توقع محللون اقتصاديون عالميون أن تتضمن (رؤية المملكة 2030) تغييرات كبيرة وتنوعًا في تكوين الاقتصاد السعودي، بحيث يتجاوز الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل.

قال تقرير لـ(بي بي سي) إنه من المقرر في إطار تلك الرؤية، أن تبيع الدولة حصتها، التي تقل عن 5 في المائة، في شركة آرامكو للنفط، التي تقدر قيمتها بنحو 2.5 تريليون دولار.

وقال ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن جزءًا من أموال بيع الحصة المشار إليها سوف يستخدم في إنشاء صندوق مالي سيادي قيمته 2 تريليون دولار.

وقال الأمير في مقابلة تلفزيونية إن رؤية 2030 تهدف "إلى أن نتمكن من العيش دون الاعتماد على النفط عام 2020".

ووصف صندوق النقد الدولي الخطة السعودية بأنها "طموحة، بعيدة المدى"، وحذر من أن تطبيقها يمثل تحديًا حقيقيًا.

تحليل اقتصادي&

وكتب المراسل الاقتصادي لـ(بي بي سي) أندرو ووكر تحليلاً، قال فيه: جعل النفط السعودية إحدى القوى الاقتصادية الكبرى، لكن هذا كان لم يكن بلا مقابل. فالمشكلة على المدى القصير تتمثل في تقلب الأسعار، التي وصلت الآن إلى نصف ما كانت عليه منتصف العام 2014.

وقال ووكر: "لن تلجأ السعودية إلى صندوق النقد الدولي لطلب المساعدة المالية، وهو ما فعلته دول أخرى مصدرة للبترول مثل أنغولا. إلا أن الاحتياطات السعودية تتآكل، ويبدو هذا واضحًا، حيث تعتمد الحكومة على النفط في تدبير ثلاثة أرباع مواردها المالية".

وأضاف: "أما على المدى الطويل، فإن الجهود الدولية لمقاومة التغيّر المناخي تخلق حالة من عدم الوضوح حول الطلب على النفط في المستقبل".

مكانة النفط&

وأشار تحليل بي بي سي إلى أن النفط لن يفقد مكانته المهيمنة كوقود للنقل خلال السنوات القليلة القادمة، ولكن الموقف لا يبدو واضحًا بعد ذلك.

لهذا تحتاج السعودية إلى الإقلال من اعتمادها على النفط لتوفير الموارد الحكومية والوظائف والدخل للسعوديين.

وقال المحلل ووكر: "ولا تزال أسعار النفط أقل من نصف ما كانت عليه في ذروتها، إذ كانت 115 دولارًا للبرميل في منتصف حزيران (يونيو) 2014". لكن الأمير محمد بن سلمان قال إن الإصلاحات ستمضي قدمًا بغض النظر عن الأسعار، "الرؤية لا علاقة لها بأسعار النفط الخام".

وأضاف "إذا ارتفعت الأسعار فسيشكل هذا دعماً كبيرًا للخطة، لكنها لا تعتمد على الأسعار المرتفعة. ويمكننا التعامل مع الأسعار مهما انخفضت".

ضرائب

وكان الأمير محمد بن سلمان قال في مقابلة مع محطة (بلومبرغ) للأخبار الأسبوع الماضي، إنه ربما تُفرض ضرائب على بعض البضائع الفاخرة والمشروبات السكرية. لكنه أضاف أن البرنامج لن يجعل الفقراء أكثر فقرًا.

وتابع مراسل (بي بي سي) يقول: "لقد مكنت العائدات الهائلة للنفط الحكومة السعودية أن تقدم دعمًا سخيًا للخدمات والمرافق. لكن بعض أوجه هذا الدعم أُلغى العام الماضي بسبب تراجع أسعار النفط".

ونوّه المراسل في الأخير، الى اعفاء الملك سلمان خلال عطلة نهاية الأسبوع لوزير المياه والكهرباء، بعد زيادة أسعارهما ورفض المواطنين دفع فواتير الاستهلاك.

أهداف الـ15 سنة&

وكان الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، قال إن رؤية السعودية التي أعلن عنها يوم الإثنين، تمثل أهداف المملكة في التنمية والاقتصاد لـ15 سنة مقبلة.&

وكشف أن الرؤية كانت ستطلق سواء بارتفاع سعر النفط أو انخفاضه، مشيرًا الى أنها لا تحتاج إلى أسعار نفط مرتفعة، بل تتعامل مع أقل أسعاره، وأننا نستطيع أن نعيش في 2020 من دون نفط.

اجتماعات عديدة&

وذكر تفرير (بي بي سي) أن المئات من المسؤولين ومديري الشركات السعوديين كانوا عقدوا اجتماعات متعددة، ضمت استشاريين أجانب، في شباط (فبراير) الماضي، في أحد الفنادق الفخمة في الرياض لبحث مستقبل الاقتصاد السعودي في ظل تراجع أسعار النفط.
وشملت تلك الاجتماعات الكثير من ورش العمل التي شكلت جزءًا من محاولات الحكومة السعودية لإعادة هيكلة الاقتصاد وتوقف الاعتماد على النفط.

وكان الانخفاض الهائل في أسعار النفط إلى نحو 30 دولاراً للبرميل، قد أدى إلى عجز في ميزانية المملكة يصل إلى نحو 100 مليار دولار.

ويشمل التنوع في الاقتصاد الاستثمار في قطاع التعدين والانتاج العسكري.

كما تهدف الخطة إلى مشاركة أكبر من القطاع الخاص في تنمية المنشآت السياحية على بعض الجزر وتوسيع مشاركته في المدارس. كما تهدف إلى خلق مناطق حرة بالقرب من المطارات.

ومن المقرر أن تدخل السعودية نظامًا جديدًا لتأشيرات دخول الأجانب إليها يسمح للأجانب من المسلمين والعرب بالعمل في المملكة فترة طويلة. كما تتضمن الخطة مشاركة أكبر للنساء في سوق العمل.

حديث الأمير&

وتحدث ولي ولي العهد السعودي، خلال حواره مع قناة (العربية) عن "رؤية السعودية" لعام 2030، عن وصفه بـ"مناطق قوة السعودية التي لا ينافسها فيها أحد".&

وأكد أن الخطط الجديدة ستعني أنه لن يكون هناك أي استثمار في العالم إلا "بصوت الصندوق السيادي السعودي،" مؤكدًا على عمل الدولة لتحويل اعتمادها من النفط إلى الاستثمار، وذلك عن طريق عدة خطط تشمل طرح أقل من خمسة في المائة من شركة "أرامكو" النفطية السعودية الضخمة لاكتتاب، واصفًا إياه بأنه "أكبر اكتتاب في التاريخ".

وقال الأمير محمد بن سلمان إن السعودية تملك 3 نقاط قوة لا ينافسنا عليها أحد، "فعمقنا العربي والإسلامي وقوتنا الاستثمارية وموقعنا الجغرافي نقاط قوة لنا، جسر الملك سلمان سيكون أهم معبر بري في العالم، والذي سوف يوفر فرصاً ضخمة للاستثمار والبناء، استثمار الموقع الجغرافي سيجعل البضائع تمر من خلال السعودية بمئات المليارات".

واعتبر 2015 سنة الإصلاح السريع وستكون 2016 سنة إصلاح سريع ممنهج ومخطط له، مضيفاً أن الملك سلمان عمل عملاً قوياً لهز رأس الهرم في السلطة التنفيذية.