لن يبقى جواز السفر البريطاني كما هو بعد انسلاخ المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، بل ستطرأ عليه تعديلات جمة ستتجاوز الشكل إلى المضمون، فسيتطلب الأمر من البريطانيين الراغبين في السفر إلى أوروبا تأشيرات والعكس بالعكس، ويرجح أن تبقى الجوازات الحالية صالحة حتى تنتهي صلاحيتها.

إيلاف من لندن: لا يعتمد البريطانيون عملة اليورو ولا ينتمون إلى فضاء شنغن، لذلك يشكل مصطلح الاتحاد الأوروبي المكتوب على جوازات سفرهم التذكير الأوضح لهم بأنهم يعيشون في الاتحاد الأوروبي. وبالطبع سيتغير هذا الوضع بعد البركزيت.

سيعني قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي تغييرات كثيرة، لا في شكل الجوازات فحسب، وإنما في قوتها أيضاً، مع أن الجوازات البريطانية صادرة من الحكومة البريطانية.

على المدى القصير ليس واضحاً بعد ماذا سيحل بالجوازات على المدى القصير. من المفترض أن يتغير شكلها، إلا أن الهيئة الحكومية المخولة البحث في هذا الامر لم تعلق على ما اذا سيكون على البريطانيين شراء جوازات جديدة. وتقول صحيفة إندبندنت إنه من المحتمل أن تبقى كل الجوازات صالحة إلى أن يحين موعد تجديدها، وعندها تصدر جوزات بتصميم جديد.

قوة الجواز
يكتسب الجواز البريطاني قوته من التدابير المتفق عليها مع الاتحاد الأوروبي، أولاً من خلال حرية التنقل التي تعني أن الناس لا يحتاجون تأشيرة للتنقل.&ويحمل البعض جوازات سفر بريطانية، هي ليست أوروبية، وهؤلاء الأشخاص يعيشون في أماكن تجعلهم مواطنين بريطانيين، ولكن ليس جزءاً من الاتحاد الأوروبي.

ومن المحتمل أن يحتفظ الجميع بجوازاتهم القديمة سنتين على الأقل، في الوقت الذي يكون فيه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يعملان على إجراءات انفصالهما. لكن الأعمال قد تتأثر نتيجة خسارتها "جواز الاتحاد الأوروبي" الذي يتيح للشركات المسجلة في بلد ما من الاتحاد الأوروبي العمل في الدول الاخرى. وهذا على الأرجح ما سيسبب مشاكل أكبر بكثير من المشاكل التي&ستلحق بجواز السفر نفسه.

هذا وحدد جيريمي باروش في صحيفة لوموند الفرنسية سلسلة من التداعيات الآنية والمستقبلية لقرار البريطانيين بالتصويت لصالح البركزيت. وذكّر باروش بكلام رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون عن أن "عملية الإنسحاب ستبدأ فوراً". من جهة ثانية، على المملكة المتحدة الإعلان رسمياً عن نيتها، خلال دورة انعقاد للمجلس الأوروبي، في الخروج وتحديد& فترة تحضيرية من سنتين يمكن أن تقصّر (إحتمال ضئيل) أو أن تمدّد بشرط الحصول على إجماع الدول الأوروبية.


هذه التجربة ليست يتيمة فقد سبق لغرينلاند التي حصلت على حكم ذاتي سنة 1975 بعد أن كانت ملحقة بالدانمرك أن صوّتت لصالح الخروج من الجماعة الاقتصادية الأوروبية سنة 1982. الآن هي إقليمٌ ممّا وراء البحار في شراكة مع الاتحاد.

تأشيرة مرور
بحسب النماذج المتفاوض عليها بين المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تكون هنالك ضرورة لاستخدام تأشيرة المرور. لكن إذا استطاعت المملكة التوصل إلى التفاوض حول اتفاق يسمح لها بالبقاء في السوق الأوروبية المشتركة، فإنّه يحتمل جداً أن تكتسب حقّ حرية تنقل الأفراد. لكن يحتمل أيضاً أن تقوم الحكومة البريطانية بفرض قيود تتعلق بإجازة العمل. وبما أنّ المعاملة بالمثل قد تطبق على الأرجح، سيكون الأوروبيون والبريطانيون بحاجة لتأشيرة المرور للعمل في أوروبا والمملكة.

