لا تزال الصحف العربية بنسختيها الورقية والإلكترونية تتابع تبعات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

وتنبأت معظم الصحف بأن الانسحاب سيكون مؤشرًا "لانهيار" أوروبا بشكلها الحالي كما أنه سيغير من قدر بريطانيا، ويعرضها لأزمات سياسية واقتصادية.

"أوروبا أكثر ضعفاً"

قالت صحيفة الوطن القطرية في افتتاحيتها إن نتائج الاستفتاء البريطاني لن تتوقف عند الخروج من الاتحاد، ولكن "ستمتد إلى الداخل البريطاني".

وأضافت أن هذه التداعيات "جعلت سياسيين مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، جون ميجور، وخليفته توني بلير، يحذرون من أن يُؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم انفصال اسكتلندا، إلى تقسيم المملكة المتحدة، وعودة التوتر والنزعة الانفصالية لأيرلندا الشمالية، حيث الكاثوليك القوميون يسعون لضم الإقليم لجمهورية أيرلندا، في حين يرغب خصومهم من البروتستانت في البقاء ضمن المملكة المتحدة".

وفي الصحيفة نفسها، حذر مازن حامد من "تشرذم" الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن أوروبا "لم تعد هي أوروبا التي نعرف" بعد قرار الخروج الذي وصفه بأنه "عنصري النزعة".

وأشار الكاتب إلى أن "خطوة بريطانيا، فيها مقتل لها وللدول الأوروبية عموما، حيث إنه بالإضافة إلى بدء بعض دول الاتحاد في التهديد بالحذو حذو لندن، فإن المراقبين المحايدين يعتقدون أن انسحاب بريطانيا وضع أوروبا على خط الدمار والتشرذم المستمر".

ووصف محمد الحمادي، رئيس تحرير جريدة الاتحاد الإماراتية، الاستفتاء بأنه "حدث تاريخي كبير"، قائلا إنه من "أكبر الهزات التي يمر بها الاتحاد منذ قيامه".

ويذهب ماهر أبو طير في جريدة الدستور الأردنية إلى أن العالم أصبح أمام "أوروبا أكثر ضعفاً، على مستويات مختلفة".

ويرى أيمن الحماد في جريدة الرياض السعودية أن الاستفتاء ترك "القارة العجوز في موقف صعب"، مضيفاً أن "المخيف أكثر هو تفتت بريطانيا، فلم يكد استفتاء انفصال اسكوتلندا يمر بسلام حتى حلّ ما هو أكثر وأشد وطأة بخروج بريطانيا من الاتحاد، واليوم قد يشجع هذا الانفصال على استقلال الأقاليم الأربعة التي تتكون منها المملكة المتحدة".

لن تعود بريطانيا عظمى

من ناحيته، يقول عريب الرنتاوي في جريدة الدستور الأردنية: "لن تبقى بريطانيا التي كانت عظمى ذات يوم، على ما هي عليه بعد الآن"، وإنها ستفتح الباب "رحبا" أمام دول أوروبية أخرى للخروج من الاتحاد.

ويضيف: "بريطانيا ذاتها، التي اشتهرت زمن الحقبة الكولونالية بسعيها الدائب لتقسيم الدول والمجتمعات المُستَعمَرة، وزرع بذور الفتن والحروب اللاحقة فيما بينها، ... بريطانيا هذه، تشق اليوم القارة الأوروبية، وتقود مسيرة تفكيك الاتحاد بعد مرور قرابة الستة عقود على تأسيسه".

أما جريدة الوطن العمانية، فتقول في افتتاحيتها إن "الطلاق البريطاني" من الاتحاد الأوروبي هو مؤشر أن "القومية والشعوبية في ارتفاع لأسباب اقتصادية واجتماعية، وستكتسب المزيد من الزخم مستقبلًا".

ويرى صالح عوض في الجريدة ذاتها أن "انهيار أوروبا" بدأ بالخروج البريطاني، مشيراً إلى أن "تغيُّراتٍ جوهرية ستحصل على الخريطة الدولية والإقليمية".

وحذرت جريدة المغرب التونسية في افتتاحيتها من التبعات الاقتصادية، قائلة: "كل خبراء الاقتصاد يتوقعون تراجع نمو الاقتصاد البريطاني على المدى القصير وهو تراجع قد يشمل الاستثمار الخارجي وخاصة غير الأوروبي مع ما يمثله ضرورة من ارتفاع ولو طفيف في نسبة البطالة المنخفضة حالياً".

وعلى المنوال نفسه، يحذر مراد مراد في جريدة المستقبل اللبنانية، قائلا: "للزلزال هذا، هزات ارتدادية ستنجم عنها موجات تسونامي عملاقة قد تؤدي إلى تفكيك المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وأضاف أن "التداعيات الفورية داخليا شملت انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 1985، أما التداعيات الفورية خارجيا فقد أصابت مباشرة وبشكل حاد أسواق المال العالمية".

أما أحمد بودستور من جريدة الوطن الكويتية فيرى أن "اللعنة السورية" حلت ببريطانيا، مؤكداً "أن اللاجئين السوريين هم القشة التي قصمت ظهر البعير".

ويقول الكاتب: "ﻻ شك أن موقف دول الاتحاد الأوروبي المتردد من قضايا الشرق الأوسط الملتهبة وخاصة القضية السورية يجعلها تدفع الثمن باهظا وهو انهيار الاتحاد الأوروبي وبالتالي انهيار حلف الناتو وفقدان هذه الدول لثقلها السياسي والعسكري مما سيترتب عليه فقدانها لأسواق تقليدية لمنتجاتها في الشرق الأوسط".

فرصة للقوى الضعيفة

على صعيد آخر، يعلق ياسر الزعاترة في جريدة الدستور الأردنية أن من حق العرب أن يفرحوا لقرار بريطانيا "لأن تفاهمات الكبار في العالم لم تكن يوما إلا على حسابنا، وهذا العالم الظالم كان دائما ضد وحدتنا، ومع شرذمتنا بكل وسيلة ممكنة، ويحق لنا أن نفرح حين يراه يذوق من نفس الكأس".

ويضيف "هذه الفوضى التي تتصاعد في المشهد الدولي، وتعدد الأقطاب وتناقضها يفيد القوى الضعيفة، ويتيح فرصة جديدة أمام الشعوب كي تستعيد قرارها بعدما أجهضت محاولتها الأولى عبر ربيع العرب بتواطؤ من المحاور الدولية الكبرى".