كالشتادت قرية متواضعة تقع في منطقة معروفة بصناعة النبيذ جنوب غرب المانيا، وأقصى ما يتباهى به سكان القرية البالغ عددهم 1200 شخص هو مهرجان للنبيذ يُقام مرتين سنويا وطبخة محلية قوامها معدة الخنزير. &ولكن كالشتادت تختلف عن القرى الألمانية الأخرى في شيء واحد هو انها مسقط رأس جد المرشح الجمهوري دونالد ترامب حيث ما زال البيت الذي ولد فيه قائما ، كما تشير السينمائية سيمونة فيندل في فيلمها الوثائقي الذي عُرض في المانيا عام 2014.

ويتضمن الفيلم الذي أُنتج قبل ان يعلن ترامب ترشيحه مقابلة معه في مكتبه. &ولكن الفيلم وقرية كالشتادت على السواء اكتسبا شهرة مفاجئة في المانيا حيث صدرت مجلة شبيغل قبل اسابيع مزينة غلافها بصورة ترامب على خلفية العلم الاميركي ونار مشتعلة فيما كان العنوان كلمة واحدة هي: "جنون". &

يؤكد ترامب في الفيلم ان الدم الالماني يجري في عروقه ويعزو الى هذا الدم نجاحه وقوته وانضباطه ودقته في المواعيد رغم ان هذه رواية جديدة نسجها عن اصوله. &فان ترامب كان حتى عام 1990، وفي كتابه "فن الصفقات" الصادر عام 1987، يقول انه ذو اصول سويدية وليس المانية. &وقام بترويج الرواية السويدية فريد والد ترامب بسبب مشاعر العداء لالمانيا في الولايات المتحدة وقتذاك رغم انها رواية مفضوحة لأن جدة ترامب الالمانية كانت تعيش في الشارع المقابل لبيت عائلة ترامب حتى وفاتها في الستينات.&

ولكن حماسة ترامب الجديدة لتراثه الالماني طريق ذو اتجاه واحد. &فالالمان لا يبادلونه هذا الاعتزاز بانتماء اجداده الى بلدهم. &وقال استاذ التاريخ في الجامعة الحرة في برلين سيبستيان يوبز لمجلة نيويوركر انه "ليس هناك احد في المانيا يقول ان ترامب "واحد منا"... فهنا ينظرون باستصغار الى ترامب". &

ولكن فيلم السينمائية فيندل يبين ان قربة كالشتادت تعج بأقارب ترامب. &واوضحت في ندوة تلفزيونية مؤخرا قائلة "أنا بنت هذه القرية وكل من فيها يرتبطون بصلة قربى من خلال الزواج". &ولاحظت غفيندا بلير التي نشرت كتابا عن آل ترامب انهم يعيشون في قرية كالشتادت منذ 300 سنة. &وتبين ابحاثها التاريخية ان هانز درامف ، الذي كان محاميا جوالا ، انتقل الى القرية في عام 1608 وان كتابة اسمه ولفظه تغيرا الى ترامب في نهاية ذلك القرن.

بدأت فيندل مشروعها السينمائي لمعرفة سر النجاح الذي حققه مهاجرون شهيرون من ابناء قرية كالشتادت. &فالى جانب آل ترامب انجبت القرية يوهان هاينريش هاينز الذي أسس نجله هنري جون هاينز شركة هاينز العملاقة للصلصة. & وقالت فيندل في مقابلة هاتفية مع مجلة نيويوركر "لو كان هاينز الوحيد الذي&انجبته القرية لقلنا صدفة ، ولكن هاينز وترامب؟" واضافت ان السبب وراء تصوير فيلمها الوثائقي هو التوثق مما إذ كان ذلك مصادفة أم لا.

وبدلا من التوجه الى الأرشيف طافت فيندل حول قرية كالشتادت لاجراء مقابلات مع البسطاء والوجهاء من أهلها. &وحين كانت تسألهم عن سبب انجاب قريتهم اثنين من أثرى العائلات الاميركية كانوا يهزون اكتافهم تعبيرا عن الجهل. &وأقوى ما قدموه من اسباب هو ان سكان القرية لطفاء ودودون وبالتالي فان آل هاينز وآل ترامب لن يجدوا صعوبة في التآلف مع الحياة في اميركا.

مما جمعته السينمائية الالمانية عن اصول ترامب ان جده فريدريك &ترامب اعلن الرحيل الى العالم الجديد حين كان مراهقا برسالة تركها ذات ليلة على الطاولة &ويقول قريبه فريتز الذي ما زال يعيش في كالشتادت ان وجود فريدريك في القرية انتهى في تلك الليلة. &وما زال فريتز يتواصل مع بعض افراد العائلة في نيويورك عن طريق البرقيات. &&

ويواصل قريب آخر قصة آل ترامب قائلا ان فريدريك جد ترامب سافر الى نيويورك حيث سبقته شقيقته ومن هناك انتقل غربا نحو الاسكا بحثا عن الذهب. &ويضيف القريب ان فريدريك لم يملك القوة البدنية المطلوبة لمثل هذا العمل الشاق ففتح مطعما وكان يبيع الوجبات مقابل قطع من الذهب الخام قبل ان يعود الى نيويورك من جديد.&

وخلال احدى زيارات فريدريك لقريته كالشتادت تزوج بنت الجيران اليزابيث وأخذها معه الى نيويورك. &ولكن اليزابيث لم تتحمل الغربة وفي عام 1904 عادت العائلة الى كالشتادت وعمل فريدريك لمدة عام من اجل استعادة جنسيته الالمانية ، بحسب جون والتر ، قريب دونالد ترامب الذي يعمل في منظمة ترامب ويقوم بدور مؤرخ العائلة. &وقال والتر ان فريدريك فشل في أداء الخدمة العسكرية الالزامية في المانيا وطرد بسبب ذلك. &فعاد مع زوجته الى اميركا "وهذا هو سبب وجود دونالد ترامب فيها اليوم". & &

واشار صحافيون ومعلقون المان وقرويون من كالشتادت نفسها الى المفارقة التي يتسم بها الوضع. &وقالت السينمائية فيندل ان امرأة اسمها انجيلا&لاحظت انه لو عومل جد دونالد ترامب المهاجر في اميركا كما يريد هو ان يعامل المهاجرين اليوم لما نجح في حياته. &وقال المقدم التلفزيوني ماركوس لانتس الذي استضاف السينمائية فيندل مؤخرا ان موقف ترامب من المهاجرين موقف لا معقول "وإذا كان هناك مثال صالح على نجاح المهاجرين واندماجهم بالمجتمع الاميركي فهو دونالد ترامب نفسه". &

تسأل السينمائية فيندل في الجولة الأخيرة من المقابلات التي اجرتها مع سكان قرية كالشتادت ماذا كان سيحدث لو قرر آل ترامب البقاء في كالشتادت كما خطط فريدريك حين عاد لاستعادة جنسيته الالمانية ، وماذا سيكون دونالد ترامب فيها اليوم. &وتجيب سارة التي تُوجت ملكة النبيذ خلال احد مهرجانات القرية قائلة "انه ريما سيكون تاجر نبيذ ، والأرجح ان يكون ناجحاً في تجارته".