دعا أسعد الزعبي رئيس وفد المعارضة السورية لمفاوضات السلام فصائل المعارضة للرد على هجمات الجيش السوري متهما القوات الحكومية باستغلال الهدنة لاستعادة السيطرة على أراض.


جنيف: لوح وفد المعارضة السورية الاحد بتعليق مشاركته في جولة المفاوضات المستمرة بصعوبة في جنيف، بعد وصول النقاش الى "طريق شبه مسدود"، متهما وفد النظام بالتمسك بموقفه في موضوع الانتقال السياسي، وفق ما اكد اعضاء في وفد الهيئة العليا للمفاوضات لوكالة فرانس برس.

طريق شبه مسدود

واكد عضو في وفد المعارضة الى جنيف لفرانس برس، رافضا كشف اسمه ان المفاوضات "وصلت الى طريق شبه مسدود مع تعنت النظام على رفض نقاش مصير الاسد"، مضيفا ان الجولة الحالية "مهددة بالفشل اذا لم تتدخل الدول الكبرى المعنية بالنزاع السوري وتحديدا واشنطن وروسيا لممارسة الضغوط".

وقال نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض عضو الهيئة العليا للمفاوضات عبد الحكيم بشار ردا على سؤال لوكالة فرانس برس في جنيف حول احتمال تعليق المشاركة في المفاوضات، "كل الاحتمالات واردة (...) وقد نتوجه الى تعليق المفاوضات اذا استمرت الاوضاع على هذا الشكل ولن يكون هناك افاق لاي حل سياسي".

واضاف ان الهدف من تعليق المشاركة سيكون حض "المجتمع الدولي على ان يفرض على النظام الاستجابة للبندين 12 و13 من القرار 2254" المتعلقين بايصال المساعدات لا سيما الى المناطق المحاصرة واطلاق المعتقلين تعسفا ووقف الهجمات على المدنيين.

واستأنف موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الاربعاء جولة صعبة من المحادثات غير المباشرة بين ممثلين للحكومة والمعارضة في جنيف، تتركز على بحث الانتقال السياسي لكنها تصطدم بتمسك الطرفين بمواقفهما حيال مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد.

وتطالب المعارضة بتشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات تضم ممثلين للحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل الاسد قبل بدء المرحلة الانتقالية، في حين ترى الحكومة السورية ان مستقبل الاسد ليس موضع نقاش وتقرره صناديق الاقتراع فقط وتقترح تشكيل حكومة موسعة.

ويأتي موقف المعارضة الاحد غداة اعلان عضو مفاوض في الهيئة لفرانس برس ان دي ميستورا نقل الى وفد المعارضة اقتراحا ينص على بقاء الاسد في منصبه مع تعيين ثلاثة نواب له تختارهم المعارضة وينقل صلاحياته اليهم، الامر الذي رفضه وفد المعارضة بالمطلق.

وتجري المعارضة وفق ما صرح بشار الاحد "مراجعة كاملة" لمواقفها وتعقد اجتماعات مستمرة "اليوم وغدا لنقرر ما يجب ان نفعله".

ويعقد المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب مؤتمرا صحافيا بعد ظهر الاثنين في جنيف، لاعلان حصيلة اللقاءات التي عقدتها وتعقدها الهيئة في الساعات المقبلة.

وكان حجاب ترأس الاحد اجتماعا لاعضاء الهيئة في جنيف، الذين التقوا ايضا مجموعة من سفراء الدول الغربية والعربية "الصديقة للشعب السوري".

وعما قاله السفراء خلال الاجتماع، قال بشار "نصحونا بان الاستمرار في المفاوضات افضل، ونحن طلبنا منهم الضغط على روسيا من اجل الملف الانساني وموضوع الهدنة".

ويستأنف دي ميستورا الاثنين المحادثات بعد توقف ليومين، ويلتقي صباحا الوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري، مندوب سوريا لدى الامم المتحدة في نيويورك، على ان يجتمع مساء مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات.

ثوابت الثورة&

وفي غضون ذلك، بث ناشطون تسجيلا صوتيا لأسعد الزعبي رئيس الوفد التفاوضي يؤكد على "عدم تنازل الوفد والالتزام بثوابت الثورة".

وأكد الزعبي أن الوفد المفاوض "لن يفاوض بشكل مفتوح وأنهم أعطوا مهلة محددة للأمم المتحدة والدول وللنظام".

واضاف" أن لديه عتب على المقاتلين في الداخل لان عليهم الرد على &خروقات النظام وقصفه وقذائفه وعليهم أن يسيطروا على مناطق قدر الامكان، وأن عليهم استغلال الهدنة كما استغلها النظام".

وقال "اننا مصممون على الافراج عن المعتقلين وفك الحصار وهو اولوية وأساسي".

واضاف "لن نتنازل عن اي شبر وعن اي طلب"، وما تسمعون في &بعض المحطات الاعلامية ليس كله يتسم بالمصداقية.

