الأمم المتحدة: أصدر مكتب دي ميستورا بيانًا جاء فيه أن الأخير كرر التأكيد امام مجلس الامن "عزمه عقد الجولة الجديدة من المفاوضات في اقرب وقت ممكن، ولكنها لن تكون بالتأكيد قبل اسبوعين أو ثلاثة". وقدم دي ميستورا عرضًا امام مجلس الامن عبر الفيديو لما وصلت اليه مهمته حتى الآن.

محاولات مستمرة
جاء في البيان أن دي ميستورا شدد على ضرورة "حصول تقدم على الارض، خصوصًا بما يتعلق بوقف الاعمال القتالية وايصال المساعدات الانسانية" قبل استئناف المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة تحت اشراف الامم المتحدة.

وخلص البيان الى القول إن دي ميستورا "سيواصل اجراء اتصالات مكثفة وبشكل دائم مع الاطراف السوريين واعضاء مجموعة الدعم الدولية لسوريا لتحديد الوقت المناسب لدعوة الطرفين الى جنيف".

ونقل دبلوماسيون حضروا الاجتماع أن دي ميستورا اشار الى انخفاض في نسبة العنف بشكل عام، الا أن اتفاق وقف الاعمال القتالية الذي اقر رسميًا في نهاية فبراير لم يعد موجوداً إلا على الورق في العديد من المناطق. وبشأن ايصال المساعدات الانسانية، قال دي ميستورا إن الامم المتحدة بحاجة الى ضمانات امنية للتمكن من إلقائها من الجو.

ضغط على روسيا
من جهتها، اعلنت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة سامنتا باور في ختام جلسة التشاور مع دي ميستورا، أنها تشاركه "إحباطه" امام "النقص في وصول المساعدات الانسانية" الى السكان المدنيين في سوريا.

ووجّهت نداء الى روسيا لكي تمارس ضغطًا على سوريا. وقالت في هذا الصدد "إن لروسيا مسؤولية خاصة للضغط على نظام الاسد، لكي يتقيد بوقف الاعمال الحربية، ويتوقف عن قصف المدنيين السوريين الابرياء ومحاصرتهم".

اضافت باور "أن التفاوض السياسي هو الوسيلة الوحيدة لإنهاء هذه الحرب، ولإنجاح هذه الآلية لا بد من ضمان وصول المساعدات الانسانية من دون عقبات، كما لا بد من التقيد التام بالهدنة".

وجرت حتى الآن جولتان من المفاوضات السورية غير المباشرة في جنيف تحت اشراف الامم المتحدة. وعلقت الجولة الثانية في ابريل الماضي بعد انسحاب وفد المعارضة المسلحة، الذي اتهم النظام بعدم التقيد بوقف اطلاق النار. وكان دي ميستورا اعلن في وقت سابق الخميس أن اعدادًا كبيرة من المدنيين مهددون بالموت جوعًا في سوريا في حال لم تصل المساعدات الانسانية اليهم سريعًا.

معركة الفاطسة
واعلن المرصد السوري لحقوق الانسان الخميس ارتفاع حصيلة القتلى في سوريا منذ اندلاع النزاع في هذا البلد في مارس 2011 الى 282 الف شخص على الاقل، بعدما كانت الحصيلة السابقة التي اعلنها في فبراير الماضي نحو 271 الف قتيل.

كما اعلن القائد الميداني في قوات سوريا الديموقراطية هوكر كوباني لوكالة فرانس برس، بعد ساعات على استعادة قرية الفاطسة في شمال محافظة الرقة من تنظيم داعش، أن "القوات الاميركية تشارك قوات سوريا الديموقراطية في هذه المعركة بشكل فعّال". واكد مراسل فرانس برس في المكان هذه المعلومات عندما شاهد عسكريين بلباس عسكري عليه العلم الاميركي يصعدون الى سطح منزل في القرية نفسها.

وبدأت قوات سوريا الديموقراطية، المؤلفة من تحالف فصائل عربية وكردية، على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية الثلاثاء عملية لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من شمال محافظة الرقة، معقله الابرز في سوريا، بعد يوم واحد على اعلان القوات العراقية بدء هجوم واسع النطاق لاستعادة الفلوجة في محافظة الانبار، أحد ابرز معقلين متبقيين للتنظيم في العراق.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الخميس، إن "قوات سوريا الديموقراطية كثفت اليوم عمليات استهداف وقصف مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في القرى المجاورة لمناطق تواجدها في محيط بلدة عين عيسى" الواقعة على بعد نحو 55 كيلومترًا عن مدينة الرقة.

واشار الى استمرار "طائرات التحالف الدولي بقيادة اميركية بتنفيذ غارات تستهدف مواقع وتحركات الجهاديين، لكن بوتيرة اقل عن اليومين الماضيين".
واعلنت قوات سوريا الديموقراطية الخميس أنها تمكنت من "التقدم لمسافة سبعة كيلومترات من عين عيسى"، بعدما "حررت خمس قرى واربع مزارع" في المنطقة.

