إيلاف من الإحساء: إنها الأحساء المدينة السعودية القاطبة في المنطقة الشرقية من المملكة وقلبها النابض بالحياة، ولعل أجمل ما فيها مزيجها السعودي الخليجي إذ تشكل منطقة الحدود الشرقية مع دولتي قطر والامارات وسلطنة عمان. يقول بعض المؤرخين إن الكنعانيين سكنوا سواحل الأحساء، ثم هاجروا إلى فلسطين ليسكن بعدهم قوم الجرهميون، ثم العرب البائدة، وجديس، ثم بنو عبد القيس، وغيرها من القبائل العربية.

واختلف المؤرخون في أصل معنى كلمة (الحسا) كما تنطق محليًا. قيل: "أصل كلمة الاحساء من (الحسا) وهي جمع حسي، والحسي موضع فيه رمل وتحته أرض صلبة، فإذا أمطرت السماء لا تمتص الأرض الصلبة الماء ويسهل الحصول عليها، أما الرأي الثاني فيقول أن الاسم مشتق من كلمة (الحساء) بمعنى الينبوع نظرًا لكثرة العيون والينابيع في المنطقة، لذا أطلق عليه جمع الكلمة (الأحساء)، إلا أن الثابت أنها أكبر الواحات السعودية.&

عجائب الدنيا السبع

تحمل الحسا وجهًا سياحيًا بامتياز لكل من يهوى الطبيعة المتناقضة، فإن كنت تبحث عن التاريخ فهي تزخر بالعديد من المتاحف، والمواقع التاريخية والأثرية القديمة، وإن كنت تعشق الطبيعة فانت بلا شك تنشد ودها لأنها تعد أرض الظلال والعيون والخضرة، ولمن يهوى المغامرات والأسرار فعليك بجبل القارة ذي الكهوف العملاقة والتسلق الآمن بين أخاديد الجبل العجيب. وإذا أردت التعرف على الفلكلور الخاص بالمنطقة فيمكنك التوجه إلى متحف الأحساء للآثار والتراث الشعبي أو زيارة أسواق المدينة كسوق السويج والذهب، وسوق القيصرية التاريخي.

في الحقيقة، ما اكتفت الحسا بكل المقومات سالفة الذكر لتهبها الطبيعة ما يقارب ثلاثة ملايين نخلة، وتعد أكبر واحة نخيل في العالم، ما جعلها تنافس بقوة بين مواقع عالمية للفوز بمسابقة عجائب الدنيا السبع. تقام على ضفاف هذه الواحة أعمال زراعية مكثفة لوفرة المياه وعيون الماء العذبة، امتازت بكثرة الحسي أي عيون الماء, ففيها من العيون الطبيعية ما وصل بشهرته إلى العالمية، مثل عين الجوهرية، وأم سبعة، والخدود، والحارة، إضافة إلى المياه الكبريتية وجوها الجميل.&

الخلاص كهرمان الحسا

لمن يعشق التمور ويشد الرحال لشرائها، فإن تمر "الخلاص"، الأشهر بين التمور السعودية يعتبره أهل المنطقة الشرقية "كهرمان" الحسا من شدة جمال لونه الذي يشبه لون الكهرمان.

وقد تميز تمر الخلاص بحلاوته وقدرته على الصمود في زمن عز فيه التخزين، وهو تميز دفع القائمين على أمره إلى العناية به والمحافظة على هذا الإرث بنظرة إستراتيجية تحوله إلى منتج اقتصادي واستثماري.

وكما ذكر أهل السلف قديمًا، كان يشد الرحال إلى المنطقة الشرقية في أيام يشتد فيها الحر ويسميها أهل النخيل "طباخة التمر" لشراء تمر الخلاص. ومن مميزات تمر الخلاص الحساوي، احتوائه على نوعين من السكريات: الغلوكوز والفركتوز، ما يجعله معتدل الحلاوة هنيئًا مريئًا في أكله، خلافًا لغيره الذي يحتوي على السكروز كنوع ثالث يعطيه الحلاوة الشديدة. وتضم الأحساء أكثر من ثلاثة ملايين نخلة تنتج أكثر من 120 ألف طن سنويًا من 48 صنفًا أشهرها الخلاص والرزيزي والشيشي.

