إيلاف من لندن: تعهدت الرئاسات العراقية الثلاث وقادة الكتل السياسية اليوم في مواجهة اضطرابات شعبية داعية لاصلاحات شاملة بتكثيف لقاءات القوى السياسية لضمان إصلاح العملية السياسية بشكل جذري معتيرن اقتحام متظاهرين لمبنى البرلمان تجاوز خطير على هيبة الدولة وخرق فاضح للاطار الدستوري يستدعي مقاضاة المعتدين امام العدالة.

جاء ذلك عقب اجتماع طارئ للرئاسات العراقية الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة في بغداد اليوم بناء على &دعوة الرئيس العراقي فؤاد معصوم جرى خلاله نقاش صريح وشامل حول آخر التطورات السياسية وما حصل يوم أمس من اقتحام متظاهرين للمنطقة الخضراء ومبنى مجلس النواب كما قال بيان رئاسي عقب الاجتماع اطلعت على نصه "إيلاف".

وقال البيان ان المجتمعين حيوا "الانتصار البطولي الذي حققه مقاتلونا وقواتنا الباسلة في تحرير منطقة بشير الشمالية من هيمنة الارهاب الداعشي".. وأكدوا على "ادانة اقتحام مجلس النواب والاعتداء على عدد من أعضاء المجلس، وان حصل هو تجاوز خطير على هيبة الدولة، وخرق فاضح للاطار الدستوري يستدعي مقاضاة المعتدين امام العدالة".

وشدد المجتمعون على "دعم القوات الأمنية وحثها على القيام بمسؤوليتها في حفظ الأمن العام للمواطنين وحماية المؤسسات من أي تجاوز عليها من اية جهة كانت واعتماد القانون والسياقات الدستورية في فرض سيادة القانون وهيبة الدولة". كما قرروا "مواصلة اللقاءات بين الكتل والقوى السياسية كافة بشكل مكثف خلال الأيام المقبلة من أجل ضمان حركة اصلاح العملية السياسية اصلاحا جذريا".. ثم دانوا بشدة الاعتداءات الارهابية الاخيرة التي طالت المدنيين في منطقة النهروان ومدينة السماوة والتي اسفرت عن سقوط العشرات من الضحابا والتي اقر تنظيم داعش بمسؤوليته عنها.

ومن جهتها أكدت مصادر عليمة ان سياسيين حضروا اجتماع الرئاسات الثلاث قد دعوا إلى تغيير للرئاسات الثلاث وفق الاطر الدستورية.. وقالت ان هناك اجواء داخل اجتماع الرئاسات الثلاث تدعو إلى تغيير للرئاسات الثلاث وفق الدستور كما نقلت عنهم الوكالة الوطنية العراقية للانباء من دون توضيحات اكثر.

وكان معصوم دعا المتظاهرين امس إلى إخلاء مبنى البرلمان وعدم المساس باعضائه وموظفيه والممتلكات العامة والخاصة فيما طالب رئيسا الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري وقادة الكتل البرلمانية بإجراء التعديل الوزاري المنشود ودفن نظام المحاصصة الحزبية والفئوية.

واقتحم الاف المتظاهرين المحتجين بوابات المنطقة الخضراء امس ودخلوا إلى مبنى مجلس النواب للاعتصام داخله.

واليوم عاود المتظاهرون الغاضبون اقتحام المنطقة الخضراء مركز الحكومة بوسط بغداد دعما للمعتصمين بداخلها وللاخرين بساحة الاحتفالات الكبرى مرددين هتافات "لا تراجع لا تراجع ثورتنا بيضاء سلمية".&

ومن جهتها دعت اللجنة المنظمة لتظاهرات التيارالصدري العراقيين إلى الخروج بتظاهرات مليونية في انحاء العراق مساندة للمعتصمين والمتظاهرين في بغداد. وقالت اللجنة في بيان صحافي اليوم "إلى العراقيين الشرفاء الذين خاضوا غمار الصعاب هلموا إلى تظاهرات حاشدة سلمية مساندة لاخوتكم المعتصمين والمتظاهرين في بغداد الحبيبة ، في عموم محافظات عراقكم الجريح لكي تطيب جراحاته باصواتكم الرافضة للباطل واهله وليكن ذلك غدا عصر يوم الاثنين".

الصدر: ترسيخ لمكانة سياسية عبر المطالبة بالاصلاح

ويطرح رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يحظى بشعبية واسعة لدى فقراء الشيعة نفسه بطلا للاصلاح في العراق الغارق في اعمال العنف والفوضى منذ الاجتياح الاميركي عام 2003.

