طرابلس: انتقل فايز السراج الذي ينتمي الى عائلة طرابلسية ثرية من قطاع الاعمال والمال الى معترك السياسة والحكم، ليجد نفسه امام تحدي توحيد ليبيا على راس حكومة محملة بالوعود والامال بعد سنوات من الخيبات المتتالية.

ويجد هذا المهندس المعماري المولود في طرابلس عام 1960 نفسه على رأس السلطة المدعومة من الامم المتحدة والمجتمع الدولي بعد عامين فقط من انطلاق مسيرته السياسية التي بدات بانتخابه نائبا عن مدينته.

ويحظى السراج، صاحب الشارب الرمادي الذي يضفي صرامة على ملامح وجهه الهادئة، بتاييد واسع في طرابلس منذ دخولها قبل اسبوع في مقابل تشكيك واسع سبق وصوله حيال مدى قدرته على النجاح في مهمته بسبب قلة خبرته السياسية.

سترة وسروال قماش

ويحمل السراج شهادة بكالوريوس في الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني حاز عليها في العام 1982، وشهادة ماجستير في ادارة الاعمال تعود الى العام 1999. وفي بداية حياته المهنية، عمل مهندسا في ادارة المشروعات في صندوق الضمان الاجتماعي حيث اكتسب خبرة في مجال انشاء المباني والاشراف على تنفيذ مخططاتها.

ويقول المهندس سليم بن حميدة، صديق السراج في طفولته وجاره في طرابلس، ان "فايز رجل طيب جدا، ولطيف، ومهذب، ويستمع للاخرين بصبر واحترام"، مضيفا "لكن طيبته هذه لا تمنعه من ان يكون حازما وان يعبر عما يشعر به".

ويتابع ان رئيس الوزراء رياضي "وكان من المذهل مشاهدته وهو يلعب كرة السلة لصالح نادي الشباب في بن عاشور" في العاصمة.

وتدير عائلة السراج مجموعة كبيرة من الاعمال التجارية بينها مكتبة السراج في وسط طرابلس كانت احدى اشهر المكتبات في المدينة قبل ان يقرر معمر القذافي اغلاقها بعيد وصوله الى الحكم، في اطار حملته لمصادرة املاك الليبيين.

وتمتلك عائلة السراج المحافظة المتحدرة من المدينة القديمة اراضي شاسعة في ضاحية طرابلس الغربية في منطقة لا تزال تعرف حتى الان باسم منطقة السراج. وكان والده مصطفى السراج احد مؤسسي الدولة الليبية بعد الاستقلال في العام 1951.

ويقول رضا القنطراري، احد زملاء الدراسة، ان السراج المتزوج من امرأة كانت زميلته في الجامعة، والاب لثلاث بنات، "كان تلميذا جيدا على الدوام، لا يشاغب، يرتدي سترة وسروالا من القماش ولا يحب الجينز".

فساد ومصالحة

وفي بداية مسيرته السياسية عندما اعلن ترشيحه لمجلس النواب، ركز السراج برنامجه الانتخابي على دور المراة في "بناء دولة جديدة" وعلى تحدي الفساد. لكن اسم السراج برز مع تمسيته رئيسا للوزراء من جانب الممثل السابق للامين العام للامم المتحدة برناردينو ليون في الاتفاق السياسي الليبي الذي وقعه برلمانيون في كانون الاول/ديسمبر.

وانبثقت عن هذا الاتفاق الذي يهدف الى انهاء نزاع على السلطة قتل فيه الالاف منذ صيف 2014، حكومة الوفاق الوطني. ويشكك كثيرون في قدرته على قيادة البلاد نحو الوحدة بعد سنوات من الازمات التي تلت الاطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011.

لكن السراج، وفي غضون اسبوع، نجح مع اعضاء حكومته في تخطي التحدي الاول المتمثل في القبض على السلطة من دون اراقة دماء، وهو ما تحقق بعد تنحي السلطة المنافسة عن الحكم مساء امس الثلاثاء.

ويقيم السراج مع اعضاء حكومته في قاعدة طرابلس البحرية منذ وصولهم الى المدينة، لكنه قام الجمعة بجولة سيرا على الاقدام في ساحة الشهداء في وسط طرابلس، وادى الصلاة في مسجد قريب من الساحة.

وصافح السراج خلال جولته عناصر الشرطة والمارة الذي احتشدوا حوله يقبلونه ويلتقطون الصور معه.

وفي خطابه الاول في طرابلس يوم وصوله اليها، قال السراج في القاعدة البحرية امام مجموعة من الصحافيين ان اولوياته في هذه المرحلة باتت تتركز على "تحقيق مصالحة وطنية شاملة"، مضيفا انه جاء "لتوحيد الصفوف".