دافعت اليمنية إلهام مانع عن اتهامها بالكفر لأنها ألقت خطبة الجمعة في مصلين من الجنسين في جامع سويسري، فكتبت أن كل ما فعلته كان صلاة للرحمن وخشوعًا له.

إيلاف من بيرن: تسكن النساء العربيات، مسلمات أو صاغرات، إلى قوامة رجالهن – الأب والأخ ثم الزوج فالابن – لأن الاسلام قال لهن إن الرجال قوامون على النساء، إلا إلهام مانع، الكاتبة الليبرالية والناشطة الحقوقية اليمنية، الأستاذة المشاركة في العلوم السياسية في معهد العلوم السياسية في&جامعة زيورخ السويسرية وعضو اللجنة الفدرالية السويسرية لحقوق المرأة، التي أبت إلا أن ترفع الرأس أمام جموع الرجال، وأن تسجل سابقةً لا سابق لها بإلقاء خطبة الجمعة في مصلين من الجنسين أمّوا جامعًا سويسريًا، تميزت بفاصل موسيقي بين الخطبتين، محدثة بذلك – في مسافة خطبة واحدة – أكبر عدد من الانتهاكات للأعراف الاسلامية، بعدما أمّت حليمة جوساي حسين المصلين، وذلك من مبادرة المسجد الشامل (مسجد للجميع) في بيت الأديان في&العاصمة السويسرية بيرن.

ونشرت الباحثة إلهام المانع على حسابها الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي صور صلاة الجمعة المختلطة التي أمّتها امرأة من مبادرة المسجد الشامل (مسجد للجميع) في بيت الأديان، بيرن قطاع الحوار، الطبقة الثانية. وقالت إن هذه الصلاة تم اداؤها كعمل جماعي مشترك، "لقد حان الوقت لتحدي افتراضاتنا عن موقع المرأة في بيت الرحمن وفي المجتمع".
&

تم أداء الصلاة كعمل جماعي مشترك، حيث قدمت ياسمين السنباطي مضمون الفكرة، وألقت الخطبة إلهام مانع، وأمّت صلاة الجمعة حليمة جوساي حسين مديرة مبادرة المسجد الشامل في بريطانيا، بينما أقامت دعاء الصلاة تمسيلا تقير، وكان الموسيقار الذي أدى مقطوعة موسيقية في الفاصل نهاد السيد، حيث عزف بعوده موسيقى روحانية.&

&
&
وصلة عود بين الخطبتين

غضب ورد

وأثارت هذه الصور جدلًا واسعًا، وحل عليها غضب الناشطين، وخصوصًا الاسلاميين منهم، فقال المغرد ابراهيم الموزعي على تويتر إن على إلهام مانع أن تثبت أنها مسلمة أولاً قبل أن تخطب في المسلمين، وتثبت أنها امرأة قبل أن تتحدث باسم النساء. وغرد آخر يتخذ اسم "الصلاة الصلاة" على تويتر فقال: "قد تكون الهام مانع من يهود اليمن المتخفين وتريد أن تخرّب الدين"، فيما اتهمها مغردون كثر بالردة، وبالكفر، ومنهم من طالب يإقامة الحد عليها.

وردّت مانع على الغضب الذي حل عليها على مواقع التواصل الاجتماعي بنص نشرته في بعض الصحف، تحت عنوان "صلينا للرحمن... هذا كل ما فعلناه"، الآتي نصه:

ما الذي فعلناه؟ أسألكن وأسألكم ووالله اني حائرة. كل هذا الغضب. كل هذه الشتائم. كل هذه التهديدات. وكل هذه الالفاظ الجارحة؟ ما الذي فعلناه؟ أسألكما؟ ووالله اني أسألكما وانا احبكما. احبكما حتى وأنتما تلعناني. لأني ادري أن ردة فعلكما تنبع&من&الخوف على ديننا. تعتقدان أننا نريد أن نؤذي ديننا. وهو ديننا، ديننا كما هو دينكما. ولذا اسألكما أن تستمعا إلي. دون خوف. دون تشكيك في نيتي. فالحب دافعي. الحب لكما والحب لديننا".

إلهام مانع تخطب الجمعة في مسجد سويسري

سجدنا للرحمن

أضافت مانع: "صلينا لله عز وجل. سجدنا للرحمن. وكنا خاشعات وخاشعين. وكنا مؤمنين ومؤمنات. هذا كل ما فعلناه. وإستمعنا إلى صوت موسيقى عود روحانية. عزفها موسيقار ليس جزءًا من المبادرة. هذا مهم أن تعرفوه كي لا يتعرض إلى أي اذى لمجرد وجوده في تلك القاعة.

