رفضت الحكومة العراقية وصف مسؤولة أممية لها بالفاشلة، واعتبرت ذلك تدخلًا سافرًا في الشؤون العراقية، ودعت الأمم المتحدة إلى عدم الانحياز لمواقف تسعى إلى ضرب الوحدة الوطنية.

بغداد: أشارت الحكومة العراقية إلى أن "مهمة مفوض حقوق الإنسان تنحصر في التنسيق مع الحكومة حول الأعمال الإنسانية والاغاثية المتعلقة بالنازحين وحقوق الإنسان"، موضحة أن "ما أدلت به كيت جيلمور من كلام حول عمل مؤسسات الدولة والعملية السياسية يعتبر تخطيًا للمهمة المحددة لها وتدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية للعراق".

اتهام جيلمور بالتحيز

وقالت الحكومة في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" أن "كلام جيلمور عن أوضاع العراق جاء منحازًا ومتأثرًا بمواقف أطراف سياسية تجهد لعرقلة عمل الدولة العراقية، ليس فقط في التعامل مع الأزمات الإنسانية الناتجة من الحرب التي يخوضها العراق لتحرير أراضيه من دنس "الإرهاب" وعصابة داعش، بل تتعداها الى العملية السياسية بمجملها".&

وكانت جيلمور قدمت اثر زيارة الى العراق صورة قاتمة جدًا عن الاوضاع في العراق، مشيرة الى ان هذا البلد تديره حكومة فاشلة، ودعت المجتمع الدولي الى عدم التورط مع هذه القيادة الفاشلة، ودعت السياسيين العراقيين الى الاتفاق على خطوات ملموسة للتخطيط لما بعد سقوط داعش والاتفاق على رؤية وطنية جامعة ترتكز&على المساواة وسيادة القانون.&

إغاثة النازحين والإعمار يتمان بشفافية ودقة

وواصلت الحكومة العراقية القول إن "عمليات الإغاثة وخطط إعادة الاعمار تتم بكل شفافية ودقة من خلال عمل مشترك بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية في المحافظات التي تشهد معارك مع عصابة داعش الإرهابية".. موضحة أن "كل الخطط التي تضعها الحكومة للمناطق المحررة على توفير عودة كريمة للنازحين الى منازلهم". &

وشددت على أن "جهود الإغاثة وتأمين عودة النازحين الى المناطق المحررة تعتبر جزءًا أساسيًا من جهد الحكومة العراقية في الحرب على الإرهاب ومكملاً للمعركة العسكرية ضد عصابة داعش الإرهابية، وتجريان في وقت متزامن".&

وطالبت الحكومة العراقية الأمم المتحدة ومؤسساتها بتوخي الدقة والتركيز على عملية تحسين المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة الى النازحين العراقيين وما فيها من تلكؤ كبير من الجانب الاممي قبل إطلاق أي موقف يتعلق بعمل مؤسسات الدولة العراقية.. كما دعتها الى عدم الانحياز الى مواقف ذات أهداف معروفة تسعى الى ضرب الوحدة الداخلية الوطنية والتلاحم الذي رسخته المعركة ضد "الإرهاب".

المسؤولة الاممية: العراق بلد تديره حكومة فاشلة!

وكانت جليمور قد حثت في ختام زيارة إلى العراق استمرت اسبوعًا كاملاً السلطات العراقية على اتخاذ خطوات ملموسة للتخطيط لما بعد سقوط داعش والاتفاق على رؤية وطنية جامعة ترتكز&على المساواة وسيادة القانون. وأكدت على الحكومة العراقية وداعميها الدوليين ضرورة التركيز بشدة على إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، وليست لديهم استراتيجية لإصلاح هذا البلد بعد ذلك. وقالت "يقع على عاتق المجتمع الدولي الذي يركز بشكل كامل على العمل العسكري.. أن يولي جهدًا مماثلاً في المساعدات غير العسكرية".

وأضافت المسؤولة الاممية بالقول "يجب على المجتمع الدولي ألا يسمح لنفسه بالتورط مع القيادة العراقية الفاشلة"، مشددة على السياسيين العراقيين بضرورة العمل على مكافحة الفساد وإصلاح الهيئة القضائية وتعزيز المصالحة. وقالت "أول شيء يتعين على السياسيين العراقيين القيام به هو تنحية خلافاتهم جانبًا والتحرك سريعًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية متماسكة وذات كفاءة".&

