عمر الخمسين يعني كثيرًا لكلّ إنسان، وقد يخشاه بعضهم لأنه ينذر بمرحلة جديدة مختلفة، وبعضهم قد يعتبره خبرة إضافية تعد بمزيد من التشويق والتحديات. هكذا أراد ميكي شبلي أن يفتتح عامه الخمسين، في حلم وتحدٍّ إنساني رياضي وعائلي في آن واحد.&

إيلاف من باريس: السفر من باريس إلى بيروت على الدراجة الهوائية دعمًا لقضيّة إنسانية سامية، خطوة بدأها ميكي قبل أيام باندفاع وفرح. من أمام قوس النصر في العاصمة الفرنسية انطلق على درّاجته السوداء وعلم لبنان يزيّن كتفيه. حضر الانطلاق سفير لبنان في فرنسا غدي خوري وعدد من الأصدقاء والداعمين. يرافق ميكي "فان" أحمر ومساعدان يهتمّان بالأمور اللوجستية خلال مشوار الـ4000 كلم.&

مشوار ميكي الطويل يبدأ من فرنسا ويكمل إلى إيطاليا واليونان ثم تركيا فلبنان. سوف يضطرّ إلى الاستعانة بقارب بين إيطاليا واليونان ومن أقرب نقطة تركية إلى مدينة طرابلس في لبنان. شهر كامل يمضيه على دراجته، أيّام تمرّ لا تخلو من التعب أو الملل أحيانًا.

يتحدّث ميكي شبلي إلى "إيلاف" من إحدى قرى جنوب فرنسا والاندفاع ينعكس على صوته: "بعد سنتين من التفكير ها إني أقوم بهذه الخطوة من أجل رسالة لطالما آمنت بها، أريد أن أكون مثالًا لأولادي وأبناء جيلهم ليعرفوا بالمأساة التي يعيشها كثيرون في بلدهم وفي العالم".

صمتٌ ومحبة

يأخذ ميكي على عاتقه كل تكاليف السفر من دون استثناء، ويسعى إلى جمع مبلغ 300 ألف دولار أميركي لثلاث جمعيّات لبنانية اختارها. أمّنت بعض الشركات الداعمة ثلث المبلغ تقريبًا ويثق ميكي بسخاء ومحبّة المتبرّعين لتأمين باقي المبلغ، رغم أن موضوع التبرّع عبر الإنترنت لم يتبلوَر بعد في العالم العربي. وقد استعان بموقع "زومال" www.zoomaal.com/p/cyclistoflife للوصول إلى هدفه.

في اختيار الجمعيّات تأنٍّ كبير، يقول ميكي لـ"إيلاف": "أردت أن أساعد جمعيات صغيرة تعمل بصمت ومحبّة ولا تحصل على تمويل كبير على مدار السنة، وقد زرت كل مؤسسة وعاينت عملها".&

قرّر ميكي أن يدعم جمعيّة "أم النور" التي تعنى بمعالجة مدمني المخدرات، الذين يعتبرهم مرضى بحاجة إلى علاج،&ملاحظاً أن نظرة المجتمعات إلى المدمنين لا تزال سلبية: "اخترت جمعية أم النور لأنني أعرفها من كثب وزوجتي تساعدها، وأردت أن أكسر هاجس مساعدة المدمنين، فهم يحتاجون إلى الدعم".

مؤسّسة أخرى هي Petit Soleil (شمس صغيرة) أطلقتها طبيبة الأطفال نهى باز، والفكرة وراء تأسيسها تأمين الطبابة المجانية للأطفال الأكثر حاجة. يخبرنا ميكي: "الدكتورة باز تفتح عيادتها يومين في الأسبوع مجانًا للأطفال وتدفع أحيانًا من جيبها لإتمام بعض العمليات الطارئة، وكثيرًا ما تساعد أطفالًا متروكين على جوانب الطرق، ولم أقدر إلا أن أتأثر بالحالات التي أخبرتني عنها".

أهداف انسانية

أمّا الجمعية الأخيرة فهي My school pulse، التي ترأسها أمّ فقدت ولدها المصاب بمرض السرطان. يشرح ميكي عن الجمعية: "همّ الولد حين يحتاج إلى علاج طويل يتركز على إتمام دراسته، وهذه الجمعية تؤمّن أساتذة إلى المستشفيات لكي لا يشعر الولد أنه تأخر في تعليمه بسبب المرض".&

ثلاثة أهداف إنسانية يضعها ميكي أمام عينيه، وهو يسير على دراجته في طرق طويلة طويلة. يفكّر بأطفاله وبزوجته التي تتحمّل غيابه وتدعمه باستمرار. "إيماني كبير بهذه المبادرات التي لولاها لكان الوضع في لبنان تضاعف سوءًا"، يقول ميكي. يعطي موعدًا للجميع في الثاني من يوليو في بيروت: "سأذهب من طرابلس إلى وسط بيروت مع راكبي أكثر من مئة دراجة هوائية وعشرات الدراجات النارية، وسط الأحباء سنحتفل بـ4000 كيلومتر اجتزناها من أجل عالم أفضل. سنحتفل مع كل مدمن ومريض ومستفيد من عمل هذه الجمعيات، ومع كلّ متبرّع آمن بالرسالة".&

في عيده الخمسين، سيطفئ ميكي شمعة نجاح يتمناه ويضيء شموعًا أخرى في قلوب لم يغلبها المرض &فظلت تنبض بالأمل.&
&