معركة صعبة
لكن عبد الرحمن يقول إن "التقدم ليس استراتيجيًا حتى اللحظة، إذ تدور المعارك في قرى ومزارع خالية من السكان المدنيين على بعد كيلومترات عدة عن عين عيسى".

في المقابل، يحشد تنظيم الدولة الاسلامية وفق عبد الرحمن "نحو ألفين من مقاتليه في الجهة الشمالية من ريف الرقة"، مؤكدًا أن التنظيم قد "استعد جيدًا لهذه المعركة في الاشهر الماضية، عبر حفر الخنادق وتفخيخها وتجهيز السيارات المفخخة والتمركز في احياء وابنية يتواجد فيها المدنيون وخصوصًا في مدينة الرقة".

وفي مقر لقوات سوريا الديمقراطية تقع على أطراف الطريق الواصل بين صوامع عين عيسى ومواقع التنظيم في خطوط المواجهة، يوضح القائد الميداني براء الغانم لمراسل فرانس برس في المكان، أن "المعارك تبعد ثمانية أو تسعة كيلومترات عن حدود عين عيسى".

ويوضح فيما عناصره يستريحون وبجانبهم اسلحتهم قبل استئناف استهداف مواقع الجهاديين، أن "طيران التحالف ساعدنا على قصف نقاط تمركز داعش"، مشيرًا الى "اننا نواجه مشكلة الألغام اذ تتم زراعة القرى بالألغام من قبل داعش" في محاولة لمنع قوات سوريا الديموقراطية من التقدم بسهولة. وكان دي ميستورا قال في وقت سابق الخميس إنه يتخوف من احتمال تعرض الكثير من المدنيين في سوريا لخطر الموت جوعًا.

وصرح دي ميستورا للصحافيين في جنيف، "هناك الكثير من المدنيين حاليًا المهددين بالموت جوعًا، وكلهم مدنيون سوريون"، ذاكرًا خصوصًا مدن وبلدات داريا ومعضمية الشام (قرب دمشق التي تحاصرها قوات الحكومة) وكفريا والفوعة (التي تحاصرها فصائل معارضة).

معاناة مدنيي الفلوجة
وجاء انطلاق الهجوم في شمال سوريا غداة اعلان السلطات العراقية معركة "تحرير" مدينة الفلوجة في محافظة الانبار، والتي تعد أحد ابرز معاقل "الجهاديين" في غرب بغداد.

وبحسب صوفان، فإن "استعادة الفلوجة تشكل التحدي العسكري الابرز الذي تواجهه القوات العراقية منذ عامين بعد خسارتها مدينة الموصل"، اثر سيطرة "الجهاديين" عليها في مطلع العام 2014. وتواصل القوات العراقية التقدم من المحور الجنوبي باتجاه مدينة الفلوجة، في وقت دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى ارجاء تظاهرات مقررة الجمعة في بغداد للمطالبة بتشكيل حكومة جديدة بسبب انشغال قوات الامن بعمليات "تحرير الفلوجة".

وقال العبادي خلال زيارته الثانية الى "مقر عمليات تحرير الفلوجة" برفقة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، "أدعو شبابنا الى تأجيل تظاهراتهم الى حين تحرير الفلوجة، لان قواتنا منشغلة بعمليات التحرير". ويشارك عشرات الاف من قوات الامن العراقية في عملية استعادة الفلوجة من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية بمشاركة قوات الحشد الشعبي الشيعية.

واعلنت الامم المتحدة الخميس انها تلقت "تقارير مؤلمة عن المدنيين العالقين داخل الفلوجة، وهم يرغبون في الفرار الى بر الامان، لكن ذلك غير ممكن".
وقالت ليز غراند، منسقة البعثة الاممية للشؤون الانسانية في العراق، في بيان، إن الاشخاص الذين تمكنوا من الفرار من الفلوجة أفادوا بأن الظروف المعيشية داخل المدينة رهيبة.

وبحسب المنظمة، فإن نحو 800 شخص فقط تمكنوا من الفرار من الفلوجة منذ بدء العملية العسكرية الكبرى لاستعادة السيطرة عليها، مضيفة أن "بعض الاسر قضت ساعات طويلة من المسير في ظروف مروعة للوصول الى بر الامان، بينما سكان مركز المدينة يعانون مخاطر اكبر كونهم غير قادرين على الفرار".

ويعد الهجومان في سوريا والعراق الأهم منذ اعلان التنظيم المتطرف "الخلافة الاسلامية" في صيف العام 2014، وبدء التحالف الدولي بقيادة اميركية شن ضربات جوية تستهدف مواقع وتحركات التنظيم على اراضي البلدين.