بغداد: شدد اعضاء اللجنة المنسقة لحركة الاحتجاج الشعبية خلال مؤتمر صحافي في بغداد مساء أمس على أن جميع الاجراءات القمعية للسلطات لن تثني المحتجين عن المطالبة بالإصلاحات وتقديم الفاسدين إلى القضاء واستعادة الأموال المنهوبة.

&واشاروا الى ما تعرّض له المتظاهرون السلميون في تظاهرة الجمعة الماضي من "إرهاب" دولة استخدمت فيه القوة المفرطة، وأوقع العديد من "الشهداء" والمئات من الإصابات التي لحقت بمتظاهرين سلميين عزّل، قد سعت الماكنة الإعلامية الحكومية وبالتعاون مع الأحزاب المتنفذة والمتضررة من تظاهرات الإصلاح الى حرف الحقائق وتشويهها، غير أن حبل الكذب قصير في زمن التواصل الاجتماعي، وتعدد وسائل التوثيق والاتصال التي غابت عن تفكير أحزاب الفساد والمحاصصة.&

واوضح اعضاء اللجنة ان ما حصل الجمعة هو احتشاد المتظاهرين السلميين لتجديد المطالب في الإصلاح ومحاسبة المفسدين والضغط على الحكومة التنفيذية في توفير الأمن والامان عقب التفجيرات التي ضربت مناطق عدة من بغداد، واوقعت العشرات من القتلى والجرحى، ووضع الحكومة أمام مسؤولياتها الحقيقية بمعالجة الخروقات الامنية، وتمكن المتظاهرون من عبور جسر الجمهورية بسلمية قل نظيرها.

وكان التجاوب مع الحاجز الأمني الموجود على الجسر بكل احترام وتقدير للعناصر الأمنية، ولكن النوايا السيئة كانت مبيتة من قبل الحكومة ومن يساندها، فعند وصول طلائع المتظاهرين امام بوابة التشريع للمنطقة الخضراء، حتى قامت القوات الأمنية بتوجيه القنابل الصوتية واطلاق الغاز المسيل للدموع في مشهد استفزازي، يكشف السوء الذي يختمر في نفوس المسؤولين الحكوميين، الذين أمروا الجنود باستعمال القوة ضد اخوانهم ابناء الشعب العراقي.&

واضافوا أن المتظاهرين حاولوا عبر النداءات وبأصواتهم العالية الطلب من العناصر الامنية الكف عن اطلاق القنابل المسيلة للدموع، إلا ان الرد كان اقسى واقوى، حيث وجه رجال الأمن الرصاص المطاطي والحي نحو متظاهرين سلميين عزّل، الامر الذي اسهم في اندفاع المتظاهرين الغاضبين من هذا الفعل المشين إلى الدخول إلى المنطقة الخضراء، ولوقت محدود لا يتجاوز النصف ساعة.. واكدوا أنه لم يكن مخططاً لدخول المنطقة الخضراء لولا ما اقدمت عليه القوات الأمنية من جريمة في حق عراقيين استخدموا حقهم الدستوري بالتظاهر السلمي.&

وشددوا على أنه لا صحة لما تداوله إعلام السلطة والاحزاب المتنفذة من وجود سلاح بين أيدي المتظاهرين.. وقالوا إن هذا الإدعاء كذب وتشويه للحقائق وتهرب من المسؤولية القانونية والاخلاقية نتيجة الفعل الإجرامي في قتل المتظاهرين وجرح المئات منهم، فقد تم تفتيش المتظاهرين من قبل العناصر الأمنية قبل وصولهم الى ساحة التحرير مرات عدة.. ولفتوا إلى أن من سقط من القوات الأمنية جراء اصابات مختلفة هو ما اصاب المتظاهرين نفسه، حيث أن جميع هذه الاصابات جاءت نتيجة الرصاص العشوائي وقنابل الغاز التي اطلقتها القوات الأمنية، وهذا يعني ان من اصيب من رجال الأمن قد اصيب بنيران القوات الأمنية نفسها، كما هي الحال بتعرّض الاعلاميين الى المخاطر عينها، وهذا مثبت وموثق عبر تسجيلات فيديوية.&

تحميل العبادي مسؤولية مقتل متظاهرين ونفي اتهاماته بحملهم للسلاح
وحملت تنسيقية الاحتجاجات رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي نتائج ما حصل من اصابات ووقوع قتلى وجرحى.. وقالت إن انكاره لا ينفع في التهرب من حقيقة واقعة وبأدلة دامغة.. وطالبته باعتبار المتظاهرين الذين قتلوا على أيدي القوات الامنية "شهداء الوطن والديمقراطية" وتعويض عوائلهم بما تعوض به عوائل "شهداء" العراق.&

