على وقع اشتداد المواجهات في حي الشيخ مقصود في حلب، برزت اتهامات لجيش الإسلام بقصف القنابل المسماة "الجهنمية" المملوءة بالغاز السام، فيما نفى اسلام علوّش، المتحدث الرسمي باسم جيش الاسلام، هذا الاتهام، مؤكدًا بأنه محض افتراء.

حلب: قال النقيب اسلام علوّش المتحدث الرسمي باسم جيش الاسلام في تصريح خاص لـ"ايلاف": "إن الكلام عن استخدام جيش الاسلام للسلاح الكيميائي في منطقة الشيخ مقصود في حلب، هو محض كذب وافتراء"، وأضاف: "هي مجرد شائعات يطلقها إعلام النظام وحلفاؤه والميليشيات الكردية التي تقاتل الثوار، الذين استغلوا بيان محاسبة شخص مخطئ وتحويله إلى القضاء العسكري أصولاً، بعمل قمنا به لا يفقهه المجرمون كالنظام وميليشيات الـ (بي كي كي) و الـ (بي واي دي)"، على حد قوله.

و أكد علوّش أن "إحالة القيادي المذنب في جيش الاسلام الى التحقيق والقضاء جاءت لاستخدامه أسلحة غير مصرح بها في هذا النوع من المواجهات، وفقًا للوائح الفصيل الداخلية، ما استدعى إحالته للقضاء العسكري لينال العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات المعمول به في جيش الإسلام".

وأوضح "أن الأسلحة غير المصرح بها هي صواريخ غراد معدل، وهي لا تصلح في حرب العصابات، وهي ليست محرمة دوليا كما يحاول النظام وعملائه الترويج".

اشتباكات متواصلة

ورفض طرف كردي مستقل التحدث لـ"ايلاف" عن ما يجري في الشيخ مقصود وما حوله، الواقع عند مدخل مدينة حلب، والذي يشهد اشتباكات بين فصائل المعارضة المسلحة و"وحدات حماية الشعب" الكردية منذ شهور وعلى فترات متقطعة، كان اخرها في مطلع نيسان، وسط قصف مدفعي وصاروخي متبادل على مواقع الطرفين، ما تسبب بمقتل عشرات المدنيين، أكثرهم في أحياء الشيخ مقصود والهلك وبعيدين وطريق الكاستيلو.

فيما تحدثت وسائل اعلام كردية عن أن حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، "تعرض لقصف استخدمت فيه مواد سامة، وأن حالات اختناق وردت إلى مستوصف الهلال الأحمر الكردي في الحي"، كما نشر نشطاء أشرطةً مصورة، قالوا إنها من حي الشيخ مقصود، ويظهر فيها تصاعد الدخان الأصفر أثناء القصف.

استنكار حقوقي

في المقابل، أصدرت الفيدرالية السورية لحقوق الانسان، التي تضم عدة منظمات حقوقية من مختلف الأطراف، بيان إدانة واستنكار لقصف المدنيين بالغازات السامة في حي الشيخ مقصود بحلب.

وقالت في البيان، الذي تلقت "ايلاف" نسخة منه، "ما نزال في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية نتلقى ببالغ الالم والادانة والاستنكار الأنباء المؤلمة عن اتساع واشتداد وتائر العنف المسلح وتنوع اساليبه الدموية الذي يضرب مختلف المناطق السورية، عبر استخدام أبشع اساليب العنف والاجرام بحق الانسانية، حيث أن هذه الممارسات والإجراءات اللاإنسانية أصبحت تتخذ أشكالا واضحة من الجريمة المنظمة. وكان اخرها ما يحدث بحي الشيخ مقصود بحلب في شمال سورية الذي يسكنه غالبية من المواطنين الكورد السوريين اضافة لمواطنين سوريين عرب وسريان ومسيحيين".