جبل قارة الأكثر جذباً

من أبرز المعالم السياحية الطبيعية وموطن الفخار، وأحد أهم المعالم في الأحساء، يمكن الزائر الصعود إلى الجبل الذي يسهل الصعود إليها والنظر إلى جزء كبير من واحة الأحساء ونخيلها الباسقات جعلته مهوى للزائرين, يتميز بكهوفه الباردة صيفًا الدافئة شتاء، وشقوقه الصخرية الرائعة التكوين. فهو أشبه بالمنتجع الطبيعي الذي تحيطه النخيل من جميع الجوانب، في منظر أخاذ يحكي جمال وروعة المكان.

مواقع أثرية

لمن يهوى التبحر في قديم المنطقة وآثارها وأهم تراثها، ما عليه سوى أن يقصد قصر إبراهيم. تميّز بطريقة بنائه العسكرية، والطراز المعماري العثماني. تم فتح أبوابه ليتمتع السائحين بجمال جنبات القصر والتعرف على معالمه, فيما يضم أيضا متحف الاحساء للآثار والتراث الشعبي إضافة إلى أن الزائر يتعرف على حركة القارات والأزمنة الجيولوجية وعمر الأرض، ومقارنة آثار المنطقة بآثار المملكة بشكل عام, ويبرز المتحف أهمية المنطقة الزراعية والتجارية منذ العصور القديمة حتى يومنا هذا, كما يضم الحرف والمنسوجات اليدوية، وينظم بعض العروض الخاصة بفلكلور الأحساء. إضافة إلى عدد من الأماكن السياحية الأخرى، مثل بيت الملا (البيعة)، والمدرسة الأميرية الأولى، ومنتزه الاحساء الوطني.

عين الجوهرية: التي تجود بعذب مائها للعابرين، وتعتبر من عيون الماء المشهورة عالميًا، تتخذ شكل الحوض البيضاوي الكبير الذي تصب فيه فوهتان جانبيتان ترحيبًا بالسابحين فلا تفتك السباحة بها مع أخذ احتياطات السلامة وتعتبر من أبرد عيون الأحساء صيفًا.

مسجد جواثا: ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ حين اسلم بنو عبد قيس هموا ببناء هذا المسجد الذي لا تزال آثاره باقية وهو معد لاستقبال الزوار.

أسواق بألوان شعبية

سوق القيصرية من أقدم الأسواق المعروفة شرق الجزيرة العربية، ومن أكبر الدلالات على المكانة التجارية المرموقة للأحساء بوصفها حلقة وصل بين ساحل الخليج والمدن الداخلية من خلال منفذ ميناء العقير. يحتوي على 300 محل تجاري تشكل في مجملها مجمعًا تجاريًا ضخمًا تعرض فيه أصناف البضائع المختلفة تحت سقف واحد.

ولمن يبحث عن المشغولات اليدوية بأياد نسائية مئة في المئة فلا بد أن يتوجه إلى سوق النساء الشعبي الذي اخذ اسمه دلالة على أن معظم الباعة فيه من النساء، ويقصده السائحون للحصول على اليقط والسدر والحنة الحساوي والخوص والألعاب الشعبية للأطفال، وهذه المنتوجات لا توجد إلا في سوق النساء.

ولأن للذهب مكانته في محافظة الأحساء، خصص له سوق السويج وسوق الذهب وهما من أعرق الأسواق المحلية، وهو شارع تتناثر المحلات التجارية على جانبيه، وتتنوع بضاعته بين الحديث والتراثي، وسوق الذهب فيه يتميز بمصوغات ذهبية فريدة. فيما تبقى أسواق القرية الشعبية أكبر سوق تجاري في محافظة الاحساء يحتوي على 1500 وحدة تجارية متعددة الانشطة الحديثة والقديمة، والمنسوجات، والمصوغات اليدوية. ويضم سلسله من المطاعم التراثية.