ودعت الى الاهتمام بالجرحى ومعالجتهم على حساب الدولة وتعويضهم بما يتناسب مع الضرر الذي اصيبوا به.. وطالبت بإطلاق سراح من تم اعتقاله من المتظاهرين والنشطاء، والالتفات إلى ان هؤلاء المعتقلين كانوا يمارسون حقهم الدستوري الذي كفل حق التظاهر وسحب المظاهر المسلحة التي تم نشرها بعد التظاهرات لما تمثله من حالة استفزازية للشارع العراقي، وتكشف عن نوايا تحول الدولة إلى القمع بما يخالف الدستور الذي يؤكد على ترسيخ الديمقراطية.&

وشددت التنسيقية على ضرورة تقديم المسؤولين عن ارتكاب جرم قتل وجرح المتظاهرين السلميين إلى العدالة ليقول القضاء حكمه فيهم. واكدت بالقول "إن كل إجراءاتهم القمعية لن تثنينا عن المطالبة بالإصلاحات وتقديم الفاسدين إلى القضاء واستعادة الأموال المنهوبة، ولن نخضع لأساليب الممطالة والتسويف التي انتهجتها القوى المتنفذة، وانجر إليها رئيس الوزراء، واستجاب لمطامعهم، رغم الدعم الكبير الذي قدمه الحراك الجماهيري إليه، وإسناده في الضغط على القوى المتنفذة إلا انه ضيّع الفرصة تلو الأخرى ليصطف أخيراً مع القوى المتحاصصة في موقف مخيّب للآمال. واكدت بالقول: "سنبقى مستمرين في حراكنا وتظاهرنا السلمي، ولن نخضع لابتزاز الفاسدين، فإرادة الاحتجاج ستبقى متوثبة للقضاء على دواعش الفساد".&

وكان العبادي نفى الاحد الماضي أن تكون قواته قد اطلقت النار على المتظاهرين الذين اقتحموا المنطقة الخضراء، رغم ما قال إن بعضهم كان يحمل اسلحة، موضحًا مقتل اثنين منهم. واشار الى أن نتائج التحقيقات الاولية تدلل على عدم وجود اطلاق نار مباشر، وأن هناك حالتي وفاة لا دليل على اصابتهما باطلاق ناري مباشر على المتظاهرين، ولا توجد حالات غيرها مع وجود معطيات بحمل بعض المندسين للاسلحة، اضافة الى عدم وجود موقوفين من التظاهرة الاخيرة، وقد تم التحقيق مع ثلاثة منهم وأخلي سبيلهم. &

الصدر غاضب والامم المتحدة تدعو الى فتح تحقيق
وهاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قائد تظاهرات الاحتجاج، التي اقتحمت المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان ومكتب العبادي، القيادات الأمنية العراقية، مؤكدًا أنها اعتدت على المتظاهرين.

وقال الصدر في بيان: "أنّى لهم ذلك خصوصًا بعدما أعلن كبير الشر، في إشارة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، التعاون في حماية المنطقة الخضراء".. متسائلًا: "أيحميها من الشعب؟".

وأكد الصدر "أن القيادات التي امرت بضرب المتظاهرين تنفذ اجندة خارجية ".. وقال في رد على سؤال لأحد اتباعه "إن هؤلاء لهم أجندة خارجية ويريدون النيل من ارادة الشعب، ولكن انى لهم ذلك".

من جهتها، دعت الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية الحكومة العراقية إلى فتح تحقيق في استخدام القوة المميتة ضد محتجين اقتحموا المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العاصمة بغداد. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في بيان صحافي في جنيف، "نحث الحكومة العراقية على أن تجري فورًا تحقيقًا مستقلاً وشفافًا وفعّالاً بشأن استخدام القوة من قبل قوات الأمن ضد المحتجين".

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان إنها "قلقة بشأن استخدام قوات الأمن القوة بتهور".. وأضافت: "أي شخص يشتبه في أنه استخدم القوة بطريقة اعتباطية أو تنطوي على انتهاك للقواعد يجب أن يقدم إلى محاكمة عادلة".

وشارك في احتجاجات الجمعة متظاهرون من أنصار الصدر ومن جماعات مدنية أخرى، أغضبهم عجز الحكومة عن إقرار إصلاحات لمكافحة الفساد وحفظ الأمن في المدينة.

وأشارت مصادر من أربعة مستشفيات، ومن المشرحة المركزية في بغداد، الى مقتل أربعة محتجين وإصابة 90 جراء إطلاق النار في المنطقة، التي تضم مقر البرلمان ومكاتب حكومية وسفارات أجنبية، حيث أقرت الحكومة العراقية بوفاة شخصين، ونفت استخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين.