تباينت آراء صحافيين وإعلاميين عراقيين حول الآفاق المستقبلية للاعلام الالكتروني، مؤكدين أنه لن يكون بديلا للصحافة الورقية، التي تمتلك نكهة خاصة عند الكثير من القراء.

إيلاف من بغداد: أثار التصريح المثير لناشر ورئيس تحرير "إيلاف" عثمان العمير هزة في عالم الصحافة العربية، لا سيما في العراق، حيث ارتبط الكثيرون من أهل المهنة بالصحافة الالكترونية التي قال العمير إنها تهرول الى حتفها.&

إيلاف طرحت سؤالًا عن سطوة الاعلام الكتروني، وقد اختلف صحافيون عراقيون في توقعاتهم للمستقبل الاعلامي، حيث توقف العديد منهم إزاء الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها الصحافة الورقية التي انحسرت لديها مساحة الاعلانات فاضطرتها الظروف الى ان تغلق ابوابها او تعلق إصدارها ، فيما اشار العديد الى ان الاعلام الالكتروني سيهيمن على اعلام المستقبل لانه يمتلك المقومات التي تعززه، مثل سرعة نشر الخبر على عكس الصحافة الورقية.

هو الطاغي .. ولكن

وأكد الدكتور علي عويد، الصحافي ورئيس المركز الثقافي العراقي في بيروت، أن الاعلام الالكتروني هو الطاغي الان وربما في المستقبل، وقال: "يجب الاعتراف اولا ان لكل من الاعلام الالكتروني والصحافة الورقية قراءهما ومتابعيهما ومهتمين بهما، ولكن مع ذلك فالاعلام الالكتروني طغى على الورقي، لاسيما من قبل الشباب الذين اغلبهم تحت سن الاربعين، فيما لا يزال من هم فوق هذا السن سعداء بالورق ومصرين&عليه".

واضاف: "لا ننسى ان العراق حديث العهد بالاعلام الالكتروني، حيث كانت الصحافة قبل عام 2003 كلها ورقية ومؤدلجة، وقد اثر الانفتاح تأثيرا كبيرا في الواقع الصحافي والاعلامي في العراق واصبحت لغة الخبر والتحقيق والتقرير ركيكة جدا لذلك التجأ الكثير من القراء الى الصحافة الالكترونية وقد وجدوا فيها التطورات والاختزال والمهنية العالية".

وتابع : "اعتقد ان المستقبل في ظل الظروف الحالية سيكون للاعلام الالكتروني خاصة اننا نشاهد ان الصحافيين والكتاب والمبدعين لجأوا الى الاعلام الالكتروني بعد ان اصبحت الصحافة الورقية في اغلبها الاعم هزيلة وتأخذ اخبارها وتقاريرها من الاعلام الالكتروني الذي يتميز بسرعة النشر".

الظروف هي السبب

اما الصحافية نرمين المفتي فلها رأي مختلف، حيث قالت: "لا اعتقد ان المستقبل سيكون للاعلام الالكتروني، لا.. ابدا، ويبقى للورق طعمه، بالنسبة لي على الأقل".

واضافت: "قد يؤثر الوضع الاقتصادي حاليا في الإعلانات، وبالتالي توقف صحف معروفة عن الطبعة الورقية، لكن يبقى للمطبوع طعمه ورائحته وجاذبيته، وقد تعود الصحافة الورقية الى تصدر المشهد اذا ما انتهت الظروف الحالية".

من جانبه، قال الصحافي عامر القيسي، مدير تحرير الصباح الجديد: "من الصعب الحكم بهذا الاتجاه ، اي ان يكون المستقبل للاعلام الالكتروني فقط ، لكن يمكن القول بقوة وثقة ان الاعلام الالكتروني استحوذ على مساحات واسعة، سواء من القراء او المؤسسات الاعلامية، من المشهد الاعلامي".

واضاف: "اعتقد ان الاعلام الورقي سيبقى لفترة طويلة جدا قبل ان يتحول الى متحف التراث الاعلامي، اي في الزمن الذي يصبح فيه السفر الى القمر نزهة للعائلة".

أكثر توثيقاً

من جهته قال الصحافي ليث محمد رضا إن الصحافة الالكترونية المكتوبة تعد ظاهرة جديدة تضاف الى جانب الصحافة الورقية لكنها لا تكون بديلة منها، فالصحافة الورقية موجودة وبعض الصحف يبيع ملايين النسخ يومياً في أهم البلدان من حيث التقدم التكنولوجي.

وأضاف: "من الطبيعي أن تتأثر الورقية بظهور الالكترونية لا أن تتأثر الثانية بالاولى، لكني أرى أن الثورة المستمرة في تكنولوجيا المعلومات، نوافذ اضافية للحصول على المعلومة وليست كافية لدثر النوافذ القديمة التي لم تنتف حاجة لها حتى الآن".

وتابع: "ان الصحافة الورقية أكثر توثيقاً وأكثر أماناً من الناحية الصحية لأن القراءة عبر عموم الاجهزة الالكترونية غير مأمونة من الناحية الصحية لاسيما على العين فضلاً عن أعضاء أخرى من الجسم، والناس بدأت تتأثر بالدراسات التي تقول هذا الكلام في كل دول العالم".

