باريس مدينة سيئة الصيت والسمعة بازدحاماتها المرورية وتهور الكثير من سائقيها، ولكن مدينة النور بدأت تبعد السيارات تدريجيا عن شوارعها الرئيسة في معركة حياة أو موت للحد من تلوثها.&
&
وأخيرا أصبحت النزهة في شارع الشانزليزيه ممكنة دون التعرض الى خطر الاختناق بالغازات المنبعثة من السيارات. &فابتداء من ايار/مايو هذا العام يُمنع مرور السيارات في الجادة الشهيرة في أحد ايام الأحد من كل شهر. &
&
وكان المشاة استعادوا من السيارات قبل ذلك الضفة اليسرى لنهر السين حيث مُنعت السيارات بصورة دائمة فانبثقت المقاهي والمطاعم والمعارض الفنية بعد إزالة العائق الذي كان يردعها. &
&
كما ستمنع السيارات من مقطع طوله 3 كلم من الضفة اليمنى للنهر ابتداء من هذا الصيف ، وتُعد خطط لقصر بعض المناطق التاريخية بعمارتها الأخاذة وشوارعها الحجرية وسط المدينة على المشاة فقط. &
&
وما هذه إلا الرشقات الأولى في الحرب التي اعلنتها العمدة آن هيدالغو على التلوث من اجل تنظيف الهواء الذي يتنشقه الباريسيون وضيوف العاصمة. &
&
وكانت زيادة التلوث بحدة العام الماضي أسبغت على باريس لبعض الوقت لقباً لا تُحسد عليه بوصفها صاحبة الهواء الأشد تلوثا بين مدن العالم متفوقة على مدن مثل بكين وشنغهاي بعد ان بلغ التلوث فيها 127 ميكروغراما من جسيمات بي أم 10 الدقيقة . &
&
وفي اليوم الذي أُعلن هذا الرقم في آذار/مارس الماضي جاءت شنغهاي بالمرتبة الثانية بـ 106 ميكروغرامات ثم لندن ثالثة بـ 91 ميكروغراما. &
&
وتقول المؤسسة التي تراقب هواء باريس ان التلوث الناجم عن البنزين واوكسيد النتروجين والاوزون يكون عادة بمستويات عالية جدا.&
&
ونقلت بي بي سي عن نائب عمدة المدينة كريستوف ناجدوفسكي ان 90 في المئة من سكان باريس يتعرضون يوميا الى مستويات من اوكسيد النتروجين ، اسوأ الملوثات المحلية ، أعلى من الحدود التي وضعها الاتحاد الاوروبية واصفا ذلك بأنه "قضية خطيرة تتعلق بالصحة العامة". &واشار الى ان هذا هو سبب الاجراء الجذري الذي قررت حكومة المدينة اتخاذه ضد اسباب التلوث قائلا ان السبب الرئيس في باريس هو "حركة المرور". &
&
وترفض السلطات الاقتداء بلندن التي تفرض ضريبة تلوث على السيارات حين تدخل وسط المدينة. وقال ناجدوفسكي ان هذه الضريبة "شكل من اشكال التمييز الاجتماعي حيث يستطيع القادرون على دفع الضريبة وان يستمروا في استخدام السيارات" وسط المدينة. &
&
بدلا من ذلك قررت المدينة تحديد منطقة ذات انبعاثات غازية متدنية بمنع الشاحنات ايام الاسبوع. &
&
وستُغلق تسعة طرق جديدة بوجه السيارات ايام الأحد والعطل الرسمية ليرتفع عدد الطرق التي تمنع السيارات من دخولها بصورة دائمة أو موقتة الى 22 طريقا.&
&
واثارت هذه القيود غضب الكثير من سائقي السيارات الذين يقولون انها تسبب اختناقات مرورية أسوأ من السابق. &
&
ويقول بيير شاسيراي رئيس منظمة "40 مليون سائق" المعارضة لغلق الطرق ان هذه الاجراءات تهدف الى إرضاء الميسورين الذين يسكنون وسط باريس ولكنها تميز ضد ذوي المداخيل المحدودة الذين يعيشون في الضواحي وعليهم ان يمروا وسط باريس بسياراتهم حين يتوجهون الى اعمالهم. &ودعا الى استفتاء سكان المنطقة المحيطة بالعاصمة بشأن هذه الإجراءات قائلا "ان باريس ليست ملك الباريسيين وحدهم".&
&
ويزداد تلوث باريس تفاقما لأن عدد سيارات الديزل في فرنسا أكثر منها في البلدان الاوروبية المجاورة بعد التشجيع على شراء وقود الديزل بوصفه أقل ضررا بالبيئة من البنزين. &ولكن السلطات تراجعت عن موقفها عندما اتضح ان الجسيمات الدقيقة واوكسيد النتروجين من محركات الديزل تخترق عمق الرئة والدورة الدموية بحيث يمكن ان تسبب السرطان وامراض القلب والأوعية الدموية. &
&
وقال نائب العمدة كريستوف ناجدوفسكي ان حكومة المدينة تخطط للتخلي عن الديزل في باريس على المدى البعيد. &
&
ومُنعت سيارات وشاحنات الديزل المصنوعة قبل عام 1997 من دخول باريس. &وبحلول عام 2010 لن يُسمح إلا للمركبات المصنوعة سنة 2011 أو بعدها. &
&
كما تحاول العمدة ايجاد طرق جديدة لتشجيع الباريسيين على إنهاء حبهم للسيارات التي تستهلك كثيرا من الوقود الاحفوري والتوجه الى السيارات الكهربائية. &
&
يضاف الى ذلك ان السلطات قررت انفاق 150 مليون يورو بهدف تحويل باريس الى مدينة صديقة للدراجات الهوائية بفتح طرق خاصة للدراجين وخفض السرعة القصوى للسيارات ، احيانا الى 30 كلم في الساعة بالاضافة الى توفير ساحات خاصة لوقوف الدراجات الهوائية. &
&
وتسببت الحرب على التلوث في مواجهة بين العمدة والحكومة المركزية لا سيما وزيرة البيئة سيغولين رويال التي لم تكن متحمسة لفرض قيود على سائقي السيارات قائلة انها تريد ان تتجنب "وصمهم". &
&
كما واجهت وزيرة البيئة انتقادات لتراجعها عن مقترح يدعو الى منع استخدام الخشب في التدفئة. &وقال نائب العمدة ناجدوفسكي ان تراجع رويال "قرار شعبوي وسياسي". &ونقلت بي بي سي عن ناجدوفسكي "ان القول بعدم وجود مشكلة يخفي الحقيقة". &
&
واشار نائب عمدة باريس الى ان فرنسا استضافت مؤتمر التغير المناخي العام الماضي ولكن الفرنسيين ما زالوا ينتظرون من الرئيس فرانسوا اولاند ترجمة الأقوال الى افعال. &واضاف "انه للأسف يتلكأ".