إيلاف من القاهرة: تتواصل تداعيات أزمة تعرية سيدة قبطية مسنة في مصر، وأثارت الواقعة الكثير من ردود الفعل الغاضبة على المستويين الرسمي والشعبي. ومنعت الكنيسة الضحية سعاد ثابت من الحديث مع الإعلام. ورفضت الكنيسة رسمياً ورفض الأقباط كذلك التصالح في القضية، واعتبروا أن تكرار المشاحنات الطائفية، تأتي نتيجة لتغييب القانون، واتباع الجلسات العرفية.
&
استمرت حالة الغضب في مصر، بسبب واقعة تعرية سيدة قبطية مسنة،&إثر شائعات عن وجود علاقة عاطفية بين ابنها ومسلمة، ومنعت الكنيسة المرأة الضحية من الحديث إلى الإعلام، واقتصر ما تصرح به على البيانات الصادرة عن الكنيسة فقط، واستقبل أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، الأنبا مكاريوس، السيدة سعاد ثابت، وقالت "إن الغوغاء أخرجوها من منزلها ثم جردوها من ملابسها، وسحبوها على الأرض في الشارع، وتعدوا عليها بالضرب الوحشي، ثم طرحوها أرضًا، فزحفت حتى اختبأت تحت عربة صغيرة، وألقت سيدة فاضلة ثيابا فوقها، فارتدتها بسرعة وتحاملت على نفسها، وهربت واستقلت وسيلة مواصلات إلى المدينة".
&
وأضافت السيدة في بيان صادر عن أسقفية المنيا، أنها "حاولت التكتم على ما حدث شأنها في ذلك شأن اللائي يتعرضن للاغتصاب أو التحرش، غير أنها لم تحتمل أن تغالب الشعور بالقهر والذل أكثر من 3 أيام، لتنتفض في شجاعة، وتذهب إلى المركز وتدلي بأقوالها في محضر، بعد امتناع المسؤولين هناك عن تلبية طلبها لساعات، وكانت آثار الضرب المبرح لا تزال ظاهرة على جسدها". على حد وصف البيان الكنسي.
&
وأشارت السيدة إلى أنها لم تر السيدة التي سترتها، كما أنها لا تعرف كيف نجت من الموت، كما نفت أن تكون تعرضت للاغتصاب، وأضافت أنها لم تخطئ في شيء، ولذلك تحلت بالشجاعة وسجلت كل ما تعرضت له.
&
وأفادت بأنها وزوجها ذهبا للمركز المذكور في الرابعة عصرا، لعمل محضر بعد اكتشاف سرقة منزلهما، غير أن المسؤول هناك هددهما وطردهما، وبعد ذلك بـ4 ساعات حدثت الكارثة.
&
وبثت الكنيسة مقطع فيديو للسيدة الضحية، قالت فيه إنه تتوجه بالشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، والبابا تواضروس، والأنبا مكاريوس، وأضافت: "أنا لم أطلب اجراء حوار، ولا أريد من أحد أية مساعدة"، مشيرة إلى أنها لا تقيم حالياً في قرية الكرم في محافظة المنيا. وقالت إنها سامحت من أخطأ في حقها، وتطلب من الله أن يسامحهم.
كما بثت مقطع فيديو آخر يظهر تلقي سعاد ثابت اتصالاً من البابا تواضروس.
&
ورغم أن محافظ المنيا استصغر الواقعة وقلل منها في البداية، وقال إنه سيتم حلها بالطرق الودية، إلا أنه مع تصاعد الضغوط والغضب الشعبي، عدل عن تصريحاته، وتوعد بتنفيذ القانون على المتهمين بواقعة تعرية السيدة، وصرف لها خمسة آلاف جنيه، وقال دانيال زوج سعاد إن "المحافظ سلمه مبلغ 5 آلاف جنيه إعانة عاجلة من المحافظة لشراء متعلقات شخصية من ملابس وخلاف ذلك عقب الحريق الذي طال منزله".
&
وأعلنت الكنيسة والأقباط رفضهم اللجوء إلى الحلول الودية في القضية، وقال الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، إنه يرفض اللجوء للجلسات العرفية لحل الأزمة. وأضاف لـ"إيلاف" يجب أن يتم تنفيذ القانون، مشيراً إلى أن الحلول الودية ساهمت في ضياع حقوق الأقباط في الكثير من الوقائع السابقة.
&
واتهم الأمن بالتقصير في القبض على الجناة المتهمين بحرق منازل الأقباط وتعرية السيدة سعاد ثابت، وأعرب عن خشية من أن يضطر الأمن إلى إلقاء القبض عشوائياً على مجموعة من الشباب، بسبب الضغوط الشعبية، ويتم تبرئتهم من القضية من قبل القضاء لاحقاً، وبذلك يتم إهدار حقوق السيدة التي تعرضت للتعرية واهدار حقوق الأقباط الذين أحرقت محالهم ومنازلهم. على حد تعبيره.
