بالضد من التقارير التي أشارت إلى عملية تصالح شهدتها بيروت قبل أيام بين قطبي التحالف الشيعي في العراق نوري المالكي ومقتدى الصدر، فقد شهدت العلاقات بينهما خلال الساعات الأخيرة توترًا متصاعدًا وتبادل اتهامات على خلفية الأزمة النيابية.. فيما تشهد بغداد إجراءات أمنية مشددة وتظاهرات واعتصامات قرب المنطقة الخضراء ومحاصرة مباني وزارات، مطالبين باستقالة وزرائها.

بغداد: هاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رئيس ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بشدة، متهمًا اياه بالعمل على ترسيخ المحاصصة المقيتة.&

واتهم في بيان صحافي مَن اسماهم شخصيات وتوابعها بإرجاع سياساتها المقيتة وتحريف الطريق الصحيح عن مساره، لتجيير ذلك لمصلحة مآربها الشخصية والحزبية الدنيئة، في اشارة الى محاولة الحزب التدخل في اعتصام النواب وتجيير مساره لمصلحته. وشنّ الصدر هجومًا عنيفًا ضد الحكومة السابقة ورئيسها المالكي، متهمًا اياه بمحاولة استلال الأزمة النيابية وقيادة المسار السياسي الجديد. وقال: "تبًا للحكومة السابقة وقائدها الضرورة صاحب الولاية الثالثة المنهارة، ونحذر، فكل الحذر واجب من هذه الناحية".

أضاف انه "صار لزامًا الحذر، كل الحذر، واجب من هذه الناحية.. وبعد وصايانا وما قلناه داخل الخيمة الخضراء من أن على الشعب أن يقول قولته، وان يصول صولته، لا بالعنوان الصدري، بل بالعنوان العام، طفحت على الواجهة الأصوات النشاز المطالبة بالمحاصصة وارجاعها بعناوين وحجج، ما انزل الله بها من سلطان". ودعا الرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة الى تقديم تشكيلة التكنوقراط الحكومية الى مجلس النواب خلال 72 ساعة للتصويت عليها.

واليوم رد المالكي بشدة على الصدر، مشيرًا الى أن كتلة حزب الدعوة الذي يترأسه، قد تفاعلت "بقوة وإخلاص مع مشروع الإصلاح، الذي نعتقد جازمين انه يمثل حجر الأساس في عملية إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس سليمة وبمشاركة جميع القوى والأحزاب المشاركة في العملية السياسية، وان تبتعد الحركة الإصلاحية عن القضايا الشكلية والجزئية، التي من شأنها ان تؤدي الى تفاقم الأزمات المتعددة التي تعاني منها البلاد".&

واشار الى ان "مشاركة نواب كتلة الدعوة في اعتصام النواب جاءت بما ينسجم مع رؤيتنا بأهمية وخطورة الحركة الإصلاحية، والتي يجب أن تشارك بها جميع الكتل السياسية، وفي مقدمتها السلطة التشريعية، التي تعد الركن الأساس في التجربة الديمقراطية".&

وفي اشارة الى الصدر، قال الحزب في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" انه "ليس غريبًا على أولئك الذين يحاولون تقمص الإصلاحات وفرض الوصاية وتهديد الشركاء السياسيين بالانقلاب على الحركة الإصلاحية وحرف بوصلتها، بإصدار بيانات مشينة تختفي وراء أسماء وهمية مفضوحة وتفتقد إلى ابسط اللياقات الأدبية في التخاطب، وافتعال معارك جانبية، خشية أن تسير سفينة الإصلاح بالاتجاه الصحيح، وبما لا تشتهي الرياح الصفراء لأدعياء الإصلاح، الذين قادوا منظومات القتل والفساد وانتهاك الأعراض والمقدسات الدينية".&

واتهم الحزب الصدر وتياره بالمتاجرة بالاصلاحات قائلاً "إننا في كتلة الدعوة النيابية وفي الوقت الذي نجدد التأكيد على ضرورة أن تلامس الحركة الإصلاحية القضايا الجوهرية والأساسية وبمشاركة جميع القوى السياسية، نحمل أولئك المتاجرين بالإصلاحات المسؤولية الكاملة عن وقوع أي خلل أو انحراف في المسيرة الإصلاحية التي لم يعد خافيًا على الجميع في داخل العراق وخارجه أنها كشفت عن زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم، وان تقمصهم للإصلاحات كان بهدف تحقيق مكاسب فئوية ضيقة على حساب المصالح العليا للشعب العراقي".

