بات تجنيد المقاتلين الارهابيين في الجزائر جريمة وفق قانون جديد أقره البرلمان اليوم يشمل المواطنين والاجانب أيضاً.

الجزائر: صوت نواب المجلس الشعبي الوطني الجزائري (البرلمان) اليوم على مشروع القانون المتمم للأمر رقم 66-156 المتضمن قانون العقوبات الذي يهدف إلى مكافحة ظاهرة تجنيد المقاتلين لصالح المنظمات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش الذي صار على أبواب الحدود الشرقية للبلاد مع ليبيا.

وقالت وزيرة التضامن الوطني و الأسرة وقضايا المرأة مونية مسلم التي نابت عن وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح في جلسة التصويت أن هذا النص جاء "ليعزز الترسانة القانونية في مجال مكافحة الإرهاب".

&وأشارت مونية مسلم التي مارست المحاماة قبل توليها المنصب الوزاري إلى أن المصادقة على هذا المشروع "تعزيز التشريع الوطني وتجعله متطابقا مع المعايير الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وبالتالي تكييفه مع الالتزامات الدولية للجزائر" .
&
تأكيد

وبحسب وزيرة التضامن، فإن" هذا القانون يؤكد مرة أخرى إرادة الجزائر في مكافحة مختلف أشكال الإرهاب و معاقبة مرتكبيه".&

ويسمح &القانون للجزائر الانضمام إلى المجهودات التي تبذلها المجموعة الدولية في مجال مكافحة الإرهاب الذي أصبح يشكل تهديدا عالميا على الأمن والاستقرار الدوليين.&

&وبينت مونية مسلم أن "أهمية هذا النص تكمن أيضا في كونه يعزز وسائل مكافحة الإرهاب من خلال تجريم ظاهرة المقاتلين الذين ينتقلون لدول أخرى بغرض ارتكاب أعمال إرهابية ويمنع تمويل هذه الأفعال". &

وثمن المحامي مشري بشير الذي دافع سابقا عن قيادات في حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحل هذا القانون، بالنظر إلى انه سيساهم في حماية الشباب الجزائري من الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية.

وقال مشري لـ" إيلاف" إن القانون يحتاج التشجيع لأنه يقطع الطريق &على التحاق عناصر من الجزائر أو أجانب بتنظيمات "جهادية"، مؤكدا انه جاء في الوقت المناسب.

&ونفى مشري أن يكون القانون قد تأخر تشريعه، موضحا انه جاء في الوقت المناسب، لأن التشريعات تتغير حسب الظروف المستجدة.

حرب إلكترونية

وقالت مسلم إن القانون "تجريم أفعال تجنيد الأشخاص لصالح الجمعيات أو التنظيمات أو الجماعات أو المنظمات الإرهابية أو تنظيم شؤونها أو دعم أعمالها أو نشاطاتها أو نشر أفكارها باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال أو بأي وسيلة أخرى".&

ونص القانون على "تجريم أفعال تمويل وتنظيم عمليات السفر إلى دولة أخرى لارتكاب أفعال إرهابية أو التحريض عليها أو التدريب عليها باستعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال أو أي وسيلة أخرى".

وتأمر أحكام هذا القانون ب "معاقبة مقدم خدمات الإنترنت الذي لا يقوم رغم إعذاره من قبل الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها أو صدور أمر أو حكم قضائي يلزمه بذلك، بالتدخل لسحب أو تخزين المحتويات التي يتيح الاطلاع عليها أو جعل الدخول إليها غير ممكن عندما تشكل جرائم منصوص عليها قانونا".&

كما يعاقب مقدم الخدمات أيضا "إذا لم يقم بوضع ترتيبات تقنية تسمح بسحب أو تخزين تلك المحتويات".

لكن المحامي بشير مشري لا يرى ذلك كافيا رغم أهميته ، وشدد في حديثه مع " إيلاف" على ضرورة التحسيس بخطورة تجنيد الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ودعا المحامي ذاته العلماء والدعاة إلى العمل على &توجيه الشبابن وتبين مكامن الخطر الموجود على مواقع التواصل الاجتماعي لهم من خلال نشر الفكر الإسلامي الصحيح وإفهامهم أنه " لا وجود لجهاد اليوم في أي دولة عربية أو مسلمة".

استخلاص دروس

&وتسعى الجزائر من هذا القانون إلى استباق &تطورات قد تكون لها نتائج سلبية على البلاد ، بهدف عدم تكرار ما عاشته خلال تسعينيات القرن الماضي.

