بعد ساعات من اجتماعه مع مبعوث الرئيس الاميركي اوباما في بغداد اليوم، طرح الرئيس العراقي&برنامج اصلاح شاملًا لإنقاذ البلاد من ازمتها الحالية، وهو يقوم على اجراء إصلاحات حقيقية وشاملة وتصحيح مسار المؤسسات الحكومية والتشريعية والقضائية في الدولة والابتعاد عن المحاصصات الفئوية والحزبية، بينما طوقت القوات الامنية المنطقة الخضراء تحضيرًا&لاجتماع مجلس النواب المضطرب صباح &السبت.

بغداد: قال الرئيس العراقي فؤاد معصوم في كلمة وجهها الى الشعب العراقي مساء الجمعة وتابعتها "إيلاف": "أتحدث إليكم وأنطلق من مبدأين أساسيين لا اختلاف عليهما وهما: اجراء إصلاحات حقيقية وشاملة، وذلك وفق برنامج مدروس، وتصحيح مسار المؤسسات الحكومية والتشريعية والقضائية في الدولة والابتعاد عن المحاصصات الفئوية والحزبية وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة مع مراعاة القوانين والاحتكام إلى الدستور كمرجع أعلى لادارة الدولة للحفاظ على أمن ووحدة البلاد".

واشار الى انه مع التمسك بهذين المبدأين، فإن جميع الاختلافات والتباينات في وجهات النظر ممكنة وقابلة للنقاش والحوار والاتفاق على ما يصون كيان البلد ويساعد على التقدم في المجالات المختلفة.

الاصلاح الشامل

وشدد الرئيس العراقي على ضرورة المضي جميعًا، وعبر أجهزة الدولة، ببرنامج إصلاح شامل يساعد على:

أولا: انهاء مبدأ المحاصصة الحزبية في ادارة جميع دوائر الدولة والهيئات المستقلة والسلك الدبلوماسي والعسكري والأمني مع حفظ توازن المكونات التي حددها الدستور.

ثانيا: القضاء على الفساد ومحاكمة المفسدين بعدالة واستعادة الحقوق العامة.

ثالثا: تعزيز الإنتصارات التي حققتها قواتنا البطلة ضد الإرهاب وتأمين الأمن والسلام والحرية في جميع مدن العراق.

رابعا: تفعيل العمل الحقيقي من أجل مصالحة مجتمعية لترسيخ وحدة الشعب.

خامسا: ايجاد حلول مناسبة لاجتياز الأزمة المالية الخانقة وبما لا يضر بشريحة الموظفين وذوي الدخل المحدود.

سادسا: اعتماد برنامج متكامل وبشكل سريع لتطوير البنى التحتية وتقديم الخدمات الأساسية المطلوبة للمواطنين.

واشار معصوم الى ان هذا هو الإطار العام الذي يجب أن تترجمه الحكومة ومجلس النواب على شكل برامج عملية، شفافة ومعلنة ومحددة بتوقيتات. وقال إن "مسؤوليتنا جميعاً، كشعب وقيادات دولة، وكأحزاب وقوى سياسية، وكنخب دينية وثقافية وإعلامية واجتماعية، دعمُ حركة الإصلاح بالإسناد وبالتقويم. ومسؤوليتُنا الأكبر جميعاً هي في تعزيز وحدة البلد والشعب وحمايتها".

حرية التعبير&

وحيّا معصوم المتظاهرين والمعتصمين الذين التزموا مبادئ حرية التعبير من خلال ممارسة ديمقراطية بحتة وخرجوا الى&ساحات وشوارع البلاد يطلبون تحسين الخدمات واجراء الاصلاحات وملاحقة ومحاسبة المفسدين، و"نشد على ايديهم ونؤازرهم بما يطلبون"، مؤكدا ان هذا حق الجميع، ومن&ضمنهم أعضاء مجلس النواب وهم يمثلون سلطة الشعب التشريعية والرقابية، بالتمتع بكامل الحرية في التعبير عن الرأي والموقف بأمن وسلام ومسؤولية وبكرامة وبلا أي ضغط أو إكراه.

واشار الى ان المسؤوليةُ الأساس للبرلمان هي حمايةُ الديمقراطية وتعزيزها ومسؤولية البرلمانيين هي حمايةُ وحدة الموقف الوطني على أسس دستورية، وحفظ الحياة السياسية والممارسات الديمقراطية من دون الانجرار إلى المزالق والنفق المظلم في هذه الظروف الشائكة.

ودعا جميع النواب والقوى السياسية إلى مراعاة هذا الجانب بكل مسؤولية.. كما نؤكد هنا أهمية الحفاظ على هيبة الدولة واستقرارها، إنها خيمتنا جميعاً وإن دستورها هو ما يوحدنا ويجمعنا وينظّم حياتَنا فيها.