وقال احمد علي الباحث في معهد الدراسات الاقليمية والدولية في الجامعة الاميركية في العراق لوكالة فرانس بريس ان "الصدر يحظى بشعبية واسعة لدى الطبقات الشيعية الشعبية ويستخدم هذه الميزة لترسيخ نجاح حركته".

والصدر المستدير الوجه الذي غزا الشيب لحيته، زعيم احدى الحركات الشيعية الاكثر اهمية في العراق والممثلة منذ سنوات في البرلمان على الرغم من انتقاد مؤيديه للمؤسسة السياسية التي يشاركون فيها.

وقد ولد الصدر الذي يقول مقربون انه سريع الغضب وقليل الابتسام، في مطلع السبعينات في الكوفة جنوب بغداد. وهو نجل محمد محمد صادق الصدر ابرز المتشددين الشيعة المعارضين للرئيس الاسبق صدام حسين الذي قتله مع اثنين من ابنائه العام 1999. ووالد مقتدى هو احد ابناء عم محمد باقر الصدر المفكر البارز الذي اعدمه صدام مع شقيقته نور الهدى عام 1980.

ومنح هذا النسب المرموق اندفاعة لمقتدى اعتبارا من عام 2003، حين برز اسمه بعدما اسس وحدات مسلحة تضم عشرات الالاف من الشبان الشيعة تحت اسم "جيش المهدي".

وسرعان ما خاضت هذه الميليشيا معارك ضد القوات الاميركية في النجف في آب/اغسطس 2004 ادت إلى مقتل ما لا يقل عن الف من انصار الصدر الذي اعتبرته وزارة الدفاع الاميركية في العام 2006 من اكبر التهديدات التي تعيق استقرار العراق.

معاد للاحتلال الاميركي &

وتوارى الصدر عن الانظار اواخر العام 2006 ولم يعرف مكان اقامته حتى عودته إلى حي الحنانة في النجف حيث مقر اقامته في بداية العام 2011، ليتبين لاحقا انه امضى اكثر من اربعة اعوام في مدينة قم الايرانية لمتابعة دروس في الحوزة الدينية.

لكن جيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري، خاض معارك قاسية مع القوات الاميركية والحكومية العراقية ربيع العام 2008 في البصرة ومدينة الصدر، قبل ان يامر مقتدى الصدر في آب/اغسطس 2008 بحل هذه الميليشيا من دون ان يتخلى عن تاكيد معاداته "للاحتلال الاميركي".

ويتمتع الصدر بشعبية واسعة في اوساط فقراء الشيعة وخصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في بغداد، وخاض اللعبة السياسية في العراق الجديد من خلال المشاركة في حكومة نوري المالكي قبل اتخاذ قراره باستقالة وزرائه الستة عام 2007.

لكن الصدر عاد وانخرط بقوة في السياسة عام 2010، حين لعب دورا حاسما للخروج من الازمة المرتبطة بعدم قدرة الاطراف على تشكيل حكومة ائتلافية في البلاد. ورغم حقده على المالكي بسبب الحملة العسكرية عام 2008 ضد جيش المهدي، الا نه اختار تقديم الدعم له مانحا اياه ميزة حاسمة على منافسيه (خلال فترة محدودة).

ومع ذلك، فان الزعيم الشيعي ينتقد بانتظام المالكي متهما اياه ب"الكذب" والتصرف مثل "ديكتاتور". وفي عام 2012، حاول عبثا سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء مع مسؤولين عراقيين آخرين.

&القضاء على الفساد&

وتناوب الصدر بين فترات من الانسحاب ظاهريا من الحياة العامة، وتكريس نفسه لمزيد من الدراسة في حوزة النجف، ودعوة انصاره علنا إلى الاعتصام خارج المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد.
وكان قد صرح في اذار (مارس) الماضي، في النجف "لقد حان الوقت بالنسبة لكم للقضاء على الفساد والمفسدين".

وطوال اسبوعين، اعتصم الآلاف من انصار الصدر في المنطقة حيث تتمكرز مؤسسات السلطة للمطالبة بحكومة جديدة قادرة على تنفيذ الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي وعد بها حيدر العبادي الذي خلف المالكي في منصب رئيس الوزراء.

وقد دخل الصدر شخصيا إلى المنطقة الخضراء في 27 اذار/مارس بهدف مضاعفة الضغوط على البرلمان والحكومة. وللصدر الذي يرفع سبابة يده اليمنى خلال خطاباته، مكاتب سياسية في معظم انحاء البلاد، ويمثل تياره 32 نائبا في البرلمان وثلاثة وزراء في الحكومة.