كشف تقرير نشر في لندن عن جذور التشدد الإسلامي في بريطانيا، وكيف أنه مرتبط بالحركة الأصولية المعروفة باسم (ديوباندي) التي كانت نشأت في الهند العام 1866، وقال التقرير إنها تسيطر على العديد من المساجد في المملكة المتحدة.&

ومن بعد تقرير لها نشرته في أيلول (سبتمبر) العام 2007، تعود صحيفة (التايمز) اللندنية لإلقاء الضوء على التشدد من خلال افتتاحيتها يوم الثلاثاء التي حملت عنوان "جذور الجهاد: الترحيب بدعاة الكراهية يعني الترويج للكراهية".

وتقول الصحيفة إن من فهم الماضي لديه فرصة أكبر من معظم الآخرين على فهم الحاضر والمستقبل. ولهذا فإن زيارة مسعود أزهر إلى بريطانيا منذ 23 عامًا تستدعي الدراسة من كثب.&

وتشير الصحيفة إلى أن تقريرًا لـ(بي بي سي) كشف سردًا لوقائع تلك الزيارة التي جرت منذ أكثر من عقدين، وهي تكشف جذور التشدد الإسلامي في بريطانيا.

الاستعداد للجهاد&

وتقول إنه في آب (أغسطس) العام 1993 بدأ أزهر، وهو الخطيب المفوه المتخرج من مدارس حركة (ديوباندي) الاسلامية المتشددة في باكستان، جولة شملت 42 مسجدًا تشرف عليها الحركة في بريطانيا على مدى 30 يومًا. وكان موضوع الجولة "الاستعداد للجهاد".

ودعا أزهر آنذاك مستمعيه إلى اعتناق التطرف والإرهاب إذا كان هذا ما يتطلبه "السعي للمجد لرفع اسم الله". وقال للأطفال في مدرسة داخلية إسلامية إن أجزاء كبيرة من القرآن "مخصصة للقتل في سبيل الله".

وتقول الصحيفة إن خطب أزهر لاقت استحسانًا ورواجًا كبيرين من مستمعيه، وكان من بينهم رشيد رؤوف، الذي كان أحد مهندسي هجمات 7 تموز (يوليو) العام 2005 على لندن، وعمر سعيد شيخ، المحكوم عليه الآن بالإعدام في باكستان لقتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل.
وتقول الصحيفة إن حركة ديوباندي، التي تبدو معتدلة في مظهرها، تدير نحو نصف المساجد في بريطانيا ومدارس داخلية يتخرج فيها نحو ثمانية من كل عشرة شيوخ تلقوا تعليمهم في بريطانيا.

وتشير (التايمز) إلى أن الموقف الرسمي لحركة ديوباندي في بريطانيا هو الإدانة المشددة للإرهاب الإسلامي ودعم القيم البريطانية ومن بينها التسامح مع أصحاب الديانات الأخرى ومع اللادينيين.

وتقول الصحيفة إن ما يدعو للخوف هو أن هذه الحركة واسعة النفوذ قد تكون من المؤيدين لنشر رسائل التشدد والكراهية في خطب للمصلين على أن يبقى موقفها المعلن هو إدانة التشدد.

تقرير 2007&

&ويشار إلى أنه في ايلول (سبتمبر) 2007 كشفت ذات الصحيفة عن أن حوالى نصف مساجد الجاليات الإسلامية في بريطانيا هي بيد حركة إسلامية متشددة تطلق على نفسها "ديوباندي"، وأن أبرز خطبائها ويدعى رياض الحق يعارض القيم الغربية بشدة، وأنه يستغل منبره لتحريض المسلمين ضد الدول الغربية وقيمها.

وحينذاك، نقلت صحيفة (التايمز) عن تقرير أمني خاص بالشرطة البريطانية أن حركة "ديوباندي" تسيطر على أكثر من 600 مسجد من أصل 1350 مسجدًا، وأن رياض الحق أبرز خطباء الحركة يهاجم بشدة أثناء خطبه المسلمين الذين يعتزون بأنهم بريطانيون، معتبرًا أن الصداقة مع اليهود والمسيحيين استخفاف بالديانة الإسلامية.