وأضاف البيان" "في خرق فاضح ويومي لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2268 الصادر بتاريخ 27\2\2016 الخاص بوقف الأعمال القتالية في سورية، فان المدنيين في حي الشيخ مقصود ما زالوا يتعرضون لقصف عشوائي باسطوانات الغاز وقذائف الهاون منذ بدء الهدنة وتوقيف العمليات القتالية في سوريا، حيث تجاوز اعداد الضحايا القتلى 100 ضحية واعداد الجرحى تجاوز ال650 جريحا والذين تزداد معاناتهم مع النقص الحاد بالمواد الاسعافية والدوائية وافتقاد المراكز الطبية لأقل المستلزمات العلاجية والاسعافية، علاوة على كل ذلك, يتم منع الجرحى والمصابين من الخروج من الحي الى المشافي الأخرى بحلب، في ظل الحصار المضروب على منطقة الشيخ مقصود".

&وأشار البيان الى أن آخر "عمليات القصف العشوائي وافظعها كانت بتاريخ 7\4\2016 بعد ان قامت المجموعات المسلحة بالهجوم على حي الشيخ مقصود في حلب، مستخدمة فيها الأسلحة المحرمة دوليًا من قذائف مدفعية وصاروخية وبالغازات الكيماوية السامة".

وقالت المنظمات أنها استندت الى مصادر مستقلة كردية وعربية اولية وغير متطابقة، حيث "ادى هذا القصف المحرم دوليا الى التسبب بحالات اختناق واغماء وتسمم، وقد قضى اكثر من 4 اشخاص واصابة العديد بإصابات متفاوتة الخطورة".

ودانت المنظمات الدافعة عن حقوق الانسان في سوريا "عمليات استهداف المدنيين"، وأعلنت عن تضامنها الكامل مع أسر الضحايا والمتضررين. وسجلت استنكارها لجميع ممارسات العنف والقتل والاغتيال والاختفاء القسري، كما دان البيان "الصمت الدولي في مواجهة ارتكاب هذه المجازر خاصة اللجنة المشتركة الاميركية – الروسية للهدنة ومتابعة تنفيذ إيقاف اطلاق النار وارتكاب الخروقات".

نشر قيم المواطنة

ثم دعت الفيدرالية في بيان آخر، جميع الأطراف الحكومية وغير الحكومية للعمل "على الاستمرار بالالتزام بإيقاف العمليات القتالية، والشروع الفعلي والعملي بالحل السياسي السلمي وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم النساء المعتقلات، وجميع من تم اعتقالهم بسبب مشاركاتهم بالتجمعات السلمية التي قامت في مختلف المدن السورية، ما لم توجه إليهم تهمة جنائية معترف بها ويقدموا على وجه السرعةً لمحاكمة تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة".

كما طالبت بالعمل السريع من اجل إطلاق سراح كافة المختطفين من النساء والذكور والاطفال والكشف الفوري عن مصير المفقودين من النساء والذكور والاطفال.

وحضّت على ضرورة "تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة ومحايدة ونزيهة وشفافة بمشاركة ممثلين عن المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، تقوم بمساعدة الفريق الدولي من اجل بالكشف عن المسببين بانتهاك قرار مجلس الامن بإيقاف العمليات القتالية ورفع الحصار المفروض على المدنيين في بلدات ومدن داخل سوريا، أيًا تكن الجهة التي تفرض حالة الحصار".

وطالب البيان بـ "ازالة كل العراقيل والتبريرات المادية والمعنوية التي تعيق وصول الإمدادات الطبية والجراحية إلى جميع القرى والمدن السورية و تلبية الحاجات الحياتية والاقتصادية والإنسانية للمدن المنكوبة وللمهجرين داخل البلاد وخارجه وإغاثتهم بكافة المستلزمات الضرورية".

وأكد البيان أنه "ينبغي دعم الجهود الرامية من أجل إيجاد حل ديمقراطي وعادل على أساس الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، ورفع الظلم عن كاهله، وإلغاء كافة السياسات التمييزية ونتائجها، والتعويض على المتضررين ضمن إطار وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، بما يسري بالضرورة على جميع المكونات السورية والتي عانت من سياسيات تمييزية متفاوتة".

وطالب أخيرا من المنظمات كافة "نشر وتثبيت قيم المواطنة والتسامح بين السوريين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم على أن تكون بمثابة الضمانات الحقيقية لصيانة وحدة المجتمع السوري وضمان مستقبل ديمقراطي آمن لجميع أبنائه بالتساوي دون أي استثناء".
&