يبدأ القضاء الألماني في محاكمة أولى الثلاثاء النظر في قضايا تتعلق بجرائم حرب، ارتكبت في سوريا والعراق، في خطوة يشجّع عليها وصول شهود وضحايا ومشتبه فيهم بين اللاجئين.

برلين: سيمثل الالماني اريا ال. (21 عامًا) امام محكمة في فرانكفورت (غرب) بتهمة "ارتكاب جريمة حرب" في سوريا، بسبب صورة التقطت له، وهو يقف الى جانب رأسين مقطوعتين، معلقتين على عمودين في سوريا، ووضعه الصور على موقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي.

وقالت متحدثة باسم النيابة الاتحادية إن "عشرة تحقيقات مرتبطة بسوريا والعراق" تجري حاليًا، الى جانب اكثر من ثلاثين قضية ضد "جهاديين" سابقين بتهمة "الانتماء الى مجموعة ارهابية".

بنك معلومات
من كبار المشبوهين في "جرائم حرب"، السوري ابراهيم ف. (41 عامًا)، الذي يعتقد انه كان زعيم ميليشيا قامت بخطف وتعذيب مدنيين في حلب، وسليمان أ. س. (24 عامًا) الذي يتشبه في انه قام بخطف احد جنود الامم المتحدة في 2013.

وفي مؤشر الى الاهمية المتزايدة لهذه الملفات، يتلقى المحققون بين 25 وثلاثين معلومة كل يوم، عن طريق اجراءات اللجوء، التي باتت تشمل منذ نهاية 2013 استمارة تتضمن اسئلة عن جرائم الحرب، مخصصة للمواطنين السوريين.

وقالت جيرالدين ماتيولي، المكلفة القضاء الدولي في منظمة هيومن رايتس ووتش، لوكالة فرانس برس، إن "تدفق اللاجئين يقدم فرصًا جديدة لجمع المعلومات الدقيقة".

مهمة شاقة
تدرك المانيا، التي استقبلت 1,1 مليون طالب لجوء في 2015، جاء نصفهم من سوريا والعراق، منذ حوالى عشرين سنة، صعوبة محاكمة الجرائم التي ترتكب في الخارج.

ففي 1993، وبسبب موجة من اللاجئين القادمين من البلقان، انشأت المانيا وحدة متخصصة في الشرطة، خصصت اولًا للجرائم التي وقعت في يوغوسلافيا السابقة، مثل عدد كبير من الدول الاوروبية الاخرى، وعلى رأسها وهولندا، التي تضم واحدة من الوحدات الاكثر فاعلية.

هذا الجهد الكبير، الذي سمح بفتح 127 قضية، والاستماع إلى 4500 شاهد، لم يؤدِ إلا الى اربع محاكمات، افضت الى اول حكم بعد ادانة "بالابادة" في المانيا. لكنه سمح للقضاء بتحسين ادائه في هذا المجال.

بعد ذلك، نظر القضاء الالماني في المجازر، التي وقعت في منطقة البحيرات العظمى في افريقيا، وارسل محققيه الى المكان - في تطور حاسم لجمع الادلة -، مع جهود كبيرة لحماية الشهود.

افضل مثال على هذه المهمة الهائلة محاكمة اثنين من قادة تمرد الهوتو الروانديين، صدرت احكام عليهما في الخريف الماضي، بعد جلسات مكلفة وطويلة وشهدت اسقاط جزء من التهم.

وقال المحامي يورغن شور في تقرير لمنظمة "ريدريس" إن "الجرائم الجماعية تعني وجود عدد كبير من المشتبه فيهم، والضحايا المصدومين والمهمشين في معظم الاحيان، وشهودًا، ثقافتهم ولغتهم اجنبيتان".

وجرائم النظام السوري؟
بالنسبة الى سوريا، لا يمكن للمحققين العمل ميدانيًا، لكنهم يملكون صورًا دعائية، وضعت على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي مزدهرة حاليًا، لكن هناك صعوبة في التحقق من صحتها. وتقوم المانيا ايضا "بتحقيقات هيكلية". فبدون انتظار وقائع محددة، يهدف هذا العمل الى تجميع وثائق دقيقة لكل بلد.

وقالت جيرالدين ماتيولي إن الملاحقة القضائية ايًا تكن درجة الحماسة فيها، يمكن ان تطال "اشخاصًا ليسوا من الصفوف العليا بالضرورة ومن المعارضة" بدون أن تعكس "خطورة الجرائم التي ارتكبها النظام".

وقد اوقف جندي سابق في الجيش السوري في نهاية شباط/فبراير في السويد، لكنّ العسكريين السوريين يبقون نادرين بين اللاجئين. فموجة فرار العسكريين الى تركيا، خصوصًا التي بلغت اوجها في 2012 و2013، تتراجع مع دعم الروس للنظام.

وقالت ماتيولي إن "هذا الخلل يطرح مشكلة، لكن يجب ان نبدأ من مكان ما"، مشيرة الى أن الملاحقات التي تقوم بها دول لديها "اهلية عالمية"، مثل المانيا وهولندا وفرنسا والسويد وفنلندا، هي "الوسيلة الوحيدة" لمعالجة مشكلة الافلات من العقاب في سوريا.