في لقاء سابق مع "ايلاف" ردّ القيادي الكردي زارا صالح على الذين "يحاولون تشويه التاريخ الكردي"، متناولًا ما قاله الباحث السوري ميسرة بكور، والذي تحدث في ندوة عن الأكراد والمناطق التي اعتبرها عربية خالصة، فيما أوضح صالح في وقت لاحق أنه قصد كل "القومجيين الذين يسيئون للأكراد".

إيلاف من لندن: أكد ميسرة بكور، رئيس مركز الجمهورية للدراسات، أنه لم يلغ تاريخ &الشعوب الكُردية، مستغربًا "من أين جاءت هذه الجملة"، وقال لـ"إيلاف": "لم ألغ شيئًا، ولا يمكن إلغاء التاريخ لأن الشعوب التي يطلق عليها مصطلح "كًرد" هي جزء من تاريخ المنطقة وكانت لها اسهامات فيها. وكان من بين الوطنيين السوريين الكُرد المخلصين لوطنهم المؤمنين بأنتمائهم لسورية البطل ابراهيم هنانو. ومنهم القائد يوسف العظمة قائد ميسلون، وكذلك سليمان الحلبي، ومن قبل صلاح الدين الأيوبي، ذلك القائد الاسلامي العظيم, الذي لا يوجد مواطن عربي واسلامي لا يفتخر به".

وأضاف: "قبل أن أغوص في تفاصيل التحليل السياسي والإثبات العلمي اريد ان اقول أنا في هذا المقام لستً أبرر مواقف سابقة ولست في صدد الاعتذار والتراجع عما قلت، أنا هنا فقط لتوضيح ما التبس على بعض المتابعين والاحبة من الشعوب الكردية".

وفي نفس السياق قال: "من خلال حوارات مع اصحاب الحقوق التاريخية المزعومة والانفصاليين أقول إنني لن اصل أنا ومن سبقني ومن سيأتي بعدي &لتوافق مع أولئك، فأولئك لديهم استعداد للتشكيك بالذات الإلهية لو خالفت قولهم، وهم على استعداد أن ينسفوا ما تعارف عليه الناس من البديهيات لو خالفت معتقداتهم وما يعيشون فيه من هوس الحقوق التاريخية".

خليط

وحول ما جاء في قوله إن الكُرد ليسوا أمة وليسوا قومية أو عرقًا أو أصلًا واحدًا، اعتبر أن ما قاله في ندوة "مصر العربية" ليس "من بُنيات أفكاري، بل من بطون الكتب والدراسات التي تعج بها مراكز الدراسات".

وأوضح أن "نفي كون الشعوب الكُردية ليست أمة واحدة لا ينقص من قدرهم ولا قدر بقية الشعوب التي لا تشكل أمة، على سبيل المثال الولايات المتحدة الأميركية ليست أمة واحدة بل هي مكونة من اجناس وشعوب وقبائل الارض كافةُ وهي أقوى دولة في العالم".

وعقّب على كلام القيادي الكردي زارا صالح في حديثه لـ"إيلاف"، وقال من فمه ندينه حيث تطرق الى "قول المؤرخ ديفيد ماكدويل أن الأكراد هم خليط من شعوب الهوريين والميتانيين والسوباريين والميديين"، إذن هو يقر ويقرر ما ذهبنا إليه أن الكُرد ليسوا أمة أو شعبًا واحدًا &بلسانه هو، وهذا كان القصد من كلامي الذي حاول بعض الشعوبيين المتاجرين في عذابات إخواننا من الشعوب الكُردية تجيره لصالحهم وكسب تعاطف الناس مع أوهامهم المزعومة".&

واعتبر بكور أنه "منذ فجر التاريخ اختلف الباحثون والمؤرخون حول أصل الكرد وبداية نشأتهم، وفسر أحد الباحثين تسمية الكرد بأنها تعني القبائل الرحالة الإيرانية (كوجران) التي كانت دون مستوى أهل المدن الاشراف ثقافة ونسباً، ولا تعني التسمية القومية بالمفهوم الحديث، وهذا ما ذهب اليه العلامة ابن خلدون في المقدمة (بدو الفرس)، وهناك قول آخر أن الأكراد من نسل عمرو مزيقيا بن عامر بن ماء السماء وأنهم وقعوا إلى أرض العجم فتناسلوا بها وكثر ولدهم فسموا الأكراد".

وأورد عدة اقوال، منها ما قاله الباحث الالمانى باول وايت "ان الصعوبات فى تعريف كلمة كرد تواجه الاكاديميين منذ القدم، لا يوجد هناك تعريف واحد متفق عليه، وحتى المؤرخ مينورسكى يصف هذا المصطلح (الكرد) بالغامض والمبهم".
&
كما أن بعض المؤرخين يرجع أصل الكرد الى "الهوريين سكان مملكة ميتاني سنة 1500 قبل الميلاد ومنهم من يعتبر ان أغلب الاكراد من الميدين".