شلل سياسي في العراق ولا حكومة في البلد

وشددت جيلمور بالقول: "هناك شلل سياسي في العراق. لا توجد حكومة في العراق". وقالت "إن العراق يزخر بتاريخ طويل من الالام وبرؤية قصيرة النظر للمستقبل".. "فهو كالعربة التي تسير على طريق وعرة وفي داخلها مرأة خلفية واسعة وزجاج أمامي صغير جداً، مع تناحر مستدام للسيطرة على المقود. هناك &تركيز ملحوظ لدى الكثير من الزعماء العراقيين حول "الانتهاكات التي حلت بجماعتهم" مع إخفاق مؤسف في بلورة صورة جامعة تحفظ معاناة جميع أطياف الشعب العراقي. &&

واوضحت: "العراقيون يستغيثون لدولة حديثة وعادلة تحترم وتحفظ حقوقهم المشروعة بالمشاركة في صياغة مستقبلهم. فهم بحاجة إلى عملية تدفع بهم إلى الأمام وليس إلى الخلف". وطالبت جميع القيادات العراقية، وعلى كل المستويات، سواء في القول والعمل، اظهار التزام أقوى بالسلام، والمساواة وسيادة القانون وعدم الانجرار إلى الفتنة الطائفية. كما أكدت أن العراق &بحاجة ماسة إلى مشروع سياسي من شأنه أن يجمع ما بين جميع فئات ومكونات الشعب العراقي الواحد، كما نقل عنها مكتب الامم المتحدة في بغداد في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نسخة منه الثلاثاء.&

تحديات العراق ليست عسكرية فقط

وحذرت جيلمور أن تحديات العراق ليست فقط عسكرية فحسب، وأن مستقبله لا يمكن أن يبنى على هزيمة تنظيم داعش فحسب.. وقالت "إن وجود الصراع المسلح في بعض المناطق لا يبرر على الإطلاق غياب سيادة القانون في &المناطق الاخرى". واضافت أن الحفاظ على سيادة &القانون، واستقلالية القضاء، وانهاء الاعتقال التعسفي وحظر التعذيب هم ركيزة من ركائز الاستقرار.&

ينبغي على العراقيين اتخاذ خطوات حازمة من أجل التخطيط لفترة ما بعد داعش. المطلوب الآن هو خطوات تؤدي إلى توسيع الادماج المجتمعي وتعميق العدالة، بما في ذلك من خلال حوار وطني شامل حول مواضيع متعددة منها العيش المشترك ومحاربة الفساد، والمساءلة عن الجرائم الماضية والحالية، ومشكلة الميليشيات، والاعداد المتزايدة من النازحين، والتدمير الجزئي و/ أو الكلي لبعض القرى والمدن، والعنف ضد المرأة والحاجة إلى إصلاحات دستورية وتشريعية.

وأثناء مهمتها في العراق، زارت جيلمور بغداد والنجف وأربيل ومخيم شاريا للنازحين داخليا في دهوك. والتقت وزير الخارجية وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين، فضلاً عن رئيس اقليم كردستان العراق، قادة المجتمع المدني، بما في ذلك الجماعات الدينية والعرقية والمدافعين عن حقوق الإنسان، والناجين من انتهاكات حقوق الإنسان.

آفة داعش

واشارت المسؤولة الاممية الى ان آفة داعش ظهرت بشكل مأساوي من خلال قصص الناجين من الانتهاكات التي التقيناهم في مخيمات للنازحين داخليا في دهوك. حيث استمعت الى شهادة رجل من الطائفة اليزيدية كان قد أدين قسرًا، وخضع لعملية اعدام وهمية ، هذا الرجل شاهد على رجم امرأة حامل حتى الموت؛ هذه المرأة التي كانت قد تعرضت للرق الجنسي لأكثر من عام.&

واضافت جيلمور انه مازال هناك الكثير من المختطفين من قبل داعش، والذين لا يستطيعون تحمل الفدية المطلوبة 30000 دولار اميركي لإطلاق سراحهم - في اشارة الى الرجل نفسه الذي كانت عائلته بالكامل – زوجته وبناته وابنه عند داعش.&

وقالت "إن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت من قبل داعش يجب أن تبقى حاضرة، ولا ينبغي السكوت عنها. ان الحق في معرفة الحقيقة أمر بالغ الأهمية، كما هي إمكانية مساءلة الأشخاص، الذين ارتكبوا ما قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أو حتى الإبادة الجماعية. ويجب الحفاظ على الأدلة ويجب أن تستمر جمع الشهادات".

كما حثت جيلمور المجتمع الدولي الى تقديم المزيد من الدعم للاحتياجات الإنسانية، وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية وتحقيق العدالة والمصالحة في العراق. وقالت "لدينا جميعا مسؤوليات تجاه شعب العراق. وإن كان هناك تحالف عسكري دولي في الوقت الحاضر، فهناك حاجة إلى تحالف دولي من التعاطف والموارد العملية أيضا للمساعدة على ارساء اللبنات الأساسية لتحقيق سلام مستدام في العراق".