&
وقال القمص رويس مرقص، وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية: "نعلن رفضنا الكامل لأي محاولة عرفية أو ودية للتغطية على ما حدث، ونؤكد أن مصر لن تنهض إلا بتطبيق القانون على كل مخطئ دون تفرقة ودون حسابات مرتعشة تخاف من المجرم تحت أي حجة".
&
وأضاف أن "تكرار الحوادث الطائفية في المحافظة &نفسها&وفي فترة زمنية قريبة هو مؤشر في منتهى الخطورة، فالضمير الإنساني لم ولن ينسى أن هناك من حرقوا مبنى يصلي به الأقباط في المنيا منذ أيام قليلة واضطر الأقباط للصلاة في العراء في منظر يرفضه أي مصري يحب بلده".
&
وأوضح أن "قبل ذلك الحادث جرت عدة حوادث اجرامية طائفية أخرى، ونحن نخشى تكرار هذه الأمور طالما لا يوجد قانون يطبق"، على حد قوله.
&
ووفقاً للناشط والصحافي القبطي عماد نصيف، فإن الحادث نتج من سياسة تغييب القانون، قال لـ"إيلاف" إن "هذا الحادث طبيعي جدا، فهو نتاج للسياسة التي ينتهجها أي نظام مصري حاكم، لا يريد أن يعمل القانون".
&
وأضاف أن "كل رئيس يأتي على رأس السلطة يخطب ود الأقباط في بداية عهده، وبعد أن يعطوه "شيك على بياض" يلقي بهم إلى القبضة الأمنية، والتي أثبت تاريخ مصر منذ ثورة يوليو 1952، على أنه جهاز "عفن" ومفرخة للتعصب والتطرف". على حد قوله.
&
وذكر أن النظام الحالي "لا ينفذ القانون، بل انه يطبق مبدأ التوازنات المجتمعية، فالمتابع للأحداث يستطيع أن يرصد ذلك، فكلما تعرضت جماعات الإسلام السياسي للاعتقال أو ما شابه ذلك، يكون هناك حدث طائفي أو إثارة قضية من شأنها إحداث التوازن، حتى يرضى المجتمع".
&
وتابع: "المتابع الجيد للأحداث، يرى كيف أن القانون والدستور مجرد أوراق أنفقنا عليها مليارات الجنيهات، ونخصص لها ميزانيات وجلسات برلمانية ومناقشات، لكن في الواقع يتم عقد جلسات صلح غالبًا ما تكون تحت تهديد ووعيد، وإلقاء القبض على بعض الشخصيات من الطرفين الجاني والمجني عليه، وتحت التهديد والوعيد يتم عقد جلسات "القهر" العرفية". على حد تعبيره.
&
واتهم نصيف الأمن بالتقاعس في حماية السيدة الضحية، وقال: "التعامل الأمني في الصعيد&خاصة فظ ، ويعمل تحت مبدأ "أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، مشيراً إلى أن "في حادثة قرية الكرم الأخيرة كان يمكن منع تفاقم الأحداث لو استجاب مسؤولو الأمن في مركز الشرطة للسيدة سعاد ثابت وحمايتها من تهديد متطرفي القرية، ولكن لم يصغوا لها فحدث ما حدث".
&
وقال نصيف إن "هذه الحادثة لن تكون الأخيرة طالما هناك رموز طائفية وعنصرية تعتلي أعلى المناصب في مصر، فلا أتعجب من محافظ المنيا الذي احتفى بـ"بيضة " تحت زعم أن عليها لفظ الجلالة "الله"، أن يقول إن تعرية سيدة واحراق منازل ومحلات الأقباط أمر بسيط سيتم حله ودياً، ويتهم الإعلام باشعال الموقف".
&
وطالب نصيف الكنيسة وقياداتها بالتنحي عن القضية، "لأن هذا شأن يحتاج إلى إعمال القانون وليس إلى "تقبيل اللحى".
&
وأضاف: "وإلى هذه اللحظة نجح الأنبا مكاريوس فى إدارة الأزمة بشجاعة، ولكن أخشى أن يتعرض لضغوط كما هو الحال دائماً، كما أنني لا أتوسم في البابا تواضرس الثاني خيرًا في إدارة هذه الأزمة، لأنه كما قلت مسبقا (وقع على شيك على بياض للسيسي)، وهو ما يعني مزيدا من الطائفية والعنصرية، لأن الحل بسيط &ويتمثل في جلسة صلح قهرية، وبعض الصور واللقاءات التلفزيونية، والتأكيد أن مصر تتعرض لمؤامرة خارجية!".
&
وكان البابا تواضروس الثاني أصدر بياناً، دعا فيه إلى ما سماه "غلق الطريق على من يحاولون المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة الطائفية"، مطالباً "الجميع بالتحلي بضبط النفس والعيش المشترك".
&
وأوضح أنه يتابع تطورات الوضع مع المسؤولين في الدولة الذين أكدوا أن صيانة شرف الأم المصرية من واجباتهم جميعًا، مؤكدًا أنه يتابع أيضا أوضاع المتضررين من الأحداث.