قبل أشهر من صدور "إيلاف" في لندن في ٢١ ايار من عام ٢٠٠١، كان عثمان العمير كولومبس الصحافة الإلكترونية في صيغتها اليومية، قد زارني في مكتبي في جريدة "النهار" في بيروت، وكنت ولا أزال أكتب تعليقاً أسبوعياً لجريدة " الشرق الاوسط" التي كان قد رئس تحريرها وجعل منها أنجح الصحف العربية سواء في المنطقة أو في الغرب .
&
إجتمعنا مع المرحوم الأستاذ غسان تويني صاحب ورئيس مجلس إدارة صحيفة " النهار" اللبنانية في ذلك اليوم، وراح الأستاذ عثمان يشرح لنا أنه ينوي إصدار صحيفة إلكترونية قال انه سيسميها "إيلاف" وكانت المفاجأة عند الاستاذ تويني تماماً مثل مفاجأتي :
&
جريدة إلكترونية ؟
&
كيف يا أستاذ عثمان وانت الذي برعت وحلّقت في الصحافة المكتوبة، ثم كيف سيصل اليها القارئ في عالمنا العربي الذي لم يكن قد عبر الى الضفة الإلكترونية، وكيف سيعلم بوجودها، وكيف سيتواصل معها وتتواصل معه، وألف كيف وكيف؟

لكنه بحماسة مثيرة راح يشرح لنا أن المستقبل لن يكون وربما لم يعد للصحافة الورقية، واتجه&إلي بالقول:
&
يا أخ راجح لم يعد يتوجب عليك مثلاً ان تداوم في مكتبك، تستطيع ان تكون كاتباً في "إيلاف" وانت في منزلك في بيروت، وربما وانت تعبر الأطلسي في الطائرة، لقد سقطت الجغرافيا وانعدمت المسافات ولأن العالم بات قرية صغيرة، يستطيع المرء ان يقرأ "إيلاف" من أي موقع وفي أي لحظة .
&
لا أخفي ان الأستاذ تويني، قال لي بعدما ودعنا الأستاذ عثمان العمير، هذه مغامرة وأنا أشك كثيراً في ان صحيفة من هذا النوع تستطيع ان تنجح وتنافس الصحافة الورقية .

ولا أخفي ايضاً أنني بعد أعوام قليلة ذكّرت الأستاذ تويني بأننا كنا على خطأ وأن عثمان كان يرى قبل عصره بعقد على الأقل، وقلت له ها انا أقرأ "إيلاف" يومياً لا بل على مدار الساعة وربما الدقيقة احياناً، وغالباً ما يسعدني أن أجد واحداً من مقالاتي المنشورة في "النهار" او في " الشرق الأوسط" تنقله "إيلاف" الى شبكة قرائها الهائلة من القطب الشمالي الى القطب الجنوبي، وحيث لا يمكن للورق ان يصل .
&
عثمان كولومبوس العمير العربي، كان رائداً سبق عصره بعقد من الزمن، حمل مقالاتنا الى ما وراء الأفق، ولست أدري بماذا يفكر او ماذا يعدّ لنا الآن بعدما اصبح [من غير شرّ] كل من يملك "آي باد" او كومبيوتر كاتباً وناشراً وصاحب موقع لا يتردد في الإدعاء انه يملك صحيفة الكترونية .
&
والوقيعة ان المواقع كثُرت الى درجة اننا في لبنان مثلاً نجد مئات من المواقع الكربونية لا الإلكترونية، بمعنى انها تنسخ الخبر نسخاً متسارعاً عن بعضها البعض دون تحقُق او متابعة، حتى ولو كان اشاعة او حتى دسيسة !
&
لكن "إيلاف" تبقى سيدة الصحف الإلكترونية المحترمة، ولا أبالغ اذا قلت إن عثمان العمير يعكف حتماً الآن على البحث عن عمارة جديدة لعصر جديد، فهذا رجل خلق ليبدع .