لأنهم خبروه عن قرب، ينصح موظفون سابقون عملوا في كازينوهات كان يموّلها ترامب في أتلانتيك سيتي، بعدم الوثوق به لأنه لا يفي بوعوده، فها هو تركهم "يغرقون" حين أفلست شركاته، ورغم نفي ترامب أن تكون مؤسساته تعرّضت للإفلاس بل لإعادة هيكلة، إلا أن مشرّعًا في المدينة يناقض زعمه.

اتلانتيك سيتي: يقول كون كيمورا إنه لن يصوّت لدونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية لتعيين المرشح الجمهوري للسباق الى البيت الابيض، رغم انه تلقى منه اكبر علاوة مالية في حياته، حين كان يعمل لحسابه في اتلانتيك سيتي عام 1984.

كيمورا هو احد الذين عملوا في كازينوهات ترامب في هذه المدينة الواقعة في ولاية نيوجرزي (شرق)، قبل ان تعلن هذه المؤسسات افلاسها، تاركة عددًا كبيرًا من العاطلين عن العمل، وملحقة اضرارًا بشركات صغيرة محلية كانت تتعامل معها.

اكد هذا المتقاعد، البالغ من العمر 64 عامًا، انه لن يمنح صوته "ابدًا، على الاطلاق" لرب عمله السابق، متحدثًا لوكالة فرانس برس امام الكازينو المغلق، حيث كان يعمل في الماضي، على الجادة الشهيرة المحاذية للبحر في المدينة الساحلية الاميركية.

كارسون يكشف أسباب دعمه لدونالد ترامب - إيلاف

إنعاش سياحي
وكان كون كيمورا بين 1984 و1988 مسؤولاً عن طبقة من كازينو "ترامب بلازا"، في وقت كان الملياردير النيويوركي، الذي بات حاليًا يتصدر المرشحين لتمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، بطلًا في مدينة اتلانتيك سيتي.

استثمر ترامب مبالغ طائلة في المدينة، التي جلب إليها البذخ والترف، بعدما سمحت سلطاتها بألعاب القمار سعيًا الى النهوض باقتصادها المتداعي، الامر الذي ساهم في اجتذاب السيّاح اليها.

ووظف ترامب في اتلانتيك سيتي الاف الاشخاص، وكانت ثلاثة من كازينوهاته، وهي "ترامب بلازا" و"ترامب كاسل" و"تاج محل"، تتعامل مع شركات محلية تزودها خصوصًا بالكحول واعمال التنظيف وخدمات سيارات الليموزين.

حضر "ملك موسيقى البوب" مايكل جاكسون الى اتلانتيك سيتي، بمناسبة افتتاح كازينو "تاج محل" عام 1990، كما زارت الممثلة باميلا اندرسون المدينة. ولعب نجم الملاكمة مايك تايسون في فندق "ترامب بلازا" اشهر مبارياته، حين قضى على خصمه البطل السابق مايك سبينكس بالضربة القاضية بعد 91 ثانية فقط على بدء المباراة.&

غزل عابر
ويذكر كون كيمورا "ان يكون الواحد دونالد ترامب في تلك الفترة كان على الارجح افضل من ان يكون رئيسًا للولايات المتحدة"، مضيفًا "كان الناس يعبدونه". غير ان مرحلة الغزل هذه لم تدم طويلاً.

فكازينو "تاج محل" أحد مشاريع ترامب الذي كان يطمح بقببه الجميلة الجذابة ليكون ثامن عجائب العالم، أشهر افلاسه منذ عام 1991، وتلاه كازينو "بلازا" عام 1992، ثم شركة "ترامب هوتيلز اند كازينو ريزورتس" للفنادق والمنتجعات عام 1992، وصولاً الى شركة "ترامب انترتينمنت ريزورتس" المشغلة لفنادقه وكازينوهاته عام 2009.

غير ان المرشح الجمهوري يقلل من شأن سلسلة الافلاسات هذه، ويوضح في خضم حملته الانتخابية انها كانت مجرد عمليات "اعادة هيكلة" لم تلحق الكثير من الضرر بـ"الناس البسطاء العطوفين". لكن القاضي السابق ستيفن بيرسكي، واضع القانون الذي شرع ألعاب الميسر في اتلانتيك سيتي، ينفي ذلك قائلاً "هذا بكل بساطة غير صحيح".

وقع فادح&
وقال بيرسكي، الذي كان رئيسًا للجنة ضبط الكازينوهات بين 1990 و1994، لوكالة فرانس برس، "حتى لو كان يحق لهم قانونًا القيام بما قاموا به، فإنه لم يتم يومًا الاقرار بالوقع الفادح لقراراتهم على عدد هائل من الاشخاص والشركات الصغرى في المنطقة".

وعلى ضوء تجربتهم مع ترامب، فإن منتقديه في المدينة المؤيدة بغالبيتها للديموقراطيين، ينصحون بعدم الوثوق به، مؤكدين انه لن يفي بوعوده. وانسحب ترامب من اتلانتيك سيتي انسحابًا تامًا منذ سنوات، وهو يفاخر برحيله منها، قبل ان تغرق في الازمة، في وقت بدأت تقام كازينوهات جديدة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وكان ترامب اعلن للهيئات الناظمة في المدينة، حين استثمر فيها، انه لن يعتمد اطلاقًا على سندات بلا قيمة، "لكن هذا ما فعله" على ما يؤكد بيرسكي. وقال "هو لم يستثمر يومًا، ولو عشرة سنتات، من امواله الشخصية، بل اقترض كل شيء، وفعل ذلك في ظروف (...) تولد مخاطر هائلة لا تقاوم".

وخسر المستثمرون الملايين، لكن الاضرار لم تقتصر على ذلك، اذ ان الموردين المحليين افلسوا ايضًا. وقال القاضي السابق إن العديدين اضطروا الى اغلاق محالهم أو شركاتهم أو قضوا سنوات للنهوض من الازمة.

مايك ديل (88 عامًا) الذي يملك محلًا لبيع آلات البيانو، هو من الذين عانت أعمالهم. ويقول انه منذ 1951، لم يعرف سوى زبون واحد تخلف عن تسديد فاتورة، وهو ترامب، مع شيك بقيمة مئة الف دولار لقاء شراء ثماني آلات بيانو لكازينو "تاج محل".

قتل جماعي
ويؤكد "انه يلقي بالمشكلات المالية على عاتق النجارين والسمكريين والبنائين، هم الذين خسروا". واغلق "ترامب بلازا" عام 2014، فبات مبنى مهجورًا اعدم مدخله المطل على الجادة الساحلية، وازيل اسمه عن واجهته. كذلك قال فرانك هالفيدي، الذي يصطحب السياح في نزهات بعربته المجرورة بدراجة على طول الجادة المحاذية للبحر، "هو ليس مرشحي".

ويشرح هالفيدي، الذي يبدي ارتياحه حين يكسب عشرة دولارات في اليوم، "سيقول لكم تمامًا ما يجول بباله، بصورة انية، لكن لا يمكن القيام بذلك حين يكون الواحد رئيسًا"، مضيفًا "دونالد ترامب سيقحم بنا جميعًا في حرب، سيقودنا جميعًا الى القتل".

لكن على الرغم من السجالات التي يثيرها والشتائم التي يوزعها، يبقى الملياردير متصدرًا السباق لنيل الترشيح الجمهوري لانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، مدعومًا بصورة رئيسة من الناخبين البيض المتوسطي الاوضاع، الذين يواجهون صعوبات مادية، والثائرين على السلطات السياسية.