على وقع تصفيق أنصاره وهتافاتهم، قال صادق خان بعد إعلان نتائج انتخابات رئاسة بلدية لندن وفوزه فيها في مقر بلدية العاصمة البريطانية إن "هذه الانتخابات لم تجرِ من دون سجال، وأنا فخور بأن أرى أن لندن اختارت اليوم الأمل بدلًا من الخوف، والوحدة بدلًا من الانقسام".

لندن: أضاف "آمل ألا نوضع مجددًا أمام خيار صعب إلى هذه الدرجة. الخوف لا يجلب لنا أمنًا أكثر، إنه يجعلنا أضعف، وسياسة الخوف ليست موضع ترحيب في مدينتنا".

كوربين يبارك
وفيما كان يلقي كلمته، وخلفه المرشحون الآخرون واقفون في صف، أدار له مرشح حزب "بريطانيا أولًا" اليميني المتطرف بول غولدينغ ظهره. وأشاد زعيم حزب العمال جيريمي كوربين بانتخاب المرشح العمالي، وكتب على تويتر "التهاني لصادق خان. أتطلع إلى العمل معك، لجعل لندن مدينة عادلة للجميع".

يخلف خان، النائب عن حي توتينغ الشعبي في جنوب لندن، المحافظ بوريس جونسون، المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي يقول البعض إنه يطمح إلى الوصول إلى رئاسة الحكومة.

ابن سائق الحافلة الباكستاني يهزم ابن الثراء البريطاني

وتعهد خان الوزير السابق والأب لفتاتين، بمعالجة المشكلات الأكثر إلحاحًا في العاصمة، التي ازداد عدد سكانها بحوالى 900 ألف نسمة خلال ثمانية أعوام ليصل إلى 8.6 ملايين، وفي مقدمها، ارتفاع أسعار المساكن ووسائل النقل المكتظة والتلوث. ورأى الخبير توني ترافرز من معهد "لندن سكول أوف إيكونوميكس" أن انتخابه هو "مؤشر ملفت إلى الطابع الكوني" للندن، التي وصفها بأنها "مدينة عالم"، حيث 30% من السكان من غير البيض.

مسرورون وفخورون
وفي توتينغ أثار إعلان فوز خان ببلدية العاصمة ردود فعل شديدة الحماس بين العديد من السكان. فقال مالك أحمد (32 عامًا) الموظف في مطعم "لاهور كاراهي"، الذي يرتاده خان، متحدثًا لوكالة فرانس برس "إننا مسرورون وفخورون". وفي الخارج، رحّب رؤساء بلديات مدن كبرى عديدون بانتخابه، وعبّروا عن رغبة في العمل معه في أسرع وقت ممكن.

وكتبت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو في تغريدة على تويتر: "تهاني لصادق خان، الذي انتخب رئيس بلدية لندن!، إن إنسانيته وتقدميته ستفيدان اللندنيين".&كما كتب رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو على تويتر "التهاني لرئيس بلدية لندن الجديد ورفيق السلاح في مسألة المساكن المعتدلة الثمن".

وأعلنت الجمعة أيضًا نتائج انتخابات محلية عدة جرت الخميس، وشكلت اختبارًا لحزب العمال، حزب المعارضة الرئيس لحكومة كاميرون المحافظة.

العماليون ينهارون في إسكتلندا
وفي اسكتلندا، فاز الحزب القومي الإسكتلندي، المؤيد للاستقلال، في الانتخابات البرلمانية، إلا أن فوزه أتى هذه المرة محدودًا، إذ خسر الأكثرية المطلقة التي كان يتمتع بها في البرلمان السابق (69 مقعدًا)، واقتصر فوزه هذه المرة على 63 مقعدًا من أصل 129 في البرلمان المحلي. وبالتالي لن يكون بوسع الحزب القومي تشكيل حكومة ذات غالبية بمفرده، في مواجهة المحافظين، الذين فازوا بـ31 مقعدًا، بزيادة 16 مقعدًا عن انتخابات 2011.

هذا التراجع الطفيف قد يحمل القوميين على خفض نبرة مطالبهم الاستقلالية، ما لم يصوّت البريطانيون لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء حول هذه المسألة في 23 يونيو. وأعلنت زعيمة الحزب القومي الإسكتلندي نيكولا ستورجن في هذا الصدد أن حزبها "سيواصل الدفاع عن قضيته بحماسة، إنما أيضًا بصبر واحترام"، مؤكدة أن هدفها هو "الإقناع، وليس التقسيم".

وخسر حزب العمال الاسكتلندي 13 مقعدًا، ولم يوصل سوى 24 نائبًا، غير أن نتائجه كانت أفضل في ويلز، حيث حصل على 29 مقعدًا من أصل 60، وهي نتيجة كافية لبقائه في السلطة. وقال أيان بيغ من "لندن سكول أوف إيكونوميكس" إن حزب العمال لم يكن أداؤه "بالمستوى الذي كان يجدر أن يحققه بعد عام على الانتخابات" التشريعية في مايو 2015.

أما "حزب الاستقلال" (يوكيب) الداعي إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، ففاز بأول مقعد له في البرلمان الاسكتلندي، وبمقعدين في لندن. وستكون نتائج هذه الانتخابات موضع تدقيق عن كثب من قبل شريحة من حزب العمال تبحث عن فرصة للطعن في سلطة جيريمي كوربين، وهي لم تتقبل انتخابه على رأس الحزب في سبتمبر، وتعتبره عاجزًا عن قيادة العماليين إلى النصر في الانتخابات التشريعية عام 2020.

باكستان ترحب

رحبت الصحافة ورجال الاعمال في باكستان السبت بانتخاب نجل مهاجر باكستاني يعمل سائق حافلة، رئيسا لبلدية لندن.&وتصدر نبأ انتخاب صادق خان رئيسا لبلدية واحدة من اكبر العواصم الغربية السبت جميع الصحف الباكستانية، في حين هنأه ابرز مسؤولين سياسيين معارضين في تغريدات.

وكتب بيلاوال بوتو رئيس حزب الشعب الباكستاني المعارض، نجل رئيسة الوزراء الراحلة بنازير بوتو، "نهنئ صادق خان على انتخابه رئيسا لبلدية لندن"، موضحا انه "اصبح للباكستانيين في بريطانيا نموذج جديد".كما هنأه بطل الكريكت السابق عمران خان على فوزه. وكان خان الزوج السابق لجمايما شقيقة زاك غولدسميث المرشح المحافظ الخاسر في الاقتراع.

وشدد الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على الانجازات الاخرى التي حققها بريطانيون مسملون أخيرا.&لكن البعض وجد ما يدعو الى السخرية في حماسة بلد يعد محافظا جدا.&وتصور كاتب افتتاحيات هذا الحوار المقتضب بين باكستاني يقول "انتخب صادق خان رئيسا لبلدية لندن!". ويسأله صحافي "هل انت على استعداد لانتخاب نجل مهاجر يعمل سائق حافلة رئيسا لبلدية كراتشي؟"، فيجيبه الباكستاني "هل فقدت صوابك؟!".