ولفت الى أن "بعض المؤرخين الاكراد يركزون على هذه النظرية دون تقديم الدليل والاثبات على صحتها، حيث كانوا يعتبرون ان عصرهم الذهبى بدأ فى القرن السابع قبل الميلاد فى مملكة الميديين، فهذه النظرية ضعيفة وربما مختلقة، وأن محمد أمين زكي (1880 - 1948) في كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) يتألف من طبقتين من الشعوب، الطبقة الأولى، يرى انها كانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ، ويسميها محمد أمين زكي (شعوب جبال زاكروس)، وحسب رأي المؤرخ المذكور شعوب (لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري أو حوري، نايري)، وهي كما يراها الأصل القديم جداً للشعب الكردي. والطبقة الثانية: هي طبقة الشعوب الهندو-أوروبية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كردستان مع شعوبها الأصلية وهم الميديون والكاردوخيون، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلوا&معاً الأمة الكردية".

اشارات غامضة

ورأى في هذا دليل آخر على أن "الكُرد ليسوا شعبًا واحدًا وليسو أمة، كما قال محمد أمين، امتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلوا&معاً الأمة الكردية، كذلك قال الدكتور زياركراتشكي في كتابه (إيران ثورة في انتعاش) والذي طبع في نوفمبر 2000 في باكستان، فإنه بحلول سنة 1500 قبل الميلاد هاجرت قبيلتان رئيسيتان من الآريين من نهر الفولغا شمال بحر قزوين واستقرا في إيران وكانت القبيلتان هما الفارسيون والميديون. وأسس الميديون الذين استقروا في الشمال الغربي مملكة ميديا. وعاشت الأخرى في الجنوب في منطقة أطلق عليها الإغريق، في ما بعد اسم بارسيس، ومنها اشتق اسم فارس، غير أن الميديين والفرس أطلقوا على بلادهم الجديدة اسم إيران التي تعني (ارض الاريين) وهذا دليل آخر يقول إن الميديين هم من شمال بحر قزوين".
&
واستطرد بكور أن "بعض المثقفين الأكراد الذين يعتبرون أنفسهم باحثين في تاريخ الكرد راحوا ينقبون بين ثنايا التاريخ ويببحثون في صفحات الكتب عن إشارات غامضة لعلها تفيد غرضهم في طرح حجتهم على الناس، وعندما لم يجدوا شيئا من التاريخ يفيدهم قاموا بتزويره، وبعدها صدقوا أنفسهم، وحتى إذا وجدوا إشارات قليلة وغير واضحة اعتبروها أنها دلائل على صحة وجهه نظرهم على قدم الوجود الكردي".

وأشار الى أن "أول هذا الكشف في نظرهم هو أن السومريين من اصل كردى، وهذا يدل على سرمدية الوجود الكردي في العراق، وانه سبق وجود كل الشعوب الأخرى، ومن خلال دراساتهم التلفيقية يحاولون لصق اسم الكرد بكل حضارة قديمة، فتراهم يقولون في كتبهم ومقالاتهم ودراساتهم (الحضارة السومرية الاكدية الكردية) (السبي البابلي الكردي لليهود) (جنائن بابل الكردي) وهم يعلمون إن هذه النزعة القومية التعصبية في تمجيد الذات والإقصاء للطرف الآخر تفتقد كل مقومات الحجة والدليل، من خلال الحقائق التاريخية والاكتشافات الأثرية لمدن وادي الرافدين وشعبه العريق في القدم".

ووجه نقدا الى بعض الكتاب الكرد والسياسيين وقال ان هناك بعضا منهم يمارسون "كتابة أساطير الأولين وخلق تاريخ خاص للكرد لا أثر له على ارض الواقع مع العلم انه لم ترد فى تاريخ العراق القديم منذ وجود الحضارة حول تاريخهم المخفي اي &كلمة كرد بتاتا تعبر عن وجود مجموعة عرقية وأقوام أو قبائل تحمل اسم كرد. والباحثون والمنقبون الأثريون لم يكتشفوا فى اي جزء من العراق وخاصة المناطق الشمالية الجبلية أية مخطوطات كردية، وحتى متاحف العالم مليئة بالآثار البابلية والاكدية والآشورية والعربية والعثمانية إلا الكردي..(إياد محمود حسين)".