وشدد بالقول: "نحن نحمل أمانة، ونحن أصحاب حق، ونحن أبناء هذا الوطن وهذا الشعب، ولن نفاوض الا بالأمور التي نحن متفقون عليها في هيئة الحكم الانتقالي، فكونوا مطمئنين".

ورأى الزعبي أن "ما يجعلنا متمسكين بالمفاوضات هو تخفيف العبء عن أهلنا ولايصال رسالة الى العالم حول النظام وعلاقته بداعش".

أحرار الشام تشجب&

وقالت جماعة لمقاتلي المعارضة السورية يوم السبت إن محادثات السلام التي ترأسها الأمم المتحدة سلبية للغاية حتى الآن وانتقدت مفاوضي المعارضة على أساس أنهم منفصلون عن وضع عسكري متدهور على الأرض.

ويشير البيان الذي أصدرته حركة أحرار الشام الإسلامية وهي إحدى أكبر فصائل مقاتلي المعارضة المشاركة في الصراع إلى الضغط الذي يواجه الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة مع مشاركتها في جولة ثانية من المحادثات غير المباشرة مع الحكومة في جنيف.

ويبدو أن المحادثات لم تحرز تقدما نحو إنهاء الحرب الدائرة منذ خمس سنوات وأدت إلى قتل أكثر من 250 ألف شخص في حين وصل تصعيد عسكري إلى نقطة انهيار اتفاق هدنة توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا.

وقالت حركة أحرار الشام إن "هناك انفصالا واضحا بين عمل الهيئة والواقع على الأرض فبينما تقوم روسيا بتحقيق مكاسب ميدانية لصالح النظام لتعطيه زخما سياسيا وبينما يقوم النظام وإيران بخرق الهدنة المزعومة نرى إصرار الهيئة على متابعة محادثات التفاوض وسط تملص دولي من أي التزامات أو ضمانات وهذا أمر نراه مجانبا للصواب وللمصلحة العامة."

وتقدم كل من روسيا وإيران دعما عسكريا للرئيس السوري بشار الأسد مع قيام موسكو بنشر قواتها الجوية وقيام إيران بإرسال أفراد من الحرس الثوري جيشها النظامي في الآونة الأخيرة لدعم دمشق.

وشُكلت الهيئة العليا للمفاوضات في ديسمبر كانون الأول خلال اجتماع عُقد في الرياض للجماعات السياسية والمسلحة المعارضة للأسد. وتضم الهيئة جماعات من بينها جيش الإسلام وعدد من فصائل الجيش السوري الحر يعتبرها الغرب معتدلا ويتلقى بعضها دعما عسكريا من الأعداء الخارجيين للأسد.

وانسحبت حركة أحرار الشام من اجتماع الرياض مشيرة إلى أسباب من بينها ما وصفته بتهميش "الجماعات الثورية." وقالت أحرار الشام في بيانها يوم السبت إنها لم تشارك في أي جولة محادثات في جنيف.

وقالت أيضا إن هناك "هوة بين الهيئة وبين الشارع الثوري بجميع مكوناته العسكرية والمدنية وما قرار العودة إلى محادثات التفاوض رغم تراجع الظروف الإنسانية وتصاعد القصف على المناطق المدنية إلا مثالا على اتساع الهوة بين الهيئة والشارع الثوري."

المربع الأول

من جانبه، اعتبر العميد والمحلل السياسي العسكري أحمد رحال في تصريح خاص لـ"إيلاف" أن "قيام الموفد الدولي ستيفان ديمستورا بتقديم عرض لنواب ثلاث لبشار الأيد والرد بكل بساطة من قبل الوفد المفاوض يشكل اهانة للشعب السوري".

يضيف: "لو ان الموفد الدولي ستيفان ديمستورا يحترم مشاعر السوريين لما تقدم بهكذا عرض، وكان على أعضاء الوفد بعد هذا العرض المناقض والمنافي لكل بنود جنيف، حزم حقائبهم والانسحاب فورا".

وتابع: "نحن في جولة ثالثة لجنيف وما زلنا في المربع الاول، وقناعتي ان جنيف مضيعة للوقت وملء وقت فراغ ريثما ينضج الحل الذي يٌطبخ بين امريكا وروسيا".

واعتبر أن "الحل الآن في عواصم اربعة، موسكو، واشنطن، الرياض، طهران".

وأشار الى أنه" عندما تتفق تلك العواصم يكون الطريق جاهزا لجنيف ويذهب الجميع للتوقيع صاغرين، ويبقى الشعب السوري الحر له الرأي النهائي بالقبول او الرفض".

