جلس في شقته في اسطنبول بعد ظهر يوم ابريلي غارقا في تفكيره، يستذكر ماضي عائلته ويرسم مستقبل لم الشمل، لطالما كان يخطط صائغ المجوهرات عبود شلهوب على مدى عامين ونصف لبناء حياته العائلية عبر نقل زوجته كريستين وولديه الإثنين من دمشق الى تركيا، تعلم شلهوب اللغة التركية وشغل العديد من الوظائف، ثم قرر اللجوء الى أوروبا ثم اخذ زوجته وولديه الى هناك.

حزم أمتعته وتوجه برفقة اخيه&الصغير عامر إلى اليونان على متن زورق صغير مع اللاجئين الذين فروا عبر بحر ايجه تحت جنح الظلام. ووصل أثينا، يتحدث الى مخرج الأفلام ماثيو كاسل "لقد وصلنا إلى بلاد الحرية الحقيقية، مهد الديمقراظية”.

الهدف هو اللجوء الى أوروبا

حسم شلهوب خياراته،”اليونان هي مجرد محطة عابرة”، كما يقول. هدفه هو الوصول إلى هولندا وطلب اللجوء وجمع شمل الأسرة. ولكن، الوصول إلى هناك أمر في غاية الصعوبة ، يجب عليه إما شراء جواز سفر وهمي ومحاولة الصعود على متن الطائرة، وبالتالي يوجد احتمال القاء القبض عليه من قبل امن المطار، أو أن يذهب سيرا على الأقدام مسافة ستة عشر مائة ميل. فما هو القرار الذي سيتخذه شلهوب لإتمام هدفه بنجاح بعيدا عن أعين الشرطة؟

خرج شلهوب وشقيقه عامر من أثينا عبر الحدود المقدونية وترافقهما شابة سورية تدعى فدوى مع ابنتيها، وإن جمعهما هدف اللجوء الى اوروبا الا ان فدوى تسعى لبناء حياتها في السويد تحديدا، في حين ان عامر وعبود يخططان للوصول الى هولندا، وعندما وصلوا منطقة البلقان وجدوا من الأفضل لهم السفر ضمن مجموعة، فاجتمع حوالى مئة من السوريين والعراقيين واليمنيين والأفغان واتفقا على السير معا في رحلة المخاطر.

تركت اهلها ولحقت بزوجها

اجتاز عبود وشقيقه عامر خطوط السكك الحديدية وحقول المزارعين في الاتحاد الاوروبي، ودّعا فدوى وابنتيها اللواتي توجهن الى السويد، لقد كان وداعا مؤثرا حيث رعى الأخوان اطفال فدوى بكثير من الحب والحنان طيلة فترة الرحلة، لكن الوقت قد حان للتوجه الى امستردام والاستعداد لبناء حياة خاصة بهم.

من جهتها تعلمت زوجة عبود في دمشق كيفية المطالبة باللجوء وما هي الأوراق المطلوبة، وداع كريستين أهلها لم يكن خاليا من اللحظات المؤثرة، فلقد أقاموا لها قبل مغادرتها حفل عشاء عائليا لوداعها، يقول والد عبود:” سوف نبقى في سوريا على امل أن يتم لم شمل العائلة مرة أخرى”، وفي صباح اليوم التالي بكثير من الدموع ودّعت كريستين& والطفلان أهلها وحضنت والدتها بقوة تحسبا لأن تكون المرة الأخيرة التي تحضنها، التي قالت لها:” اتمنى لك حياة سعيدة”.

وأخيرا…كان اللقاء

أصدرت الحكومة الهولندية وثائق سفر موقتة لكريستين وجوزيف ونتاليا، وتم تسليمهم الوثائق في السفارة في بيروت، وسوف يسافرون من لبنان الى تركيا ومن ثم الى امستردام، وفي غضون ٣ ايام سوف يتحقق الحلم ويلتقيان من جديد، لقد كانت فرحتهما واضحة، الأطفال يصرخون ويتهافتون لمكالمة والدهم عبر السكايب اما الزوجة فذهبت قبل الرحلة الى أحد مراكز التجميل لتحضير نفسها للقاء الزوج، يقول عبود:” لا اعرف كيف سيكون اللقاء المنتظر، بعد عامين ونصف سوف اعود الى عائلتي، أما كريستين فتعبر عن مخاوفها من المجهول: “ انا ذاهبة لحياة جديدة لا اعرف شيئا عنها حتى إني لا اعرف عبود كيف اصبح بعد هذه المرحلة الصعبة”.

ودقت ساعة الصفر، لقد كان لقاءً مؤثرا عجزا فيه عن الكلام فكانت الدموع هي اللغة الوحيدة بينهم، يحمل الورود وينتظرهم بشوق في صالة المطار، فحضنهم وخرج بهم وفي داخله مخططات لتعويضهم عن كل المأسي التي شهدوها خلال الحرب في سوريا.

أعدت إيلاف المادة عن نيويوركر&الرابط الاصل من هنا:

http://www.newyorker.com/news/news-desk/the-journey-from-syria-part-five?mbid=nl_150528_Daily&CNDID=31115831&spMailingID=8985270&spUserID=MTE4Nzk1NzM0MjU0S0&spJobID=922697301&spReportId=OTIyNjk3MzAxS0