موسيقى عود. موسيقى روحانية. فيها شجن، فيها توق إلى الرحمن. جعلتنا نحلق مع الرحمن في المحبة. محبته. هذا كل ما فعلناه. صلينا معًا. إنسان مع إنسان. أمام الرحمن. رب المساواة.&

رب المحبة. وامتنا إمراة. إنسان. إنسان لا عورة. وفعلنا ذلك في قاعة في بيت الأديان. فعلنا ذلك في قاعة في بيت الأديان للحوار بين الثقافات. &وإلى أن نبني مسجدنا سنصلي في تلك القاعة.&

وإمامة الصلاة كانت من نصيب سيدة كذلك

&

وفعلنا ذلك ضمن إطار مبادرة مسجد للجميع. &مبادرة بدأت تتسع وتنتشر لأن جوهرها إنساني.&

لأن كل ما نطالب به أن نصلي داخل المسجد مع الرجال أمام الرحمن. كل ما نطالب به ان تجد المرأة حيزها في المسجد في نفس المكان الذي يصلي فيه الرجل.&

كنا نفعل ذلك في السبعينات في إندونيسا وماليزيا ومالي وسويسرا. &كنا نصلي معا. لكن موجة&التطرف الديني التي هبت علينا من وسط نجد قضت على ممارساتنا الدينية ودور الموسيقى فيها. تطرف يقول لنا إن المرأة ليست إنسانًا. بل عورة. بضاعة متعة. يصح الزواج بها وهي في التاسعة. &تطرف يقول لنا إن الموسيقي، إرثنا الحضاري، العود، والروحانية التي فيه، هي رجس من عمل الشيطان. تطرف يقول لنا أن نكره. أن نقصي. أن لا نقبل بالتعددية في الإيمان. تطرف جعل من رؤية الفقهاء التي تعود إلى زمنٍ غير زماننا، جعلها أصنامًا نعبدها بدلا من الرحمن.&

رؤية الفقهاء تحولت إلى صنم. وأنا لا اعبد الاصنام. رؤية الفقهاء تحولت إلى صنم. وأنا اعبد الرحمن. اعبد الرحمن. أصلي له. وانا خاشعة. نحن لا نريد أن نقُصى. ونحترم كل الطرق المؤدية إلى الرحمن. ونحترم المساجد الموجودة في مجتمعاتنا. كل ما نطالب به، أن تقبلوا ان لنا أيضاً حق في المسجد الذي نسعى إلى بنائه. أن نكون ايضاً جزء من الحيز العام داخل المسجد. المسجد الذي لانرى فيه إمرأة هو مرآة لمجتمع يتحكم فيه الرجل. يُقصي فيه المرأة. ونحن نبحث عن مسجد يحترم إنسانيتنا. ولأن التغيير لايحدث من تلقاء نفسه، كان من الضروري أن نطالب به، كي نحيله واقعاً. ما الذي فعلناه حتى تخرجوننا من ملة الرحمن؟ &صلينا لله عز وجل. سجدنا للرحمن. وكنا خاشعات وخاشعين. وكنا مؤمنين ومؤمنات. &هذا كل ما فعلناه.

&

&

من هي؟

وإلهام مولودة لأب يمني دبلوماسي وام مصرية، أتت هذه الدنيا في المحلة الكبرى في عام 1966، وانتقلت بسبب ظروف عمل والدها بين مصر واليمن وألمانيا وإيران والمغرب والكويت.

درست العلوم السياسية في جامعة الكويت حتى البكالوريوس، ثم نالت الماجستير في السياسة المقارنة من الجامعة الأميركية في&واشنطن بمنحة "فولبرايت" الأميركية.

انتقلت إلى سويسرا حيث تابعت تحصيلها العالي، وحصلت على الدكتوراه في السياسات الدولية من جامعة زيورخ، ثم درجة ما بعد الدكتوراه من الجامعة نفسها. متزوجة من سويسري، ولها طفلة واحدة، وهي مقيمة اليوم في العاصمة السويسرية&بيرن.

عملت في المجال الصحفي بإذاعة سويسرا ثمانية أعوام، ثم انتقلت إلى موقع "سويس انفو" العربي التابع لهيئة التلفزيون والإذاعة السويسري، فكانت نائبة رئيس القسم العربي فيه. وفي عام 2005، عادت إلى جامعة زيوريخ أستاذة فيها.

إضافة إلى عملها الأكاديمي، تضع إلهام خبرتها في خدمة منظمات دولية وحقوقية، ومؤسسات حكومية سويسرية.

لها مؤلفات بحثية وحقوقية بالعربية والإنكليزية والألمانية، ولها أيضًا روايتا "خطايا" و "صدى الأنين" بالعربية صادرتان عن دار الساقي في بيروت. أصدرت آخر مؤلفاتها البحثية في لندن في عام 2011، بعنوان "الدولة العربية وحقوق المرأة: فخ الدولة المستبدة".
&