نيويورك: ذهب المرشح الجمهوري دونالد ترامب أستاذ نظرية المؤامرة في السياسة الأميركية إلى أنّ مستشار بيل كلينتون السابق فينس فوستر الذي انتحر عام 1993 بعد إصابته بالكآبة، قُتل في الحقيقة لحماية آل كلينتون. وبحسب مصادر ترامب التي تنتمي إلى اليمين الأميركي الشغوف بنظرية المؤامرة فإن تصفية فوستر واحدة من عدة اغتيالات للثنائي كلينتون ضلع فيها.&

ولكن رواية تتسم بقدر أكبر من المسؤولية عن فضيحة أخرى تلاحق هيلاري كلينتون ظهرت هذه الأيام مصدرها المفتش العام لوزارة الخارجية المكلف بالتحقيق في استخدام كلينتون حسابها الخاص على البريد الالكتروني في مراسلات رسمية حين كانت وزيرة الخارجية.&

ويعتبر تقرير المفتش العام الذي يقع في 83 صفحة من أشمل التقارير التي أصدرتها الحكومة الأميركية عن عادات التعامل مع الوثائق الرسمية في الجهاز الاداري الأميركي.&

وخلص التقرير إلى "أن مواطن ضعف بنيوية قديمة في السجلات والاتصالات الالكترونية كانت موجودة في وزارة الخارجية تتعدى ولاية أي وزير تولى حقيبة الخارجية. وان مكتب المفتش العام يدرك ان التكنولوجيا وسياسة وزارة الخارجية شهدا تطورا كبيرا منذ بدأت ولاية [مادلين] اولبرايت في عام 1997. ومع ذلك كانت الوزارة عموما ومكتب الوزير بصفة خاصة بطيئين في ادراك المتطلبات القانونية والمخاطر الأمنية الالكترونية المرتبطة بالاتصالات المعلوماتية الالكترونية، والتعاطي معها بفاعلية، ولا سيما ان هذه المخاطر تتعلق بأعلى مسؤول في الوزارة.&

ويتوقع مكتب المفتش العام ان تعمل توصياته على تقريب وزارة الخارجية من معالجة هذه المخاطر معالجة ذات معنى".&

مثل من سبقوها

وهكذا تكون كلينتون، مثلها مثل مَنْ سبقوها، لا سيما كولن باول، تجاهلت الضوابط الوزارية بشأن استخدام البريد الالكتروني الخاص ولم تتخذ جانب الحيطة بشأن الأمن الالكتروني لمراسلاتها.&

ويأتي تقرير المفتش العام على قائمة فضائح الثنائي كلينتون في مرتبة تحت ادارة الفريق الخاص الذي قادته هيلاري كلينتون بصورة سرية لتسويق خطة الرئيس بيل كلينتون في مجال التأمين الصحي في منتصف التسعينات، وفوق تحقيق أرباح مشبوهة من سوق الماشية حين كانت سيدة ولاية اركنسو الأولى، بحسب مجلة نيويوركر.&
&
وكما في غالبية الفضائح السياسية فان المشكلة الحقيقية ليست ما فعلته هيلاري كلينتون حين كانت وزيرة الخارجية بل ردها على الاتهامات الأولى. إذ ادَّعت كلينتون مرارا وتكرارا ان استخدام بريدها الالكتروني الخاص كان ممارسة طبيعية وبموافقة المسؤولين ذوي العلاقة في وزارة الخارجية. ولكن المفتش العام للوزارة يقول خلاف ذلك.&

فضيحة كلينتونية

وتكمن جذور هذه الفضيحة الكلينتونية، مثل العديد من فضائحهما الأخرى، في نزعة هيلاري كلينتون إلى حماية عملها الرسمي من الرقابة العامة. ولكن الثنائي كلينتون ليسا وحدهما في هذا الشأن. فان القوانين العامة مثل قانون حرية المعلومات وتحقيقات الكونغرس والجيل الجديد من مسربي الوثائق مثل ادوارد سنودن، كل هذا كشف ان المسؤولين الآخرين يفعلون ما فعلته كلينتون.&

وكانت كلينتون كتبت إلى مستشار من كبار مستشاريها اوصى بأن تبدأ باستخدام حساب وزارة الخارجية على البريد الالكتروني قائلة "أنا لا أُريد المخاطرة بكشف ما هو شخصي".&

وحقيقة ان كلينتون لم تتعاون تعاونا كاملا مع تحقيق المفتش العام، رافضة ان يقابلها مثلا، لا توحي بالثقة في ان تكون إدارتها إذا فازت بالرئاسة نموذجاً للشفافية ولكن ليس هناك ما يؤكد ان السياسيين الأشد انزعاجاً من القضية يريدون حقا استخدام الواقعة عبرة لتعزيز التزام الحكومة الفيدرالية الضعيف بقوانين الشفافية والمكاشفة والانفتاح حين يتعلق الأمر بالملفات الرسمية.&

وبذلك تكون هذه الفضيحة مثل الفضائح الأخرى التي لاحقت الثنائي كلينتون: في حين أنها حبة وليست قبة فانها تدور حول قضية خطيرة هي التزام كلينتون بالشفافية. وكان تعاملها في البداية أقل من صريح وكان الخصوم الذين ضخموا مخالفتها يريدون النيل منها أكثر من الرغبة في اصلاح المشكلة الأساسية التي تشمل الادارة الحكومية برمتها وكشفت عنها فضيحة المراسلات الالكترونية.

وأخيرا فان الخطر الحقيقي على كلينتون ليس نظام البريد الالكتروني نفسه بل ما إذا كانت وزيرة الخارجية السابقة أو مساعدوها انتهكوا القوانين الخاصة بحماية المعلومات المصنفة. وتتعدى هذه التحريات دائرة اختصاص المفتش العام ويتولاها الآن مكتب التحقيقات الفيدرالي. وسنعرف عما قريب إن كانت هذه الفضيحة فضيحة حقيقية أم كاذبة.&

أعدت إيلاف المادة عن مجلة نيويوركر على الرابط أدناه:

http://www.newyorker.com/news/daily-comment/a-very-clinton-e-mail-scandal