وكتب رحال على مواقع التواصل: "بعيدا عن المطالب المحقة التي يطالب بها وفد الهيئة التفاوضية وبعيداً عن إجرام عصابات الأسد ... ما الذي يحصل في جنيف؟"

وأجاب "نحن أمام وفد معارض يتعامل بسياسة ردود الأفعال وبسياسة الردود اللحظية والآنية وفقاً للمستجدات، بعيداً عن أية إستراتيجية واضحة ومرسومة ومحددة المعالم، بدليل هذا التخبط بالتصريحات والتسريبات ".&

وتابع: "يجب أن يكون منجزا منذ سنوات وقس على ذلك.&وبنفس الوقت نحن أمام وفد الجعفري الذي يعمل بإستراتيجية واضحة وهي تعطيل جنيف والتمرد على القرارات الدولية والاستمرار بقتل الشعب السوري وهو نجح حتى الآن بما يريد لغياب العمل الفاعل المعاكس.&دي ميستورا ... أولاً وأخيراً هو موظف يقبض راتبه من الأمم المتحدة ولا تهمه إن طالت المفاوضات أو قصرت ... جل ما يسعى إليه هو مجداً دبلوماسياً يحققه وبغض النظر لمصلحة من تحسم النتيجة, بدليل عرضه ببقاء الأسد مع تعيين ثلاث نواب ومرور هذا العرض مرور الكرام دون موقف حاسم يقلب الطاولة على جنيف وكل من فكر بهذا العرض.
لو سألنا أعضاء الوفد التفاوضي والهيئة التفاوضية:
_ عصابة الأسد لم تلتزم ببنود الهدنة ... ماذا فعلتم؟
_ لو قام النظام بنسف كل تلك الهدنة الآن (وهي منتهية أصلاً) .. ما هو ردكم وماذا تستطيعون فعله؟
_ لو انهارت مفاوضات جنيف (وستنهار) ما هي خطوتكم القادمة؟
أنا متأكد أن نظام الأسد لديه أجوبة ولديه خطط لكل تلك الأمور ... أما أنتم فلا أعتقد.

وردا على سؤال"إيلاف" حول رسالته الى المعارضة خاصة في ظل لوم بعض الفصائل المسلحة على المعارضة السياسية، أجاب "بيان أحرار الشام اليوم واضح... الجيش الحر وفصائل الثورة تجد ان تصريحات اعضاء الوفد في جنيف ذات سقف منخفض، وبنفس الوقت اصبح الداخل على قناعة بعبثية المفاوضات في جنيف".

تعطيل وشراء الزمن

المحلل السياسي السوري عدنان عبد الرزاق يقول لـ"إيلاف" إن تصميم بشار الأسد على ارسال " الجعفري، الذي احتفل بعيد ميلاده بجنيف قبيل التفاوض، فيه رسالة واضحة، أننا لا نريد الحل بل تعطيله وشراء الزمن".

وقال: "لو أن النظام جاد لأرسل فريقا أقرب للوطنية منه للانتماء الخارجي وتنفيذ إملاءات إيران".

وأشار عبد الرزاق إلى "أن العالم لم يتجهز للحل بعد، ربما من نظرهم أن الأسد لم ينفذ كامل المؤامرة التي اكتشفها منذ أيام الثورة الأولى بعد أو ربما بنظرهم لم تصل الأزمة السورية إلى قاعها بعد، أي لم يصل السوريون لطلب النجدة".

وحول الحل والى أين نمضي وما المطلوب من المعارضة، أجاب "هذه الجولة لن تختلف عن سابقاتها، بدليل طرح دي ميستورا نوابا للأسد، بل واعترافه بالعجز حتى عن ادخال مساعدات إنسانية لمحاصري داريا".

وقال: "المطلوب من المعارضة أن تتعاطى سياسة أكثر، بمعنى أن تفعّل ملف جرائم الأسد، وخاصة أن الفرصة سانحة بواقع فتح أكثر من دولة ومنظمة ملفات جرائم الأسد".

وأوضح عبد الرزاق "أي يجب الذهاب للتفاوض كي لا يتركوا ذريعة للمترصين في طهران وموسكو، ولكن دون تقديم تنازلات على صعيد بقاء الأسد واشرافه على الدستور، بل العكس التصميم على تحويله للمحاكم الدولية، وعلى هيئة التفاوض أن تقترب من السوريين، بالداخل والخارج أكثر عبر طرائق تشعرهم أنهم أصحاب قرار ولا يمكن أن تجازف بالحقوق والدم، وخاصة الفصائل العسكرية التي أولت مهمتها ووافق على أداء الهيئة وفوضتها باسطنبول".

وقال إن هناك عدة نقاط مهمة لا بد من الاشارة اليها &وهي أنه لا يجوز "الصمت على انتخابات مجلس الشعب والتعاطي معها بسخرية خطأ وخطر، وقد يرى المجتمع الدولي لاعتماده بل والانتخاب عبره، نظرا لاحتدام المعارك بمعظم المدن".

وعبّر عن اعتقاده "بضرورة الترويج للدستور لأنه منطلق العمل السياسي ومحدد العقد الاجتماعي دونما خسارة الفصائل على الأرض عبر طرح أحلام ورغبوية من بعض ممتهني المعارضة الجدد".

ولفت الى "ضرورة اغتنام منابر ينيف لفضح الحالة الانسانية والحصار وجرائم الأسد".
&