بيروت: دخلت الاربعاء اول قافلة مساعدات بلا مواد غذائية الى مدينة داريا قرب دمشق والتي تحاصرها قوات النظام منذ العام 2012، تزامنا مع انتهاء مهلة حددتها الامم المتحدة لبدء القاء المساعدات جوا اذا تعذر دخولها برا.

ويأتي ادخال المساعدات الى داريا بعد ساعات على اعلان موسكو هدنة لمدة 48 ساعة في هذه المدينة لافساح المجال امام ايصال القوافل الانسانية اليها، في خطوة اعتبرتها المعارضة السورية "غير كافية".

واعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في تغريدة على موقع تويتر بعد ظهر الاربعاء "في أول عملية مساعدات انسانية لمدينة داريا في سوريا، دخلنا المدينة برفقة الامم المتحدة والهلال الاحمر السوري".

ولم يدخل اي نوع من المساعدات الى داريا منذ فرض الحصار عليها العام 2012 على رغم مناشدة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التي تمكنت من ايصال المساعدات في الفترة الاخيرة الى عدة مدن محاصرة، بعد موافقة الحكومة السورية تحت ضغط من المجتمع الدولي.

واوضح المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر بافل كشيشيك لوكالة فرانس برس ان القافلة لا تتضمن مواد غذائية، بل تقل ادوية وحليب اطفال.

وكتب المجلس المحلي لمدينة داريا على صفحته على فيسبوك "دون مساعدات غذائية، دخلت قبل قليل قافلة مساعدات طبية عن طريق الامم المتحدة إلى مدينة داريا هي الأولى منذ بدء الحصار على المدينة في نوفمبر ٢٠١٢" موضحا ان القافلة تحتوي على ادوية وبعض المعدات الطبية.

وفي 12 مايو استعد سكان داريا لاستقبال اول قافلة مساعدات تصل اليهم بعد حصول المنظمات الدولية على موافقة الاطراف المعنية، الا ان القافلة عادت ادراجها محملة بالادوية وحليب الاطفال من دون ان تفرغ حمولتها عند آخر نقطة تفتيش تابعة لقوات النظام.

وقال الناشط المحلي في داريا شادي مطر لوكالة فرانس برس "اكتظت الشوارع في المرة السابقة بالمدنيين بانتظار وصول قافلة المساعدات الا ان الوضع تغير هذه المرة".

واضاف "كانت الشوارع خالية من الناس اليوم لانهم يخافون من قصف النظام ويعرفون ان ما سيتم ادخاله هو فقط مساعدات طبية".

مساعدات "غير كافية"

وتشكل داريا معقلا يرتدي طابعا رمزيا كبيرا للمعارضة لانها خارجة عن سلطة النظام منذ اربع سنوات، كما ان لها اهمية استراتيجية بالنسبة للحكومة لسورية على اعتبار انها ملاصقة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية.

وخلال سنوات الحصار الطويلة، خسرت المدينة المدمرة بشكل شبه كامل تسعين بالمئة من سكانها البالغ عددهم 80 الف نسمة فيما يواجه من تبقى من السكان نقصا حادا في الموارد ويعانون من سوء التغذية.

وفي تعليق على ادخال المساعدات الى داريا، اعتبرت منظمة "سايف ذي شيلدرن" انه "لامر صاعق وغير مقبول اطلاقا منع الشاحنات من ادخال الطعام" مشددة على انه "ليس بإمكان اطفال سوريا الجائعين العيش من الكلمات الفارغة والوعود الجوفاء".

وتقول بيسان فقيه، المتحدثة باسم حملة "من أجل سوريا" لفرانس برس "لن يتنفس سكان داريا الصعداء الا حين يصلهم الغذاء" مؤكدة ان "داريا والمناطق المحاصرة في كافة انحاء سوريا بحاجة الى ايصال مساعدات انسانية بشكل دائم".

ولم تتمكن الامم المتحدة في الاونة الاخيرة من ايصال المساعدات سوى الى 160 الفا من اصل مليون شخص ارادت الوصول اليهم برا في شهر مايو، ما دفعها السبت على ضوء الوضع الانساني المتدهور في المناطق المحاصرة، الى اعلان عزمها القاء المساعدات جوا بدءا من الاول من حزيران/يونيو بعد رفض الحكومة السورية طلبات عدة للدخول الى مناطق محاصرة.

ومن اجل تسهيل ادخال المساعدات، اعلنت موسكو الراعية لاتفاق وقف الاعمال القتالية الى جانب واشنطن، الاربعاء عن "هدنة في داريا لمدة 48 ساعة اعتبارا من الاول من حزيران/يونيو، وذلك لضمان وصول المساعدات الانسانية الى السكان بامان".

وبرغم اتفاق الهدنة المعمول له في سوريا منذ 27 فبراير، تدور اشتباكات متقطعة في محيط مدينة داريا تصاعدت حدتها خلال الفترة الاخيرة.

وقالت عضو الوفد المفاوض الممثل للمعارضة السورية بسمة قضماني الاربعاء "من الواضح ان الروس مارسوا ضغطا والنظام ارسل قافلة واحدة لا تحمل مواد غذائية وهذا غير كاف بوضوح" مشددة على "اننا نحتاج لرؤية تغيير جذري ووضع حد لاستراتيجية التجويع".

ورات في مؤتمر صحافي عبر الهاتف شاركت فيه فرانس برس انه "ليس مصادفة ان يتزامن ادخال المساعدات مع مهلة الاول من حزيران/يونيو" معتبرة انه "من الواضح ان النظام يحاول تنفيس الضغط".

هجوم منبج

ميدانيا على جبهة اخرى، سيطرت قوات سوريا الديموقراطية على 20 قرية ومزرعة في ريف حلب الشمالي، في اطار معركة جديدة اطلقتها الثلاثاء ضد تنظيم داعش لطرده من مدينة منبج، احد ابرز معاقله في شمال سوريا، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء. 

واعلن التحالف الدولي الاربعاء انه شن 18 غارة جوية على مواقع لتنظيم داعش في منبج. ودمرت هذه الغارات خصوصا في الساعات ال24 الماضية "مركز قيادة (..) وابراج اتصالات (..) وستة جسور يستخدمها تنظيم داعش (..) وثمانية مواقع قتالية".

وهذا الهجوم هو الثاني الذي تشنه قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية، بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة اميركية ضد الجهاديين في غضون اسبوع، بعد هجوم سابق اطلقته في شمال محافظة الرقة، المعقل الابرز للجهاديين في سوريا.