وأضافت الصحيفة، استنادًا إلى التقرير الأمني، أن رياض الحق يحذر في خطبه المسلمين بالابتعاد عن "التأثيرات الشريرة"، الخاصة بالبريطانيين غير المسلمين والموسيقى التي يستخدمها اليهود لإفساد أخلاقيات وسلوك الشباب المسلم.&

رياض الحق

وقالت (التايمز) إن رياض الحق "الذي يدعم الجهاد المسلح ويلقي خطباً دينية تحتقر اليهود والمسيحيين والهندوس، سيصبح المرشد الروحي لجماعة الديوباندي المتشددة، والتي أنجبت حركة طالبان في أفغانستان وتدير الآن 600 مسجد من أصل 1350 مسجداً في بريطانيا".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الكشف يلقي بظلال الشك على الرواية الحكومية التي تحمّل الأئمة الأجانب مسؤولية نشر أفكار التطرف في المساجد البريطانية وسياستها الرامية الى تشجيع تأهيل أئمة بريطانيي المولد. وذكرت التايمز أن المجلس الإسلامي في بريطانيا قد دان بشدة خطب رياض الحق، مؤكدًا أن الدين الإسلامي يحث على التعايش المشترك مع الديانات الأخرى.

نشأة ديوباندي

وإلى ذلك، فإن حركة (ديوباندي) كانت نشأت في الهند على يد مجموعة من علماء بلدة ديوباند وانتشرت في جنوب آسيا وكانت الحركة تتخذ من الفقه الإسلامي حسب المذهب الحنفي محوراً مركزياً لها وتم بناء مدرسة دار علوم ديوباند في القرية عام 1866.

وقامت المدرسة بتدريس ما يعتبره العالم الغربي بالمفهوم الحديث الإسلام السياسي ويمكن تلخيص مبادئ هذه الحركة بالتالي: توحيد الله، اتباع سنة رسول الإسلام محمد بن عبد الله في كل صغيرة وكبيرة، حب الصحابة، تقليد واتباع أقدم مدارس الفقه أو الشريعة الإسلامية والجهاد في سبيل الله.

الإسلام السياسي

وكان لمدرسة (ديوباندي) الأثر الأكبر في نشوء حركة طالبان في ما بعد، وهي كانت من بدايات نشوء حركات (الإسلام السياسي).&

وكان مؤسس الحركة سيد أحمد خان يشعر بالقلق من كون المسلمين أقلية في الهند وكمواجهة للمد البريطاني في الهند، نصح اتباعه بتقبل الثقافة الغربية بصورة محدودة مع عدم الانفتاح الكامل على الغرب.

وكان خان يخطط لإنشاء مؤسسة تعليمية ضخمة توازي في ضخامتها جامعة كامبريدج، وقام بإصدار صحيفة باسم (تهذيب الأخلاق) وتدريجياً نشأت خلافات بينه وبين الهندوس من جهة، والسلطات البريطانية من جهة أخرى، وعندما بدأت بوادر الأزمة في عام 1876& نتيجة إصرار الهندوس على اعتبار اللغة الهندية لغة رسمية بدلاً من لغة (أردو) عندها صرح أحمد خان أنه كان ولفترة طويلة يعتقد أن المسلمين والهندوس هم أمة واحدة "ولكنه مقتنع الآن أن هناك خلافات جذرية تمنعهما من أن يكونا أمة واحدة".&

وفي الأخير، فإنه على الرغم من أن حركة سيد أحمد خان لم تكن مسلحة ولم تتسم بطابع العنف إلا أن آثار وأفكار هذه المدرسة كان لها دور كبير في نشوء دولة باكستان وحركة طالبان في ما بعد.
&