سيجد الطلاب البريطانيون الذين تزداد أعداد المهاجرين منهم لتحصيل الدراسة في أوروبا، أنفسهم الأكثر تأثراً لأنه سيصعب عليهم التنقّل من دون الخضوع لمشروع إيراسموس. ورغم ذلك، يمكن التوصّل إلى اتفاق كما هي الحال مع سويسرا والنرويج – لكنّ الأمر سيستغرق وقتاً. تمويل الأبحاث الذي يترافق مع إيراسموس سيتأثر هو أيضاً بشكل متساوِ.

ستبقى الإنكليزية لغة العمل الرسمية داخل الاتحاد الأوروبي، وسيظل ناطقاً بها حوالى 38% من الأوروبيين الذين لا تشكّل تلك اللغة بالنسبة إليهم لغتهم الأم، ما يجعلها اللغة الأكثر نطقاً بها، بحسب تقرير صادر من المفوضية الأوروبية سنة 2012.

انفصال اسكتلندا
في مناسبات سابقة، أكّدت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستيرجون إرادتها تنظيم استفتاء جديد في حال قرّر البريطانيون التصويت لصالح البركزيت. وقالت في إحدى المرّات: "سيكون غير ديموقراطيّ بشكل جوهري أن تجد اسكتلندا نفسها خارج الاتحاد الأوروبي، لو صوّتنا لصالح البقاء فيه خلال الاستفتاء".

المشاريع الداخلية المموّلة من الاتحاد
تستفيد المملكة المتحدة من مشاريع مموّلة أوروبياً بملياراتٍ من اليورو. وخروجها من الاتحاد هو مخاطرة وصول تلك الإستفادة إلى نهاياتها. ويؤكد باروش ضرورة إعادة التفاوض بشأن اتفاقات تبادل اقتصادية مع الإتحاد وبوجود إمكانية الاستناد إلى أمثلة سابقة عدّة:

أ-الخيار النروجي
النروج جزء من المنطقة الإقتصادية الأوروبية وتستفيد بالكامل من الوصول إلى السوق المشتركة. في المقابل عليها الالتزام بمعظم قوانين الإتحاد، من بينها حرية تنقل الأفراد والبضائع، وتساهم أيضاً في الموازنة الأوروبية. من جهة أخرى، لا تستفيد النرويج من حوالي 50 إتفاقية مختلفة تتعلّق بالتبادل الحرّ مع الإتحاد، لكنْ مع كونها عضواً في الجمعية الأوروبية للتبادل الحر، يمكن أن تفاوض حول اتفاقاتها التجارية الخاصة.

ب- الخيار السويسري
سويسرا كالنروج جزء من الجمعية الأوروبية للتبادل الحر، لكن خلافاً للثانية، استطاعت الأولى التفاوض بشأن اتفاقاتها الثنائية مع الاتحاد الأوروبي. تساهم سويسرا أيضاً في الموازنة الأوروبية وتخضع لشروط التنقل الحر للأفراد والبضائع. بعض صناعاتها، بما فيها تلك المصرفية، يخضع دخولها إلى الاتحاد لقيود عدّة. لكنّ سويسرا حرّة بالتفاوض حول اتفاقات ثنائية مع دول ثالثة.

ج- الخيار الكندي
الاتفاقية الاقتصادية والتجارية الشاملة تنص على رفع التعرفات الجمركية عن العديد من المنتجات، إستيراداً وتصديراً، بين كندا والإتحاد الأوروبي. استغرقت المفاوضات أكثر من سبع سنوات ولم يوقّع الاتفاق بعد. هذا الخيار لن يضع المملكة في موقف قوي: فقط 6% من البضائع تصدّر إلى المملكة، كما أنّ الاتفاقية لا تضمن إزالة التعرفة الجمركية عن الخدمات.

د- خيار منظمة التجارة العالمية
في فترة الانتظار، يشير باروش إلى أنّ على المملكة اللجوء إلى القواعد الأساسية لمنظمة التجارة العالمية، التي تتضمن حواجز جمركية. مهما يكن الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه، هنالك احتمالات مرتفعة في أن تستغل دول عدة في الإتحاد الفرصة لإضعاف أحد المجالات الإقتصادية التي برعت فيها المملكة.

اللاجئون في كاليه
حذّر وزير الإقتصاد الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن البركزيت سيؤدي إلى عدم فرض البقاء على اللاجئين في كاليه. بالفعل، ينقل باروش أنّ هناك الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الذين يجدون أنفسهم محتجزين هناك، منتظرين وصولاً مفترضاً إلى أراضي المملكة.