واستند الى بعض الدراسات المنهجية الاوربية الحديثة التي تظهر نسقًا آخر من التعريف بالاكراد يحيل الى ان "انتشار الشعور القومي في منطقة الشرق الاوسط في مراحل الدولة العثمانية الاخيرة بتأثير من نمو هذا الشعور في البلدان الاوروبية وكجزء من الحرب الاوروبية لإسقاط الخلافة الاسلامية قد اظهر الاكراد كقومية ولم يكن لهم ظهور سابق على هذا الوصف، ووفقا لهذا يرى ماكدويل ظهور الكرد كقومية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بينما يرى لويس ظهورهم في القرن العشرين وتطور هذا الشعور ونما لأسباب عديدة منها رغبة بريطانيا وحلفائها في الظهور بمظهر المنافح عن الاكراد كقومية ليس من اجل الاكراد ذاتهم، انما وصولا الى اهدافها في السيطرة على منطقة الشرق الاوسط".

وشدد على ما ذكره عن عدم وجود لغة كردية جامعة وقال بكور "لا يشكك كرُدي بأن اللغة الكردية &تنقسم إلى أربع&لهجات، بعبارة ادق لغات اربع، اللهجة الكرمانجية الشمالية ومنها (البهديانية والبوتانية والهكارية والأركزية والشكاكية). واللهجة الكرمانجية الجنوبية ومنها (السورانية والأردلانية والهورامانية والكورانية والاموكريانية) واللهجة اللورية ومنها (الكلهورية واللكية والبختيارية) واللهجة الزازكية".

واعتبر أيضا اللغة الكردية تكتب بأحرف الدول التي يعيشون فيها، الا الكُرد السوريون يكتبونها بأحرف لاتينية بسبب ما أسماه "عنصريتهم وكرههم لكل ما هو عربي، ويفضلون ان تسمى عين العرب (كوباني) بالانكليزية، حتى لا ينطقوا الأسم العربي. وكذلك ديار بكر، يطلقون عليها (أميدا)، مع انه اسم روماني، المهم ألّا يكون له اي علاقة بالعربية".

أين حقد العرب؟

وفي ما يتعلق بمدينة "ديار بكر" قال انها "حكمت من قبل السومريين والميديين والحثيين والآشوريين والأرمن والسلوقيين والبارثيين وقد سيطر عليها الرومان عام 66 قبل الميلاد وأطلقوا عليها اسم آميدا. فالذي يحتج علينا بأن ديار بكر اسمها بالأصل أميدا, نقول له أن أميدا اسم روماني وليس كردي.&وسكنتها القبائل العربية (بني بكر) قبل 380 ميلادي".
&
ورأى أيضا أن "من يقول إن الحوريين هم من اسسها نقول له انت جنيت على نفسك وأثبت للمرة الألف انكم لستم من سكان المنطقة &فلا تنتمي اللغة الحورية لا إلى اللغات السامية ولا إلى اللغات الهندية الأوروبية، وهي &تصنف عادة مع مجموعة اللغات القوقازية الشمالية وقد كانت تكتب بحروف مسمارية متنوعة وهذا يثبت ما قلناه بالحرف أن اصولكم من القوقاز واذربيجان وارمينيا. وأما انها تنسب للميديين فقد أثبتنا أن الميديين من شمال القوقاز قدموا للمنطقة ولم يكونوا من ساكنيها".&

أما على الجانب السوري، وحتى قبل سياسة التعريب، أضاف بكور انه "لا تصل نسبة الكرد إلي 20% &وإن كثرة العويل والصراخ لا تخلق حقائق جغرافية أو ديموغرافية، وكان أحد رؤساء سوريا كرديا ومفتي نظام الاسد (أحمد كفتارو) كرديا والدكتور البوطي كرديا, ويوسف العظمة وزير الحربية كرديا وغيرهم العشرات"، متسائلا: "أين حقد العرب على الكُرد؟".

وفي ما يخصه واتهامه بالعنصرية والفاشية ردّ قائلا: "هذا ديدن الفشلة الذين لا يستطيعون مقارعة الحجة بالحجة ولا دليل على ما يقولون، فأسهل طريق هو تشويه الآخر". وكرر بكور: "لست ضد الأكُراد، ولكن أنا ضد من يحاول تزييف التاريخ وكتابة الاساطير ويريد تقسيم بلدنا الجميل بتنوعه وتعدده تحت عناوين الحقوق التاريخية المزيفة, ويطعن في العرب والإسلام بجهل ووقاحة". وقال: "ان العرب الساميين (الكنعانيين الفينيقيين) تواجدوا على أرض الشام قبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد وكذلك الغساسنة (المسيحيين)".

أما الموقف من لواء الاسكندرون وديار بكر وغازي عنتاب وماردين فقال أخيرا: "هي أراض عربية سورية ولا نعترف بالاتفاق الذي تم بين الفرنسيين والترك. والجولان عربي سوري مهما طال الزمان أو قصر".&
&