تسيطر حالة من الغضب على الصحافيين المصريين، بسبب اقتحام قوات الأمن مقر النقابة، واعتقال صحافيين اثنين، كانا يعتصمان داخلها. واعتبر الصحافيون أن ما حدث جريمة، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية، وبدأ النقيب ومجلس إدارة النقابة اعتصاماً، ودعوا الصحافيين إلى اجتماع طارئ للجمعية العمومية يوم الأربعاء المقبل.

القاهرة: دعا نقيب الصحافيين المصريين يحيى قلاش إلى جمعية عمومية طارئة، يوم الأربعاء المقبل، للرد على اقتحام قوات الأمن لمقر النقابة، واعتقال صحافيين اثنين، كانا يعتصمان داخلها، وطالب بإقالة وزير الداخلية.

وصف نقيب الصحافيين المصريين يحيى قلاش، اقتحام قوات الأمن مقر النقابة بشارع عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة، بأنها "واقعة مشينة"، وأضاف في مؤتمر صحافي بمقر النقابة في الساعات الأولى من اليوم الاثنين، أن "النقابة تعرضت لواقعة مشينة دفعت المئات من الصحافيين للاعتصام في مقر النقابة تنديدًا بالحدث".

وأضاف: "كرامتنا من كرامة الصحافي، والنقابة ظلت على الدوام قلعة للحريات ومنارة للوطنية المصرية".

وأعتبر أن "هذا الاقتحام يعد انتهاكًا للدستور والقانون، ويمثل عارًا لا يمكن التخلص منه إلا بإقالة وزير الداخلية؛ نظرًا لمخالفة القانون الذي ينص على وجوب تواجد نقيب الصحافيين أو من يمثله أثناء دخول الأمن للنقابة".

واتهم قلاش وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، بتأجيج التوتر الداخلي، وقال: "سياسات وزير الداخلية تساعد في تأجيج حالة التوتر الداخلي، مثلما أصدرنا بيانًا منذ أيام ينتقد رجال الداخلية الذين سمحوا لبعض البلطجية باقتحام النقابة في تظاهرات 25 إبريل، بل ومنعوا الصحافيين من دخول مقر نقابتهم، ولم يتحرك أي مسؤول لكبح جماح قوات الأمن".

&ودعا نقيب الصحافيين إلى عقد "جمعية عمومية طارئة يوم الأربعاء المقبل، بالإضافة إلى دعوة رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة والصحافيين أعضاء مجلس النواب، والكتّاب، وأعضاء مجالس النقابة السابقين، والنقباء؛ في الثانية عشرة من ظهر الأربعاء أيضًا، من أجل بحث كيفية الرد على وزارة الداخلية"، مشيراً إلى أن "مجلس النقابة في حالة انعقاد دائم، على أن يتم الاعتصام لحين الجمعية العمومية المقبلة".

ويعتصم المئات من الصحافيين بمقر النقابة منذ ليلة أمس الأحد، وتسيطر حالة من السخط والغضب على جموع الصحافيين ، لاسيما أن قوات الأمن سبق وأن منعت الصحافيين من دخول مقر النقابة، وساهمت في حماية مجموعة من البلطجية أثناء اقتحام مقر النقابة يوم 25 أبريل/ نيسان الماضي، أثناء مظاهرات الأرض.

وقال الصحافي عماد نصيف، لـ"إيلاف"، إن "اقتحام نقابة الصحافيين هو جزء من الهجمة التي يقوم بها النظام الحاكم في مصر ضد الحقوق والحريات"، مشيراً إلى أن "الاقتحام حصل عقب سلسلة من الممارسات التي يقوم بها ضد حرية الرأي والتعبير، وهو ما يخالف الدستور".

واعتبر نصيف أن "ما تقوم به وزارة الداخلية من ممارسات، وآخرها اقتحام نقابة الصحافيين، ليس موجهًا ضد الصحافة والصحافيين فقط، وإنما هي موجهة في المقام الأول ضد الرئيس السيسي نفسه".

وتابع: "ليس من المعقول أن يكرر السيسي أنه يقف دائمًا مع حرية الرأي والتعبير، وأن مساحة الحرية في عهد غير مسبوقة، في حين أن الواقع يؤكد غير ذلك تماماً، بما يضعه في موقف محرج داخليًا وخارجيًا".

واستطرد نصيف: "إذا كان أنصار الرئيس لديهم تهم المؤامرة جاهزة ضد من يخالفهم في الرأي، ويلتمسون الأعذار له ولأجهزته، فإنهم بذلك يضعون رؤوسهم في الرمال"، معتبراً أن "اقتحام نقابة الصحافيين نقطة سوداء في تاريخ الرئيس السيسي".

وقال نصيف: "إذا كان الرئيس يعلم ما حدث مسبقًا فهذه كارثة، لأنه خان الدستور الذي أقسم عليه، وإذا لم يعلم فهذه أكثر كارثية، لأن ذلك يدل على أنه يرأس ولا يحكم".