وقال: "بالتأكيد لا يغيب عن بال الجميع أن العراق حالياً هو مركز العالم لمحاربة الارهاب ويحارب من أجل الحرية نيابة عن الأسرة الدولية وسط ظروف حالكة ونحن بأمس الحاجة إلى وقوف المجتمع الدولي معنا ودعمنا في حربنا المقدسة، كما نحتاج الدعم الدولي والاقليمي لحفظ وتعزيز انتصاراتنا وبناء حياتنا الاقتصادية والخدمية في هذا الظرف المالي الطارئ الذي نمر به".

استقرار الحياة السياسية

واشار الى ان هذا الدعم الدولي والاقليمي مرهون بوحدة الموقف واستقرار الحياة السياسية واستمرار العملية الديمقراطية حسب الدستور لكي نضمن كسب ثقة الاصدقاء والاشقاء، وخصوصًا الدول المانحة والمؤسسات العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وشدد بالقول: "لنحرص جميعاً من أجل تعزيز الصورة المشرِّفة التي تقدمُها قواتنا البطلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية، وخصوصًا أبطالنا في الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي ومتطوعي العشائر في حربهم المقدسة على سواتر العزة والوفاء، وسوف تتعزز هذه الصورة أمام العالم كلما نجحنا في تجاوز الاختناقات السياسية بحكمة وعقل، وكلما تقدمنا قُدُماً في حركة الإصلاح والبناء".

ودعا قيادات الدولة والقوى السياسية إلى التعاون والاحتكام إلى الحوار البناء وتغليب مصلحة البلاد والشعب على جميع المصالح الأخرى من أجل مستقبل زاهر وواعد.

وقبيل طرح معصوم مشروعه هذا، كان قد بحث مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للتحالف الدولي بريت ماكغورك وسفير الولايات المتحدة في بغداد ستيوارت جونز في بغداد االتطورات السياسية الراهنة في البلاد.

وعبر الوفد الاميركي عن القلق ازاء ما يحدث في الحياة السياسية في العراق، مشيرًا إلى ما تعمل عليه الولايات المتحدة والعراق، وبشكل جاد مع الجهات الدولية المانحة بخصوص تأمين الدعم والمساعدات اللازمة للعراق في هذا الظرف، كما قال بيان رئاسي عراقي اطلعت على نصه "إيلاف". واشار الوفد الى ان الاستقرار في العراق يساعد كثيرا في تأمين وتسهيل الدعم الدولي المطلوب، حيث اتجهت الأزمة السياسية في العراق الى المزيد من التأزيم مع تصويت اعضاء مجلس النواب العراقي الخميس لصالح إقالة رئيس المجلس سليم الجبوري بسبب خلاف حول تسمية وزراء جدد اقترحهم العبادي بين مؤيدين لوزراء تكنوقراط ومتمسكين بامتيازات الأحزاب السياسية.

المنطقة الخضراء

وفي وقت سابق اليوم، عرضت الامم المتحدة مهمة مساع حميدة لحل الازمة السياسية في العراق، وحذرت من أن العراق يمرّ بمرحلة بالغة الصعوبة في تاريخه، وأكدت ضرورة انخراط نوّاب العراق المنتخبين&وقياداته السياسية في عملية حوار تهدف لإيجاد حلول تستند إلى مبادئ الديمقرطية والشرعية. كما وأعربت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عن قلقها العميق إزاء الأزمة السياسية المستمرة في البلاد، وأهابت بقادة العراق الإنخراط في حوار بنّاء لحلّ خلافاتهم.
&
وكان ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي قد طالب اليوم بإبعاد رئاسة الجمهورية عن عملية التغيير باعتبارها صمام أمان للمجتمع والحامية لدستور العراق وطالب جميع القوى والكتل في مجلس النواب الى المشاركة الفاعلة في جلسة اليوم &السبت للاسراع في عملية أختيار هيئة رئاسة جديدة لمجلس النواب.

وقد طوقت القوات الامنية محيط المنطقة الخضراء والمدخل المؤدي الى مبنى مجلس النواب في بغداد مساء امس &قبل ساعات من انعقاد جلسة المجلس في اجواء مشحونة بالتوتر اثر اقالة رئيسه سليم الجبوري وانتخاب رئيس موقت هو عدنان الجنابي على امل انتخاب هيئة رئاسة جديدة بدل التي اقالها النواب الخميس.

وقد طوقت القوات الامنية من العمليات الخاصة وتشكيلات قيادة عمليات بغداد منافذ الدخول والخروج حول محيط المنطقة الخضراء والمدخل المؤدي الى مبنى البرلمان بعد عبور المتظاهرين الذين احتشدوا في ساحة التحرير جسر السنك بعد ظهر امس الجمعة، وتظاهروا لاحقًا قرب مدخل البرلمان.

يذكر ان الأزمة السياسية في العراق قد اتجهت خلال اليومين الماضيين الى المزيد من التأزيم مع تصويت اعضاء مجلس النواب العراقي الخميس لصالح إقالة رئيس المجلس سليم الجبوري بسبب خلاف حول تسمية وزراء جدد اقترحهم العبادي بين مؤيدين لوزراء تكنوقراط ومتمسكين بامتيازات الأحزاب السياسية.
&