعفيف المدير التجاري في الشركة التي تنظم هذه الفعالية. وأفاد بوعفيف أن عدد العارضين والزوار في دورة هذا العام، التي استمرت اربعة ايام، "تضاعف" مقارنة بسنة 2012.

وقال "في 2012 شارك في الصالون 50 عارضًا (مؤسسة)، وزاره 2500 شخص. اما هذا العام فقد شارك 100 عارض، وبلغ عدد الزوار 7800، وهذا يعكس تنامي الاهتمام بهذا القطاع في تونس، وحتى في دول الجوار، اذ جاءنا زوار من ليبيا والجزائر والمغرب والأردن".

واوضح ان 70 بالمئة من زوار المعرض هم من المهنيين، و30 بالمئة من المواطنين. وازداد الاهتمام بأمن المرافق العامة والخاصة في تونس، إثر مقتل 59 سائحًا اجنبيًا خلال هجومين "جهاديين" استهدفا في 2015 متحف باردو الشهير في وسط العاصمة وفندقًا سياحيًا في سوسة (وسط)، وتبناهما تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.

وحرصًا على امنها، أحاطت وزارات وسفارات نفسها بالاسلاك الشائكة أو بحواجز من الخرسانة، كما أُغلِقت شوارع امام المارة والسيارات، وفُرِضت عمليات تفتيش دقيقة عند مداخل بعض مواقف السيارات.

من الثكنات الى المنازل
تتلقى الشركات المتخصصة في انظمة وخدمات المراقبة الالكترونية، طلبات من الثكنات العسكرية والسجون والديوانة (الجمارك) والوزارات والادارات العمومية والفنادق والمحال التجارية المتوسطة والكبيرة، وأيضًا من مواطنين في مختلف مناطق البلاد، بحسب معز اللبان المدير التقني لمؤسسة "نكست دستربيوشن".

وأفاد اللبان أن الطلب ارتفع خلال العامين الاخيرين في تونس على كاميرات المراقبة، والأسيجة والأسلاك الشائكة المكهربة "الذكية"، التي ترسل تنبيهات الى الهواتف الجوالة، فور حصول محاولة تسلق أو قطع لتلك الاسيجة والاسلاك، كما تحدد بدقة المكان الذي حصلت فيه محاولة التسلق أو القطع.

أضاف أن المطارات والمحال التجارية الكبرى والوزارات وكثيرًا من الادارات اقتنت "بعد العمليات الارهابية" في 2015 أجهزة "سكانير"، وهي بوابات الكترونية تكشف عن الاسلحة والمتفجرات، يتم &تركيزها عند مداخل &المرافق المذكورة.

ولاحظ ان هناك "اهتمامًا كبيرًا لدى المواطنين بتجهيز منازلهم بكاميرات مراقبة تحسبًا لعمليات السطو والسرقة". وقال في هذا السياق: "بعد الثورة، لم يعد التونسي يحس بالاطمئنان، وصار يبحث عن شيء يحمي به نفسه".

500 شركة
وتعد تونس اليوم "نحو 500 مؤسسة تنشط بصفة كاملة في قطاع السلامة بمختلف فروعه"، وفق مراد السلاوي، الذي قال إن الشركات المنتسبة الى نقابته (120 شركة) تستأثر وحدها بنسبة 80 بالمئة من رقم معاملات القطاع من دون الكشف عن الرقم.

واستطاع كريم العش، مدير شركة "وايكوم"، ونضال الجربي مدير شركة "ملتيكوم"، بفضل اندماج شركتيهما، الفوز بصفقة بقيمة 6 ملايين دينار (3 ملايين يورو) لتركيز منظومة مراقبة الكترونية لفائدة الديوانة (الجمارك) التونسية.

وقال العش والجربي إن شركتيهما ستركزان منظومة المراقبة في ميناءي حلق الوادي ورادس (شمال العاصمة) ومعبر راس الجدير (جنوب) الحدودي مع ليبيا. وأوضحا أن الإدارة العامة للديوانة ستتمكن بفضل هذه المنظومة من مراقبة الحركة في الميناءين والمعبر والمناطق المحيطة، عبر شاشة كبيرة.

وقال كريم العش ونضال الجربي إن شركتيهما تتلقيان اسبوعيًا 4 طلبات في دول أفريقية، وانهما فتحا فرعًا في المغرب، وسيشرعان بداية من العام المقبل في فتح فروع في دول أفريقية فرنكوفونية.

ليس هناك إطار قانوني ينظم عمل شركات "الحماية الاكترونية" في تونس، وفق مراد السلاوي، "ما جعل شركات تجارية ليست لديها المؤهلات التقنية الضرورية، تدخل السوق". وقال السلاوي: "من المفترض أن يتبع هذا القطاع شركات التأمين، كما هو الامر في الخارج"، داعيًا شركات التأمين التونسية الى "الاستفاقة والمشاركة في وضع النصوص القانونية لتنظيم القطاع وتطويره".
&