ذاكرة&

اما الاعلامي في جريدة البينة فهد الصكر، فقد اكد ان الاعلام الالكتروني لن يكون بديلا من ذاكرة الصحافة الورقية، وقال: "في ظل المتغيرات التي طرأت على صحافتنا وعلى الاعلام العربي، وتحت ضغوط اقتصادية عطلت هذا الجانب على الأقل، تنامى الاعلام الالكتروني على مستوى تكنولوجيات الإعلام والاتصال وأدى إلى تحولات كبيرة خلال العقدين الماضيين، وبات واضحا اضمحلال الصحافة الورقية، والاندفاع بقوة نحو عالم التقنيات الحديثة، والتي تجيبك على كل شيء بمجرد كبسة زر على الحاسبة المربوطة مع عوالم النت".

واضاف: "لكنه ليس بديلًا يعادل ذاكرة وارشفة الصحافة الورقية، باعتبار أن مرجعية وتاريخ الصحافة الورقية يمتدان الى زمن لا يمكن له أن ينسى وتحت أي ظرف، وهذا المتغير أزعم أنه وقتي لتعود الصحافة الورقية وحضورها باعتبارها عنصر الإثارة اليومي، والمدون مع صورة الحدث التي لا يمكن أن تتسابق معها تقنيات لا تمتلك روح القوة الاعلامية".

وتابع: "هنا يمكن أن أشير الى الاعلام الالكتروني كمصدر معنوي للصحافة الورقية، اذا ما أردنا أن نعمل داخل منظومة العمل الصحافي دون التواجد في واقع الحدث كجغرافية للمكان والفعل الاعلامي والادبي والثقافي بكل تفصيلاته".

تطور وسائل الاتصال

فيما اكد الصحافي صالح الشيباني، ان الاعلام الورقي بدأ بالتراجع، وقال: "اعتقد ان المستقبل سيفتح ذراعيه بكل حميمية للإعلام الالكتروني ذي التكلفة البسيطة مقارنة بسواه من وسائل الاتصال الباهظة الثمن، والسبب في مشهد العناق المفترض هذا، والذي سيتحقق حتما، هو سعة حجم الجمهور المستهدف الذي يتابع بشغف كبير المواقع الاخبارية الالكترونية والمدونات الشخصية وصفحات التواصل الاجتماعي المتخصصة في مجال الاعلام".

واضاف: "وازاء هذا التطور اللافت بدأ الاعلام الورقي بالتراجع التدريجي وهو ما أدى إلى توقف بعض الصحف والمجلات في العراق عن الصدور لأسباب مالية او تقليل عدد ايام الصدور للسبب ذاته".&

&وتابع: "بشكل عام وفي ظل تسارع الزمن وتطور وسائل الاتصال التقني فان المتابع للاحداث الساخنة يفضل ان يصله احدث خبر عن طريق هاتفه المحمول بعد دقيقة واحدة من حدوثه وليس عبر شاشة فضائية ستبثه في ساعتها الاخبارية المقبلة او في صحيفة ورقية يومية ستصدر في اليوم التالي".

ثورة العالم الرقمي

اما الصحافي في وزارة الثقافة مهدي العامري، فقد رأى أن ثورة اﻻتصال والتكنولوجيا فرضت نفسها وبقوة على واقع اﻻعلام المقروء والمسموع والمرئي. وقال: "إن هذه الثورة في العالم الرقمي والتطور الهائل في مراحل اجيال اﻻتصال فضلا عن مواقع التواصل اﻻجتماعي عبر تويتر والفيس بوك واليوتيوب ساهمت بشكل مذهل وسريع في تطور الاعلام واختزل الاعلام اﻻلكتروني اجيالا سابقة وﻻحقة".

واضاف أن من اهداف الثورة التكنولوجية واﻻعلام اﻻلكتروني بشكل خاص اﻻبتعاد عن مظاهر التخلف الى حد ما، حيث ستشهد تراجعا في طبع الصحف وتسريح العاملين منها ﻻسباب بيئية وتكاليف اقتصادية وينطبق الحال كذلك على دور نشر الكتب والتوزيع واﻻعلان، اما بخصوص الاعلام المرئي فقد تراجع هو اﻻخر عن وظيفته والسبب يعود الى اجهزة الهواتف الذكية والتطبيقات التي توفرها تلك اﻻجهزة في مشاهدة اهم اﻻحداث والبرامج السياسية واﻻقتصادية واﻻمنية وفي حركة السوق واﻻنواء الجوية وموعد انطلاق الطائرات وغيرها من ضروريات الحياة.

وتابع: "ان العالم اليوم اصبح عبارة عن جهاز هاتف ذكي يحمله الصغير والكبير ولم يعد شاشة تلفاز او قرية صغيرة كما قال مارشال".

اسرع واقوى

بدوره، قال الصحافي والكاتب علي الدليمي: "في هذا التطور المفاجئ والكبير اليومي اشهد ان الاعلام الورقي سينتهي دوره شئنا ام ابينا ولكن ببطء، الا ان الاعلام الالكتروني وعلى الرغم من مواصفاته، الا ان نكهته لا تضاهي نكهة الصحافة الورقية التي اشعر وانا اتصفحها بمتعة كبيرة".

واضاف: "الاعلام الالكتروني اسرع واقوى من الصحافة الورقية وينشر الاخبار فور حصولها على عكس الصحافة الورقية التي لا تمتلك خاصية السرعة، فضلا عن ان صحافتنا العراقية لاتزال متعبة وغير قادرة على أن تنتزع السبق من الاعلام الالكتروني، بل انها غير مقروءة وغير متابعة كما في عصر ما قبل ظهور الاعلام الالكتروني، فما تريد الجريدة نشره غدا يكون الاعلام الالكتروني نشره واصبح بعد ساعة خبرا قديما".