لم ينتهِ سكان حلب من دفن جثث ضحايا مجزرة مستشفى القدس، التي راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلاً من المدنيين والطواقم الطبية، حتى عادوا إلى دفن أكثر من 48 شخصاً قتلوا أمس بعد غارات جوية على أحياء ‫الصاخور‬ وأرض الحمرا‬ وبستان القصر و‫‏الكلاسه‬ و‫‏بعيدين‬ و‫‏النيرب‬ وطريق الباب والهلك‬ و‫‏كرم الطرب‬ والكلاسه ومنطقة ‫‏السكن الشبابي‬ ضمن مدينة حلب.

حلب: جاءت هذه المجازر بعد 38 غارة جوية نفذتها مقاتلات روسية، وأخرى تابعة لقوات الأسد على مناطق المدنيين منذ الصباح الباكر، نتجت منها مجازر مروعة، قتل وجرح خلالها العشرات، من بينهم نساء وأطفال.

تواصل قوات الأسد قصفها البري والجوي العنيف في الأيام الأخيرة، على المناطق المحررة في مدينة حلب وريفها، مستهدفة مؤسسات البنية التحتية، من مراكز الدفاع المدني والمستشفيات والأسواق الشعبية، بغية دفع السكان إلى الهجرة القسرية من الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة.

وواصلت فرق الدفاع المدني جهودها في إخراج الجرحى والقتلى من بين الأنقاض، على الرغم من استهداف طيران الأسد لمركزها الرئيس في مدينة الأتارب، في ريف حلب الغربي، بغارة جوية أسفرت عن دمار المركز وآلياته ومقتل خمسة من عناصر الدفاع المدني العاملين فيه.

شهود عيان أكدوا لـ"إيلاف" أن "الغارات تركزت على مناطق المدنيين والمرافق الطبية والأسواق، نتج منها تهدم عدد من المبانى السكنية، فيما لا تزال عمليات الإنقاذ مستمرة، وهناك عدد كبير من الضحايا والجرحى عالقون تحت الأنقاض.

ملامح القهر والضعف تبدو على وجه الشاب محمد عبد الرحمن، وهو في العقد الثالث من عمره، وكان فقد شقيقته في مجزرة حلب يوم أمس، يصمت الشاب قليلًا، ويتابع: "لم ينفع الكلام بعد اليوم، لا كلام يقال، ولا نريد أي شيء، بات العالم بأسره مفضوحًا أمام أعيننا، بحجة محاربة الإرهاب يقتلوننا ويشاهدون موتنا بمباركة دولية، في حضرة الموت يخرس الكلام، الرصاص والقصاص هو الحل الوحيد لما يحدث وبسواعدنا فقط".

ونفذ الطيران الحربي 42 غارة جوية على أحياء حلب المحررة، بينها 6 غارات روسية، خلال 10 ساعات فقط، خلفت دمارًا واسعًا في المناطق المستهدفة.

وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" نددت في وقت سابق الخميس، باستهداف مستشفى "القدس"، وأكدت أنه "تعرّض لغارة جوية مباشرة"، أسفرت عن "مقتل 14 بين مرضى وطواقم طبية". 

وأضافت "قتل على الأقل 3 أطباء إثر هجوم على مستشفى مدعوم من "أطباء بلا حدود" في حلب، من بينهم أحد آخر أطباء الأطفال هناك". وبحسب المنظمة، فإن مستشفى القدس "كان مركز التحويل الرئيس للأطفال، وكان فيه 8 أطباء و 28 ممرضًا"، كما إنه يحتوي على "غرفة للطوارئ ووحدة عناية مركزة وغرفة عمليات. تم تدميرها بالكامل".

وأدت الغارات الكثيفة على مناطق سيطرة المعارضة في حلب وريفها، والتي انطلقت يوم الجمعة الماضي، إلى تدمير أكثر من أربع أسواق في المدينة، إضافة إلى مستشفى الأطفال الوحيد، ومركز كبير للدفاع المدني في مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، ومقتل أكثر من 200 مدني، بينهم 25 إمرأة و45 طفلاً.