وقال وزير العدل الجزائري الطيب لوح خلال تقديمه مشروع القانون أمام نواب البرلمان إن بلاده "ليست بمنأى عن ظاهرة تجنيد المقاتلين و دفعهم إلى الالتحاق بالجماعات الإرهابية وهو ما حصل فعلا منذ سنوات التسعينات حيث التحق الكثير من المغرر بهم بهذه الجماعات على غرار تلك التي كانت متمركزة بأفغانسان".&

& وبحسب لوح، فإن ظاهرة المجندين تأتي لـ"تؤكد البعد العالمي للإرهاب"،وهي المقاربة التي "ما فتئت تنادي بها الجزائر منذ التسعينات من خلال تأكيدها على أن الإرهاب لا وطن و لا دين له".&

و أضاف لوح أنه قد "تأكد اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن الإرهاب ليس ظاهرة ظرفية أو إقليمية بل هي تهديد عالمي تزداد رقعة انتشاره مع ازدياد اختلال العلاقات الدولية و عجز المجموعة الدولية عن تنسيق جهودها في مكافحة الإرهاب".&

واستطاعت الجزائر أن تقضي إلى حد بعيد على التنظيمات الإرهابية التي أدخلت البلاد في عنف خلال التسعينيات، لكنها تتخوف اليوم بالدرجة الأولى من دخول أجانب إلى ترابها مرتبطين بتنظيم داعش الموجود في ليبيا، فقد أوقفت عناصر الجيش في أكثر من مرة مهاجرين غير شرعيين من سوريا والمغرب ومن دول جنوب الصحراء الأفريقية كانوا ينوون الالتحاق بليبيا عبر التراب الجزائري.

وتشير تقارير رسمية جزائرية وأممية إلى أن الجزائريين هم الجنسية الأقل انضماما لتنظيم داعش مقارنة بالجنسيات المغاربية الأخرى.

وقال المدير العام للحريات العامة والشؤون القانونية بوزارة الداخلية الجزائرية &محمد طالبي في وقت سابق إن "الجزائر معنية بقدر ضئيل بظاهرة تجنيد الشباب من طرف منظمات إرهابية دولية بمنطقة الشرق الأوسط، وأن عددهم لا يتعدى 100 شخص".

وأظهرت إحصائيات تقرير لمجلس الأمن حول &مكافحة الإرهاب نشر شهر يونيو الفارط &تراجع عدد الجزائريين المقاتلين في صفوف "داعش"، فقد انخفض عددهم من 220 مقاتل سنة 2014 إلى 170 مقاتل حتى يونيو 2015.
&
وكشف التقرير الذي أعدته رئيسة لجنة مجلس الأمن وشمل 21 دولة في العالم أن الجزائر تأتي في &المرتبة الخامسة &من حيث عدد &مواطنيها المنتمين إلى تنظيم "داعش".

&وجاءت تونس في المرتبة الأولى بـ3 آلاف مقاتل، تليها تركيا بـ1300 مقاتل، ثم المغرب بـ1200 مقاتل، فدولة مالديف بـ200 مقاتل.

تخوفات

ورغم أن القانون يلقى تأييد من جميع التيارات السياسية في البلاد، إلا أن البعض لم يخف تخوفاته من إمكانية استعماله للتضييق على الحريات الفردية بحجة مكافحة الإرهاب.

وأعابت النائب فاطمة الزهراء بونار عن تكتل الجزائر الخضراء (تكتل إسلامي) "إقصاء" ممثلي منظمات حقوق الإنسان من هذه الاستشارة.&

وشدد نواب آخرون على "ضرورة تحديد مفهوم الإرهاب والأفعال المدرجة ضمنه مع وجوب التفريق بين الجماعات الإرهابية و تلك المنضوية تحت لواء المقاومة".&

ونبه آخرون من "إمكانية حدوث تضييق على الحريات العامة و الفردية" نتيجة "الغموض" الذي يشوب بعض أحكام هذا النص القانوني. &

أما المحامي بشير مشري فطالب بأن لا يغلق القانون الأبواب في وجه عودة &الأشخاص الذين التحقوا بتنظيمات متطرفة إلى المجتمع في حال ما أعلنوا تطليقهم للعمل الإرهابيينن وشدد على أن تبقى "أبواب التوبة مفتوحة".&
&