وطالب نصيف الرئيس السيسي بأن يثبت أنه يقف مع حرية الرأي والتعبير، من خلال إقالة وزير الداخلية، وقال: "يجب على السيسي أن يثبت كلامه بأنه مع حرية الرأي والتعبير بإقالة وزير الداخلية، جزاء على جرائمه بحق الشعب المصري، لأنه لا يسيء للوزارة أو الرئيس فقط، ولكن يسيء لمصر أيضاً في الخارج".

ووفقاً للصحافي محمد العريان، فإن "ما حدث جريمة لم تحدث حتى في عهد الإحتلال الإنجليزي".

وأضاف لـ"إيلاف" أن اقتحام النقابة "يكشف عن عقلية نظام لا يدرك ما يفعل، ويورط نفسه في فضيحة دولية جديد، تضاف إلى سجل انتهاك الحريات والإطاحة بالدستور والقانون".

وتابع: "من أصدروا قرار اقتحام النقابة وشاركوا فيه لا يفكرون مطلقًا، فالجريمة تأتي قبل يوم من العيد العالمي لحرية الصحافة 3 مايو/ آيار، وعقب احتفال النقابة باليوبيل الماسي الذي رعاه السيسي، وأيضًا جاء بعد محاولات من بلطجية ومأجورين اقتحام النقابة برعاية الشرطة في 25 أبريل/ نيسان الماضي".

وحمل "العريان" رئيس الجمهورية المسؤولية السياسية عمّا سمّاه "فضيحة اقتحام الشرطة لمبنى النقابة" وليس وزير الداخلية فقط، داعياً "الجماعة الصحفية وكل صاحب رأي مدعو لصد هذه الهجمة الشرسة على قلعة الرأي".

وحسب وجهة نظر الصحافي مفرح سرحان، رئيس قسم الأخبار بجريدة الأهرام المسائية،&"فإذا كانت التجاوزات التي طالما ارتكبها شرطيون خلال الأيام القليلة الماضية، تعتبرها وزارة الداخلية حوادث فردية، فإن ما ارتكبته الوزارة ورجالها في حق الصحافيين من جريمة ليلة أمس يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المؤسسة الأمنية أقدمت على ذلك الفعل الشنيع مع سبق الإصرار والترصد لقمع الصحافة وتوجيه رسالة للصحافيين مفادها أن "يد الأمن أطول من عمر وقامة قلعة الحريات".

وأضاف سرحان لـ"إيلاف": "وكما جاءت جريمة الداخلية في حق صاحبة الجلالة غير مسبوقة، فإن انتفاضة الجماعة الصحافية من كافة التيارات الفكرية احتجاجاً على اقتحام مبناهم ليلة أمس كانت غير مسبوقة أيضًا، إذ تجمع مئات الصحافيين يهتفون بإقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، في صرخات اهتز لها وسط العاصمة التي كانت تودع ليلة عيد العمال وسط ثكنة عسكرية فرضها وجود قوات الداخلية أمام نقابة الصحافيين".

وأشار إلى أن "مجلس النقابة أعلن حالة الطوارئ، والصحافيون توحدوا حول نقابتهم المستباحة، والأمر بات خطيرًا، والكرة الآن في ملعب الرئيس ورئيس حكومته، الذي يتنفس هواء شم النسيم على شواطئ البحر الأحمر".

ودعا سرحان إلى إقالة وزير الداخلية، وقال: "إما إقالة وزير الداخلية ومحاسبة من اقتحموا بيتنا وأهانوا مهنتنا والاعتذار للنقابة والمهنة وأبنائها اعتذارًا يضاهي فداحة الجرم وغشم الداخلية وغطرستها، وإلا فليستعد النظام لجولة من الصراع مع الصحافيين تلك المعركة التي لن يحرز فيها الانتصار من قبل سوى صاحبة الجلالة، التي كتب عليها وعلى أبنائها أن يدفعوا ثمن الحقيقة مهما كانت الفاتورة".

وفي السياق ذاته، أدان "تكتل 25-30 البرلماني" اقتحام وزارة الداخلية للنقابة، معتبراً أنها "سابقة هي الأولى منذ نشأة النقابات في مصر".

وأضاف في بيان له أن ما حصل "يعدّ انتهاكًا صارخًا للدستور الذي يلزم الدولة بدعم الحركة النقابية ويؤكد استقلالها ويصونها ويحميها"، مشيراً إلى أن "قانون النقابة يلزم بإتباع قواعد محددة للقبض علي أي شخص داخل النقابة".

&واعتبر التكتل الذي يضم العشرات من النواب في البرلمان، أن اقتحام نقابة الصحافيين "تصعيد غير مبرر ضد أصحاب الرأي".

وحمل التكتل "رئيس الوزراء المسؤولية الكاملة لمثل هذا الانتهاك"، مشيراً إلى أن الواقعة تؤكد أن "هذا السلوك هو عودة للممارسات القمعية التي ثار الشعب عليها في ثورتيه".

وطالب التكتل بـ"اعتذار رسمي من رئيس الوزراء، وأن يتحمل كامل المسؤولية السياسية ومعه وزير الداخلية عن هذه الممارسات"، داعياً إلى "الإفراج عن جميع من ألقى القبض عليهم منذ جمعة الأرض ممن لم يتورطوا في أي أعمال عنف أو هؤلاء الذين لم يقدموا بعد لجهات التحقيق".