تيرانا: توجّه البير بريشا وياسين الى سوريا "للجهاد" في تشرين الاول/اكتوبر 2013 للعودة بعد بضعة اشهر الى بريشتينا وتيرانا، وهما من مئات الالبان والكوسوفيين، الذين التحقوا بصفوف تنظيم الدولة الاسلامية.

في 30 نيسان/ابريل، حكم على البير بريشا، الذي يحمل شهادة في العلوم السياسية (29 عاما)، بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة. وقبل صدور الحكم، روى لوكالة فرانس برس ان رحيله كان "قرارا عاطفيا" بعدما شاهد "على التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي ما كان يحصل في سوريا".

اما ياسين، الذي اصيب في حلب في آذار/مارس 2014، فيرفض الكشف عن اسمه الكامل، ويعمل لدى جزار في احدى ضواحي تيرانا الفقيرة، وتنتابه مخاوف من ان تكون الشرطة في طور البحث عنه. واكد هو ايضًا انه كان يريد "مساعدة الشعب السوري". ويأمل هذا الرجل، وهو اب لثلاثة اولاد، في ان يلقى اجره عند الله، حتى وان لم يستشهد.

وبحسب السلطات المحلية، توجه 300 كوسوفي وحوالى من 100 الى 120 ألبانيًا الى سوريا. ووفقا لعدد السكان فيهما، فان هذين البلدين ذات الغالبية المسلمة هما الاكثر تأثرا في اوروبا بظاهرة المقاتلين الاجانب في صفوف تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة. وهناك حرية في ممارسة الشعائر الدينية في البلدين، لكن هناك مؤشرات عديدة إلى تطرف شرائح من السكان.

في تشرين الثاني/نوفمبر، حظرت كوسوفو، حليفة واشنطن، 15 منظمة غير حكومية يشتبه في تجنيدها مقاتلين. وفي البانيا، تم تشديد العقوبات على الاشخاص العائدين من "الجهاد"، إذ يتم اعتقالهم ومحاكمتهم. ويرى المسؤول السابق في لجنة شؤون العبادة الالبانية الير كولا ان "الوضع الاقتصادي ومستوى التعليم وعملية غسل الادمغة على الانترنت (...) كلها عوامل سهلت التجنيد".

ووفقا للبنك الدولي، فان الاجر المتوسط للفرد يقدر بـ330 دولارا شهريا (290 يورو) في كوسوفو و370 دولارا في البانيا. ويتقاضى مقاتل من كوسوفو او البانيا في تنظيم الدولة الاسلامية 700 دولار او الفي دولار، اذا قاد مجموعة صغيرة من "الجهاديين"، بحسب ما يقول مسؤول امني الباني.

دجالون وديماغوجيون"
وانتقد رئيس وزراء البانيا ايدي راما "الديماغوجيين والدجالين"، معلنا ادخال التعليم الديني كمادة الزامية في المدارس للتصدي للجهل. وساهم احدهم، ويدعى المير داشي (34 عاما)، في تحويل ثلاث قرى قريبة من بحيرة اوريد ومقدونيا، حيث تنتشر المساجد الى جانب الكنائس، الى اماكن لتجنيد "جهاديين". 

ويعتبر داشي، إمام مدينة بوغراديش في جنوب شرق تيرانا الملقب بابي بكر الالباني، المجنِّد الاول لتنظيم الدولة الاسلامية في البانيا، وقد أرسل 70 شخصا "للجهاد"، بينهم نساء واطفال. وفي مطلع نيسان/ابريل ابلغت زوجته التي بقيت في سوريا، اقارب له بمقتله. وفي منزل بائس، كان اهله يتلقون التعازي. لكن حرمة النجي (59 عاما) التي قتل ابنها قبل عامين "لا تصدق بتاتا" حالة الحداد هذه التي اعلنت "فقط خشية من القضاء". واضافت "أتهم داشي بانه المسؤول الوحيد عما يحصل. هو الذي شجع ابني ارفيس على الجهاد".

وكان ابنها هاجر الى اليونان. وفي كل مرة كان يعود فيها الى القرية كان يتوجه بانتظام الى المسجد، وبدأ يتغير. فكان يغضب عندما كان يشرب والده الكحول، و"رفض تناول اللحم غير الحلال"، و"قصر سراويله الطويلة". وفي احد ايام شباط/فبراير 2013، تحدث عن "اخوانه الذين كانوا بحاجة الى مساعدة". وذهب الى سوريا، حيث قتل، حاله حال 70 البانيًا وكوسوفيًا تقريبًا.

ويبدو ان عدد "الجهاديين" تراجع كثيرا. وقال الرئيس هاشم تاجي "لم يلتحق اي كوسوفي بصفوف التنظيم الارهابي في الاشهر الست الاخيرة". واكد مساعد وزير الداخلية انه منذ 2014 "لم يغادر اي الباني البلاد (...) الى سوريا".

في كانون الثاني/يناير 2015، بعد الاعتداءات الاولى في باريس، حذر امين عام حلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ من ان عودة هؤلاء المقاتلين تطرح "تهديدا على دول المنطقة وعلى كل دول اوروبا". وقال مصدر امني ان 30 مقاتلا عادوا الى البانيا، حيث يخضعون "لمراقبة الشرطة".

وفي شريط نشر في حزيران/يونيو 2015 بعنوان "الشرف في الجهاد"، اعتبر "رسالة الى دول البلقان"، وصفت المنطقة بانها "الحدود الجديدة للمسلمين والدرع الجديد في مواجهة اوروبا الصليبية". وظهر داشي في الفيديو، ووجّه كوسوفي رسالة واضحة الى قادة دول المنطقة قال فيها "نقسم بانكم ستواجهون اياما سوداء".