معروف ان العلاقات بين قطبي التحالف الشيعي المالكي والصدر تشهد منذ عام 2007 توترًا شديدًا، اثر شن القوات العراقية خلال ولاية المالكي لرئاسة الوزراء عمليات عسكرية ضد جيش المهدي التابع للصدر، ضمن ما اطلق عليها في حينها "صولة الفرسان"، التي ادت الى مقتل العشرات من عناصر الجيش، واعتقال المئات منهم، والحكم عليهم بالسجن. كما أسهم الصدر بالاشتراك مع قوى أخرى في حرمان المالكي من تولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة، بعد الانتخابات العامة التي شهدها العراق عام 2014.

&تصعيد أمني في بغداد ومتظاهرون يتوجهون الى الخضراء
فيما شهدت العاصمة العراقية بغداد اليوم اجراءات امنية مشددة واغلاقًا لبعض الشوارع في وسطها، فقد حاصر متظاهرون مباني وزارات، مطالبين باستقالة وزرائها، وتظاهر آلاف آخرون في ساحة التحرير، داعين الى اصلاحات شاملة، وتقديم حكومة التكنوقراط الى مجلس النواب للتصويت عليها.
واتخذت القوات الأمنية اجراءات امنية مشددة في وسط بغداد لتأمين الحماية للمعتصمين في ساحة التحرير على مشارف المنطقة الخضراء، كما اغلقت بعض الشوارع والجسور المؤدية اليها.

في تطور لاحق، فقد اجتاز المئات من المتظاهرين من اتباع التيار الصدري جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء، وذلك بعد ساعات من دعوة الصدر الوزراء إلى تقديم استقالاتهم فورًا، ومطالبته المواطنين بالضغط على الوزراء ومقارهم لتحقيق الطلب.

من جهتهم، فقد حاصر متظاهرون غاضبون مقار اربع وزارات في بغداد، لمطالبة الوزراء بتقديم استقالاتهم، حيث اغلقت القوات الامنية المكلفة بحماية تلك الوزارات البوابات، ومنعت الموظفين من الخروج، فيما شوهدت طائرات مروحية تحلق فوق المتظاهرين.

تأتي هذه التطورات في وقت يستمر البرلمان العراقي منقسمًا بين اعضاء يؤيدون اقالة رئيسه السابق سليم الجبوري، وآخرين يعتبرون هذه الاقالة غير دستورية، ما يهدد بتصعيد الازمة السياسية في العراق، حيث يحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي مكافحة الفساد عبر تشكيل حكومة تكنوقراط.

وبدأت الازمة التي دفعت بالنواب الى المطالبة بإقالة الجبوري، اثر تعليق الاخير جلسة برلمانية كانت منعقدة الثلاثاء، بهدف التصويت على لائحة من 14 مرشحًا لعضوية الحكومة، قدمها العبادي، بعد التفاوض عليها مع رؤساء الكتل السياسية. ورفض عدد كبير من النواب التصويت على هذه التشكيلة، مطالبين بالعودة الى تشكيلة اولى، كان عرضها العبادي في 31 من الشهر الماضي، وتضمنت اسماء 16 مرشحًا من تكنوقراط ومستقلين فقط، لكنه اضطر الى تعديلها بضغط من الاحزاب السياسية التي تتمسك بتقديم مرشحيها الى الحكومة.

وردًا على تعليق الجبوري للجلسة، اعتصم معارضوه في مقر مجلس النواب، وعقدوا جلسة ترأسها اكبر النواب سنًا عدنان الجنابي، واعلنوا اقالته بناء على طلب وقعه 174 نائبًا.
&&
&