يثير الكشف عن عيوب في مفاعل ديمونا، أقدم مفاعل نووي في اسرائيل، مخاوف متزايدة حول سلامته وتساؤلات حول مصيره، بالإضافة إلى معضلة تتعلق بالسرية التي تحيط بها اسرائيل ترسانة أسلحتها النووية.

القدس: تعد اسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط، لكنها ترفض تأكيد او نفي امتلاكها أسلحة نووية. وقد أوردت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الثلاثاء ان دراسة حديثة كشفت وجود 1537 عيبًا في اسس الالمنيوم في مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب في جنوب اسرائيل.

وافاد التقرير ان العيوب التي عثر عليها في المفاعل، الذي يقال انه يتم تطوير الاسلحة النووية داخله، لا تعتبر خطيرة، وان خطر حدوث تسريب نووي محدود للغاية.

ومع ذلك، تزايدت الدعوات الى الحصول على ضمانات جديدة وحتى اقامة مركز بحثي جديد، ما قد يضع الدولة العبرية امام منعطف لاتخاذ قرار ان كانت ستعترف للمرة الاولى بحيازتها اسلحة نووية.

وقدر معهد العلوم والامن الدولي ومقره الولايات المتحدة في عام 2015 ان اسرائيل تملك 115 رأسًا نوويًا.

وترفض اسرائيل بشدة امتلاك دول اخرى في المنطقة سلاحًا نوويًا، وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من أشد منتقدي الاتفاق النووي الذي توصلت اليه طهران والدول الكبرى والذي دخل حيز التنفيذ في كانون الاول/يناير الماضي، ما ادى الى رفع العقوبات الدولية المفروضة على ايران.

وتعتبر اسرائيل ان هذا الاتفاق من شأنه ان يزيل الضغط عن طهران التي يمكن ان تستأنف برنامجها النووي العسكري.

وبحسب الرواية الرسمية الاسرائيلية، فان مركز ديمونا النووي يركز على الابحاث والطاقة.

ولكن في الثمانينات كشف الخبير التقني السابق في ديمونا موردخاي فعنونو "اسرارًا" نشرتها صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، منها ان المفاعل يستخدم لانتاج اسلحة نووية، وقد أمضى فعنونو عقوبة بالسجن 18 عاما بتهمة التجسس.

تمديد صلاحية المفاعل

وكانت فرنسا قدمت قلب المفاعل في اواخر الخمسينات من القرن الماضي، وبدأ المفاعل العمل بعد سنوات عدة.

وفي العادة، تكون المفاعلات النووية صالحة للاستخدام لاربعين عاما، مع امكانية تمديد فترة الصلاحية بإدخال بعض التعديلات.

ويعرب استاذ الكيمياء في جامعة تل ابيب عوزي ايفين الذي شارك في تأسيس المفاعل، عن قلقه ازاء سلامة الموقع، وهو يقود منذ عشر سنوات حملة لاغلاقه، "من دون اي جدوى حتى الآن"، بحسب قوله.

ويؤكد ايفين ضرورة اغلاق المفاعل لأسباب امنية، قائلًا: "هذا المفاعل يعد واحدًا من أقدم المفاعلات العاملة في العالم".

ودعت النائبة ميخال روزين من حزب "ميرتس" اليساري الى تغيير جذري في السياسة الاسرائيلية بسبب المخاوف حول السلامة.

وكتبت روزين في رسالة الى لجنتي الخارجية والدفاع في البرلمان الاسرائيلي، حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها، ان "المفاعل النووي لا يخضع لاي اشراف سوى من الجسم الذي يديره، لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية"، واضافت: "لسنا بحاجة لانتظار وقوع كارثة لإحداث تغيير".

وأكدت لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية من جهتها في بيان، ان الدولة العبرية تملك "أعلى المعايير الدولية" للأمن والسلامة، مؤكدة ان هناك امكانية لاستمرار المفاعلات النووية بالعمل لفترة أطول بكثير من أربعين عامًا.

مسألة سياسية

ويقول رئيس قسم الهندسة النووية في جامعة بنسلفانيا الاميركية ارثر موتا لوكالة فرانس برس إنه على الرغم من التحدي الذي يشكله إغلاق مفاعل نووي بأمان وافتتاح آخر جديد، فهو ليس امرًا مستحيلًا.

ويضيف: "من ناحية تقنية، ليست مشكلة صعبة"، موضحًا ان "الطاقة النووية امر كثيف للغاية، وحجم المفاعل الذي يوفر الطاقة لمدينة بأكملها يماثل (حجم) مبنى"، معتبرًا "انها مسألة سياسية".

ويقول ايفين ان هناك العديد من الاسباب السياسية التي تساهم في ابقاء المفاعل النووي مفتوحا، منها عدم الرغبة بتعريض آلاف الوظائف للخطر، كما ان بناء مفاعل جديد قد يعني ان على اسرائيل ان تعلن رسميا عن قدراتها النووية.

وبحسب موتا، فان على اسرائيل ان توقع، في حال اتخاذ قرار ببناء مفاعل جديد، على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية، ما قد يعني ان مفاعلاتها ستخضع لعمليات تفتيش منتظمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما رفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعليق على الموضوع.

ويتابع ايفين: "لا اعتقد ان لدينا القدرة على بناء مفاعل نووي جديد"، و"لن يقوم احد ببيعنا مفاعلا قبل التوقيع على اتفاقية عدم انتشار الاسلحة".

ويرى خبير الشؤون الامنية في صحيفة "معاريف" يوسي ميلمان ان هذا يمثل "معضلة استراتيجية من الدرجة الاولى".

ويقول: "في حال التوقيع على الاتفاقية، ستكون اسرائيل قادرة على الحصول على مفاعلات نووية، ولكن سيكون عليها ايضا الاعلان والكشف عما لديها في المجال النووي، وعن احتكارها المزعوم (للاسلحة النووية) في الشرق الاوسط".